اقتصاد دولي

الاستثمار في الامتيازات الرياضية: فرصة واعدة أم مجازفة محفوفة بالمخاطر؟

في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية غير المستقرة، يبحث المستثمرون عن وجهات استثمارية تقدم مزيجًا من الاستقرار وقابلية التنبؤ.

من بين الخيارات المتاحة، يظهر الاستثمار في الامتيازات الرياضية كخيار مغرٍ، حيث يعود تاريخ هذه الامتيازات إلى بدايات القرن العشرين، وما زالت تحتفظ بقيمتها بفضل شعبيتها وقاعدة جماهيرها الوفية.

قد يبدو هذا الاستثمار مغرياً، لكن كما يقول المثل: “ليس كل ما يلمع ذهبًا”.  ونستعرض في هذا التقرير الإيجابيات والسلبيات للاستثمار في هذا المجال بعيداً عن الانطباعات الأولية.

أولاً: إيجابيات الاستثمار في الامتيازات الرياضية

1- قاعدة جماهيرية متفانية

– تحظى الأندية الرياضية بقاعدة جماهيرية عريضةٍ ومتفانية، وولاؤها لا يُضاهى.

– يترقب عشاق اللعبة في كثير من المناطق الفرص للحصول على تذاكر موسمية.

– ينعكس هذا الولاء الكبير في إقبال جماهيري مستمر على شراء منتجات الأندية، بدءًا من تذاكر المباريات ووصولًا إلى مختلف السلع الرياضية.

2- عوائد مالية ضخمة من مصادر متنوعة

– تشكّل مبيعات التذاكر والحقوق الإعلامية والبث التلفزيوني وصفقات الرعاية مصادر ربحية هائلة للفرق الرياضية.

– على سبيل المثال، تنشئ بعض الدوريات قنوات تلفزيونية خاصة بها، مما يمكنها من تحقيق أرباح إعلانية مباشرة.

3- احتكار شبه كامل في السوق

– تستحوذ الدوريات الرياضية الكبرى، وعلى رأسها الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، على حصة الأسد من السوق المحلي في المدن التي تستضيف مبارياتها.

– يعزز هذا الاحتكار حواجز اقتصادية وقانونية مرتفعة، مما يجعل من الصعب على أي منافس جديد أن يجد موطئ قدم في هذا السوق.

4- مرونة في التأقلم مع التكنولوجيا الحديثة

– حققت الرياضات الاحترافية قفزة نوعية في تبني التقنيات الحديثة، مما أدى إلى تعزيز تجربة المشجعين بشكل ملحوظ.

– وبفضل البث المباشر عبر الهواتف المحمولة والأثير وخدمات الدفع مقابل المشاهدة، شهدت مصادر الإيرادات الرياضية نموًا هائلاً.

5- استمرارية العمل بين الأجيال

– لا تعرف مشاعر الولاء للفرق الرياضية حدود الزمن، فهي تنتقل من جيل إلى آخر كإرث ثمين، مدفوعةً بتداول تذاكر الموسمية والبضائع الرياضية، مما يضمن استدامة الطلب على المدى البعيد.

ثانيًا: تحديات ومخاطر الاستثمار في الامتيازات الرياضية

1- تأثير الظروف الاقتصادية

– يتأثر الطلب على الترفيه الرياضي بشكل مباشر بالوضع الاقتصادي، حيث تؤدي الأزمات المالية – كما حدث في أعقاب أزمة عام 2008 وجائحة كوفيد-19، إلى انخفاض ملحوظ في الحضور الجماهيري والمبيعات، مما ينعكس سلبًا على الإيرادات.

2- الفضائح الرياضية والأزمات الأخلاقية

– تواجه الرياضة تحديات مستمرة تتعلق بالسمعة، حيث تؤثر الفضائح الأخلاقية والسلوكية للاعبين والمدربين سلبًا على العلامة التجارية للأندية، مما يؤدي إلى تراجع الإيرادات وفقدان ثقة الجماهير.

3- ارتفاع التكاليف التشغيلية

– ترتفع تكاليف الأندية الرياضية بشكل كبير بسبب رواتب النجوم المرتفعة والنفقات التشغيلية الباهظة.

– وفي حال عدم تحقيق نتائج رياضية مرضية، تتأثر الأرباح سلبًا بشكل ملحوظ.

4- مرونة الطلب وتأثير الأسعار

– إن أي ارتفاع في تكلفة التذاكر أو انخفاض في الطلب الاستهلاكي لدى الجماهير من شأنه أن يؤثر سلبًا على الإقبال على المباريات وبالتالي على الإيرادات

5- مخاطر بشرية وإدارية

– قد تتسبب إضرابات اللاعبين أو تصرفات القادة غير المسؤولة في تكبد خسائر مالية فادحة.

– تجعل هذه المخاطر الاستثنائية من الضروري توخي الحذر الشديد عند الاستثمار.

كيف يمكن تحسين فرص النجاح في الاستثمار الرياضي؟

– لتحقيق أقصى استفادة من الاستثمار في الامتيازات الرياضية، يمكن اتباع استراتيجيات مدروسة تعمل على تقليل المخاطر وتعظيم العوائد.

أفكار تسهم في تعزيز نجاح الاستثمار الرياضي

1- تحليل السوق المحلي والعالمي

يتطلب الاستثمار في المجال الرياضي، سواء في فرق أو دوريات، دراسة معمقة للسوق المستهدفة.

ومن أبرز العناصر التي يجب النظر فيها، العوامل الجغرافية كحجم القاعدة الجماهيرية وولائها، وكذلك طبيعة المنافسة في المنطقة.

بهذه الطريقة، يمكن اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة تعزز فرص النجاح.

2- تنويع مصادر الدخل

يمكن للفرق الرياضية بدلاً من الاعتماد فقط على مبيعات التذاكر أو حقوق البث، إنشاء شراكات جديدة مع العلامات التجارية الكبرى، وتوسيع منتجاتها مثل إنشاء أكاديميات رياضية، أو الاستثمار في التقنية الرياضية مثل تطبيقات اللياقة البدنية أو التحليل الرياضي.

3- استخدام التكنولوجيا لزيادة التفاعل مع الجمهور

تساهم منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهواتف الذكية، وألعاب الفيديو المخصصة للفرق الرياضية في تعزيز التفاعل الجماهيري، مما يوطّد العلاقة بين الفريق وجماهيره ويؤدي إلى بناء قاعدة جماهيرية أكثر ولاءً، مستعدة لدعم الفريق مادياً وشراء منتجاته.

4- تعزيز العلامة التجارية وحمايتها

يسهم الاستثمار الأمثل في فرق التسويق والعلاقات العامة في التخفيف من آثار الأزمات الأخلاقية والفضائح المحتملة، وتعزيز قدرة المؤسسة على تجاوزها بسلام.

كما أن جهود بناء صورة إيجابية للعلامة التجارية، من خلال المبادرات المجتمعية كبرامج التعليم والأنشطة الخيرية، تساهم في تعزيز مكانة المؤسسة لدى الجمهور وزيادة ولائه لها.

5- استغلال الشراكات الدولية

يمثل التوجه نحو العالمية أداة فاعلة لتعظيم العائدات. فمن خلال التعاون مع دوريات وفرق رياضية عالمية، وتوسيع نطاق المنافسات ليشمل أسواقاً جديدة كآسيا والشرق الأوسط، يمكن مضاعفة الإيرادات وتوسيع قاعدة الجماهير المعرفة بالعلامة التجارية.

6- الاستثمار في تطوير اللاعبين

يُعد إنشاء أكاديميات متخصصة في تدريب الشباب وصقل مواهبهم استثمارًا واعدًا، حيث يساهم في تخفيف العبء المادي الناجم عن شراء اللاعبين المحترفين.

علاوة على ذلك، يمكن لهذه الأكاديميات أن تشكل مصدراً مستقراً للدخل من خلال بيع حقوق اللاعبين الموهوبين الذين يتم تخريجهم إلى الأندية الأخرى.

7- الاستفادة من الاقتصاد الرقمي

يمثل بيع التذاكر عبر الإنترنت، وتوفير خدمة بث مباشر عالية الجودة للمباريات، وإنتاج محتوى ترفيهي متميز، كالأفلام الوثائقية عن الفرق الرياضية، مصادر دخل واعدة تساهم في تعزيز الأرباح.

الخلاصة؛

– يُعد الاستثمار في الامتيازات الرياضية فرصة واعدة لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، مدفوعًا بحجم الجماهير المخلصة وسيطرة شبه مطلقة على السوق.

– إلا أن هذه الفرصة تأتي محاطة بمخاطر جمة، من بينها التقلبات الاقتصادية والفضائح الأخلاقية وارتفاع التكاليف.

– لذا، ينبغي على المستثمرين الراغبين في الدخول إلى هذا القطاع أن يجروا دراسة معمقة للسوق، وأن يكونوا على دراية كاملة بالمخاطر المحتملة، وأن يستغلوا تنوع مصادر الدخل المتاحة.

– وفي الختام، يمكن لهذه الاستثمارات أن تحقق عوائد مجزية شريطة التخطيط السليم والإدارة الحكيمة.

المصدر: إنفستوبيديا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى