منوعات اقتصادية

اندماج نيسان وهوندا .. هل يمثل بداية عصر جديد لصناعة السيارات اليابانية؟

مثّلت صادرات الصين المقاسة بالدولار، ما يعادل ثلث شحنات الولايات المتحدة وحوالي نصف صادرات اليابان وألمانيا في عام 2000، قبل أن تصبح الصين أكبر مصدر للبضائع في العالم، بحلول عام 2009.

وتجاوزت الصين اليابان لتصبح ثاني أكبر سوق للسيارات في العالم، بعد الولايات المتحدة، في عام 2006، قبل أن تحتل المركز الأول العام الماضي، بمبيعات تجاوزت 30 مليون مركبة، مقارنة بالولايات المتحدة التي جاءت في المركز الثاني بنحو 15 مليونًا.

وخلال عام 2023، سجلت مبيعات السيارات في السوق الياباني 4.8 مليون سيارة تقريبًا، لتحتل اليابان المركز الثالث عالميًا، واستحوذت شركة “تويوتا” على نحو ثلث المبيعات المحلية في ذلك العام، فيما اشترى السوق الهندي أكثر من 4 ملايين سيارة لأول مرة.

ومع تنامي التحديات أمام صناع السيارات التقليدية في ظل الاتجاه العالمي للتحول نحو المركبات النظيفة، وفي ظل ملاحقة الصناعة للتقدم الصيني، يظهر السؤال: ما الدافع وراء سعي الشركتين اليابانيتين “نيسان موتور” و”هوندا موتور” لبحث الاندماج؟

هل هي محاولة للتغلب على المنافسة المستعرة؟ وما النتائج المحتملة لهذا الاندماج على مستوى الشركتين والصناعة؟

السبب: تحديات السوق أم أزمة نيسان؟

– شهدت كل من “هوندا” و”نيسان” انخفاضًا حادًا في المبيعات بالصين وجنوب شرق آسيا هذا العام وسط تفوق “تسلا” وشركات صناعة السيارات الصينية الأرخص، واضطرت إلى خفض الطاقة الإنتاجية مع تقلص الطلب العالمي.

– باعت “هوندا” حوالي 4.2 مليون سيارة العام الماضي، بينما باعت “نيسان” حوالي 3.4 مليون سيارة، في مقابل بيع “تويوتا” و”فولكس” حوالي 11.2 مليون و9.2 مليون سيارة على التوالي.

– في أواخر الشهر الماضي، قال اثنان من المديرين التنفيذيين لدى “نيسان” لصحيفة “فاينانشال تايمز” إن الشركة لديها نحو عام فقط للبقاء، حيث خفضت الإنتاج وطلبت من الوكلاء بيع السيارات بخسارة.

– انخفضت أرباح وكلاء “نيسان” في الولايات المتحدة بنسبة 70% على أساس سنوي منذ بداية العام الجاري، كما تقلصت الأرباح التشغيلية بنسبة 99% في الربع المالي الأول.

– كما تراجعت المبيعات بوتيرة أكثر حدة في الصين، حيث تحل العلامات التجارية للسيارات المحلية محل نظيرتها الغربية والآسيوية الأخرى بوتيرة متسارعة منذ سنوات.

– باعت “هوندا” و”نيسان” و”ميتسوبيشي” مجتمعة حوالي 4 ملايين سيارة على مستوى العالم خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، وهو أقل بكثير من 5.2 مليون سيارة باعتها “تويوتا” منفردة.

– بلغت قيمة “هوندا” 6.8 تريليون ين (44.4 مليار دولار) عند إغلاق تداولات الثلاثاء في طوكيو (قبل التقارير التي تحدثت عن الدمج)، وهو ما يتجاوز بكثير القيمة السوقية لشركة “نيسان” البالغة 1.44 تريليون ين، لكن قيمتهما المجمعة تبدو متواضعة مقارنة بقيمة “تويوتا” البالغة 42.2 تريليون ين.

– تظهر بعض التكهنات أن تحرك “هوندا” مدعوم من قبل الحكومة اليابانية، بسبب تقارير تفيد بأن شركة صينية لصناعة السيارات قد تستحوذ على بعض أو كل “نيسان”، للاستفادة من شبكة وكلائها في الولايات المتحدة وأوروبا.

ماذا سينتج؟

– أفاد تقرير لصحيفة “نيكاي” اليابانية أن “نيسان” و”هوندا” تخططان للدخول في مفاوضات بشأن الاندماج، مشيرة إلى أن الشركتين المحليتين تتوقعان توقيع مذكرة تفاهم قريبًا.

– أضاف التقرير أن الشركتين تسعيان أيضًا إلى ضم “ميتسوبيشي موتورز”، والتي تعد “نيسان” المساهم الأكبر فيها بحصة تقترب من 25%، إلى الصفقة.

– ردًا على التقرير، قالت ثاني وثالث أكبر شركات صناعة السيارات اليابانية في بيان مشترك: “كما أُعلن في مارس من هذا العام، تستكشف هوندا ونيسان إمكانيات مختلفة للتعاون في المستقبل، والاستفادة من نقاط قوة كل منهما، وسنبلغ أصحاب المصلحة لدينا بأي تحديثات في الوقت المناسب”.

– يتوقع محللو “سيتي” أن يخلق الاندماج المتوقع ثالث أكبر كيان لصناعة السيارات في العالم من حيث المبيعات، مع 8 ملايين مركبة سنويًا، بعد اليابانية “تويوتا موتور” والألمانية “فولكس فاجن”.

– بلغ إجمالي مبيعاتهما العام الماضي 7.35 مليون سيارة، وهو ما يزيد على 7.31 مليون سيارة أعلنت عنها “هيونداي” الكورية الجنوبية وشركتها التابعة “كيا” والتي تعد حاليًا ثالث أكبر مجموعة سيارات في العالم.

– يتبع التحرك نحو الاندماج قرارًا اتخذته الشركتان في وقت سابق من هذا العام للدخول في شراكة تقنية، بالعمل معًا على تطوير بطاريات السيارات الكهربائية والبرمجيات.

– يتوقع المحللون توحيد صناعة السيارات اليابانية بعد الاندماج في معسكرين رئيسيين: الأول تسيطر عليه “هوندا” و”نيسان” و”ميتسوبيشي”، في مقابل فريق آخر يتألف من شركات “تويوتا”، والتي استحوذت على حصص في “سوبارو” و”سوزوكي” و”مازدا”.

– يتجاوز الاندماج الكامل الصفقة العملاقة التي نتج عنها تشكل شركة “ستيلانتيس” والبالغة قيمتها 52 مليار دولار، من خلال الجمع بين أعمال “فيات كرايسلر” و”بي إس إيه” في عام 2021.

فوكسكون تُشعل فتيل المنافسة

– أكد “شينجي أوياما” نائب الرئيس التنفيذي لـ “هوندا” في تصريح لوكالة “بلومبرج”، أن شركته تدرس عدة خيارات من بينها الاندماج مع “نيسان”، أو تأسيس شركة قابضة تجمع الشركتين.

– نقلت الوكالة عن مصادر على دراية بالأمر، أن المباحثات بين الشركتين اكتسبت زخماً بعدما عرضت صانعة الإلكترونيات التايوانية “فوكسكون” على “نيسان” شراء حصة فيها.

– يتبع ذلك إعلان شريكة “آبل” في إنتاج “أيفون”، عام 2019، الدخول في أعمال المركبات الكهربائية، عن طريق الاستثمار بكثافة في المصانع لتطوير ذلك النوع من السيارات النظيفة.

– عقب تقارير الاندماج، قفزت أسهم “نيسان” (التي فقدت ثلثي قيمتها منذ اعتقال الرئيس السابق “كارلوس غصن” في أواخر عام 2018) بنسبة قياسية بلغت 24% في تداولات طوكيو الأربعاء، بينما انخفض سهم “هوندا” بنسبة 3% إلى أدنى سعر إغلاق له في أكثر من عام.

– تتطلب الهيمنة على سوق السيارات الكهربائية استثمارات ضخمة لا تقتصر على المال فحسب، بل تمتد لتشمل الخبرات التقنية والبشرية، فصناعة البطاريات والبرمجيات وتطوير سلاسل التوريد تتطلب ميزانيات ضخمة وبنية تحتية متقدمة.

– في حين استثمرت الشركات الصينية، مثل “بي واي دي”، بكثافة في هذه المجالات، ما يجعلها منافسًا شرسًا للشركات اليابانية، فإن على الأخيرة أن تتخذ قرارات حاسمة لمواكبة هذا التطور السريع، وإلا فإنها ستواجه خطر فقدان مكانتها في السوق، فهل تكون صفقة الاندماج المحتملة خطوة على طريق النجاح؟

المصدر: أرقام – موقع الاحتياطي الفيدرالي – بلومبرج – رويترز – سي إن بي سي – ماركت ووتش – نيويورك تايمز – فوربس – نيكاي – موقع فاكتوري وارنتي ليست – موتور وان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى