مختارات اقتصادية

صدمة عابرة أم بداية تصحيح .. ما وراء الهبوط الحاد للأسواق عقب قرار الفيدرالي؟

بعد حوالي 90 دقيقة من إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، الأربعاء، ومع انتهاء “جيروم باول” من كلمته، تسارعت عمليات البيع في الأسواق المالية، وكانت هي الأسوأ مقارنة بالجلسات التي أعقبت اجتماع السياسات منذ بداية الجائحة.

وخفض الفيدرالي أسعار الفائدة، أمس، وهي خطوة متوقعة على نطاق واسع، لكنه أشار إلى تباطؤ وتيرة تيسير السياسة النقدية في المستقبل، حيث أظهرت توقعات صناع السياسات الفصلية أن أسعار الفائدة ستكون في نطاق يتراوح بين 3.75% و4% نهاية عام 2025.
 

كما تخلى أعضاؤه عن توقعات عودة التضخم إلى هدف 2% العام المقبل، وهي التقديرات التي كانوا يثقون بتحققها حتى سبتمبر الماضي.
وأظهرت أداة “فيد ووتش”، توقع الأسواق بنسبة 91.4% تثبيت الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل، وهو ما يعد ارتفاعًا حادًا من 54% قبل شهر، فماذا حدث أمس في الأسواق المالية؟
الهلع يصيب الأسواق
– خفض أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة توقعاتهم الفصلية لوتيرة التيسير النقدي إلى نصف ما توقعوه في سبتمبر، حيث يتوقعون حاليًا خفضين لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في عام 2025، تراجعًا من مرات الخفض الأربع التي كانت متوقعة سابقًا.
– في مؤتمر صحفي عقب اجتماع السياسات، قال “باول” إن عدم اليقين المحيط بتوقعات التضخم لعام 2025 دفع بعض أعضاء اللجنة إلى تقليص توقعاتهم بشأن التيسير النقدي.
– أنهت العائدات على ديون الحكومة الأمريكية لأجل 10 و30 عامًا تعاملات الأربعاء عند أعلى مستوياتها منذ مايو، فيما قفز العائد على سندات الخزانة لأجل عامين بمقدار 11.1 نقطة أساس إلى 4.350%، وهو أعلى إغلاق منذ 22 نوفمبر.
– انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي بمقدار 1123 نقطة، أو 2.6%، إلى 42326 نقطة، مسجلاً أطول سلسلة خسائر له منذ عام 1974، ومتجهًا لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ مارس 2023.

– فيما تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 2.95% بما يعادل 178 نقطة عند 5872 نقطة، ليخسر 1.6 تريليون دولار من قيمته السوقية، وانخفض مؤشر “ناسداك” بنحو 3.55% بما يعادل 716 نقطة عند 19392 نقطة.
– كانت آخر مرة شهد فيها مؤشر “إس آند بي 500” خسائر كبيرة كتلك خلال الجلسات المتزامنة مع صدور قرار الفيدرالي، في تداولات 17 سبتمبر 2001، عندما انخفض بنحو 5%، وكذلك عندما تراجع بنسبة 12% في 16 مارس 2020، بعد يوم من الاجتماع الطارئ للبنك أثناء الجائحة.
ما الذي أربك الأسواق؟
– أدى موقف الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة إلى رفع قيمة الدولار، مما قلل من جاذبية الاستثمارات في الأسواق الناشئة، وقد أدى هذا إلى انخفاضات في سندات الدولار السيادية لدول مثل نيجيريا ومصر وكينيا، مما يعكس الضغوط الواسعة النطاق في أسواق الديون الناشئة.
– إن ارتفاع الدولار على خلفية أسعار الفائدة المرتفعة، والتعريفات الجمركية المحتملة من الرئيس المنتخب “دونالد ترامب”، يجعلان توقعات تخفيف السياسة في جميع أنحاء العالم أكثر غموضًا.
– رغم إصرار البنوك المركزية العالمية على أن قرارات السياسة النقدية الخاصة بها تتخذ بشكل مستقل عن الفيدرالي، إلا أن تحركات العملات قد تجبرها على التدخل.
– ارتفعت العملة الأمريكية مقابل اليابانية بنسبة 1.75% إلى 157.57 ين، الخميس، ليسجل الين أدنى مستوى منذ يوليو، وحامت قيمة الوون بالقرب من أضعف مستوياتها منذ مارس 2009، وهبطت الروبية الهندية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث هبطت إلى ما دون مستوى 85 مقابل الدولار.
– أبقى بنك اليابان اليوم على سعر الفائدة القياسي عند 0.25%، مع رأي أحد الأعضاء بزيادة تكاليف الاقتراض، وأوضح المركزي أنه سيأخذ الوقت الكافي لتقييم تأثير الأسواق المالية وأسواق الصرف الأجنبي على النشاط الاقتصادي في اليابان.

– من المتوقع أن يخفض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بشكل أكبر العام المقبل، حيث تتوقع أسواق المال انخفاض سعر الفائدة الرئيسي إلى 1.75% بحلول أكتوبر المقبل انخفاضًا من 3% حاليًا، ومع ذلك، إذا تعزز الدولار أكثر ليصل إلى التكافؤ مع اليورو، فيتوقع المحللون أن يبطئ المركزي الأوروبي وتيرة التيسير النقدي.
– أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة ثابتة كما كان متوقعًا في اجتماعه الأخير لهذا العام، لكن الأسواق فوجئت بمدى الانقسام بين صناع السياسات، ولا يزال من المتوقع أن يتحرك البنك ببطء بشأن خفض أسعار الفائدة العام المقبل، ومع ذلك، فإن أسواق المال تسعر حاليًا خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس في 2025.
– بالعودة إلى الولايات المتحدة، كانت توقعات الفيدرالي لعام 2025، أكثر إثارة للقلق من أي عامل مؤثر آخر، وتسببت في ارتفاع مؤشر “الخوف في وول ستريت” بنسبة 74%، الأربعاء، وهي ثاني أكبر زيادة يومية له على الإطلاق.
– يرى بعض المعلقين أن الفيدرالي بعث برسائل مختلطة، مثل القول إنه سيبحث عن مزيد من التقدم بشأن احتواء التضخم في الوقت الذي يخفض فيه أسعار الفائدة، ودعا محللون إلى مزيد من الحسم في خطاب صناع السياسة حتى لو اتبعوا نهجًا أبطأ في خفض الفائدة.
– علق “جيم كرامر” من “سي إن بي سي” على الهبوط الحاد للأسهم بالقول: “كنا لنكون في وضع أفضل كثيرًا لو تبنى الفيدرالي صراحةً نهج الانتظار والترقب قبل هذا الاجتماع، لكنه أرسل رسالة خاطئة هذه المرة، ومن هنا جاء الانهيار”.
بداية تصحيح أم انحسار للخوف؟
– أظهرت الأسواق المالية، الخميس، بعض علامات التعافي مع تقييم صدور بيانات اقتصادية قوية، والتي أشارت إلى أن الفيدرالي يتخذ الخطوة الصحيحة في التخطيط لتقليص وتيرة التيسير النقدي في عام 2025.
– تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي معدل موسميًا بلغ 3.1% خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وهو ما يزيد بنحو 0.3 نقطة عن التقدير السابق وأعلى من تقديرات المحللين البالغة 2.9%.

– ارتفع إنفاق المستهلكين، الذي يمثل نحو ثلثي إجمالي النشاط في الاقتصاد الأمريكي الذي يبلغ حجمه 29.4 تريليون دولار، بنسبة 3.7% في الربع، وهو ما يزيد بنحو 0.2 نقطة عن التقدير السابق.
– بلغ إجمالي طلبات إعانات البطالة 220 ألف طلب للفترة المنتهية في 14 ديسمبر، وهو انخفاض بنحو 22 ألف طلب عن الفترة السابقة وأقل من توقعات المحللين البالغة 230 ألف طلب.
– عقب صدور البيانات، قلصت عوائد السندات طويلة الأجل مكاسبها، مع تراجع عائد سندات الخزانة لأجل عامين بأكثر من 6 نقاط أساس، مما دفع المؤشرات الأمريكية الثلاثة للارتفاع.
– خلال تعاملات الخميس، هدأت المخاوف قليلًا، وتراجع مؤشر الخوف، الذي يقيس التقلبات المتوقعة في سوق الأسهم الأمريكية، بنحو 25%، وعوضت المؤشرات الرئيسية جزءًا كبيرًا من خسائرها.
– قالت “جولي كوزاك” المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، الخميس، إن المقرض الدولي يعتبر خفض الفيدرالي للفائدة، وتبنيه نظرة أكثر حذرًا، أمرًا مناسبًا نظرًا لحالة عدم اليقين الاقتصادي المرتفعة في الولايات المتحدة.
– فهل تثبت الأيام القادمة أن خسائر الأربعاء، كانت مجرد صدمة عابرة ناتجة عن مبالغة الأسواق في الرهان على خفض الفائدة السريع؟ أم أن الأسواق وصلت بالفعل إلى نهاية السباق بعد عامين متتاليين من المكاسب المذهلة، خاصة مع وضع الضغوط التضخمية المحتملة نتيجة سياسات “ترامب” في الاعتبار؟
المصدر: أرقام – موقع الاحتياطي الفيدرالي – سي إن بي سي – ماركت ووتش – ياهو فاينانس – مورنينج ستار- رويترز

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى