أكبر تجمع غذائي بالمنطقة… حجر الزاوية لتحقيق الأمن الغذائي السعودي
يضم التجمع الصناعي الغذائي حالياً 124 مصنعاً منتجاً بحجم استثمارات يبلغ نحو 5.5 مليار دولار.
تعمل المملكة العربية السعودية بخُطاً ثابتةً على تعزيز أمنها الغذائي، متصدّرةً الجهود الإقليمية نحو بناء منظومة غذائية مستدامة وشاملة.
وتسعى المملكة إلى استثمار مليارات الدولارات في أكبر تجمُّع غذائي بالمنطقة، والذي من المتوقع أن يكون حجر الزاوية في تحقيق أهداف رؤية 2030.
يهدف هذا التجمع إلى ضمان استقرار الإمدادات الغذائية وتنويع مصادرها من خلال تقنيات مبتكرة واستراتيجيات استثمارية تدعم الإنتاج المحلي وتحافظ على الموارد الطبيعية.
الأكبر إقليمياً
ويمثل أكبر تجمع غذائي بالمنطقة خطوة نوعية في مسيرة المملكة نحو تحقيق الأمن الغذائي المستدام وتعزيز دورها القيادي إقليمياً وعالمياً.
وكشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن استثمارات سعودية تصل قيمتها إلى 20 مليار ريال (نحو 5.5 مليار دولار) في إطار تطوير أكبر تجمُّع صناعي غذائي بالشرق الأوسط.
وأوضح الخريف، في تصريحاته لصحيفة “الشرق”، يوم 24 نوفمبر الماضي، خلال تدشين التجمع في جدة والذي يمتد على مساحة 11 مليون متر مربع، أن شركتين برازيليتين رائدتين في إنتاج اللحوم الحمراء والدواجن تعتزمان استثمار نحو 10 مليارات ريال (نحو 2.75 مليار دولار)، إضافة إلى برنامج استثماري “ضخم” تخطط له شركة “نستله”، دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول حجمه.
وأشار الوزير إلى أن تقدير حجم الاستثمارات الكلي مبنيٌّ على محادثات موسعة مع عديد من الشركات، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي بعد اهتمام واضح من قطاع الصناعات الغذائية في المملكة.
ويضم التجمع حالياً 124 مصنعاً منتجاً باستثمارات إجمالية تبلغ 4.4 مليارات ريال (نحو 1.17 مليار دولار)، مع قدرة إنتاج تصل إلى 4 ملايين طن سنوياً موزعة على 10 أنشطة صناعية.
ولا يقتصر دور التجمع على دعم السوق المحلية، بل يهدف أيضاً إلى رفع قيمة الصادرات الغذائية إلى نحو 8 مليارات ريال سنوياً (نحو 2.13 مليار دولار).
وقد بلغت صادرات المملكة الغذائية في الربع الثالث من العام الجاري، نحو 5.5 مليار ريال (نحو 1.33 مليار دولار)، مقارنة بـ4.7 مليارات ريال (نحو 1.25 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتشمل هذه الصادرات منتجات متنوعة، منها الحيوانات الحية، والمنتجات النباتية، والزيوت، والشحوم، وغيرها.
وأكد الوزير أن المملكة تقدم مجموعة من الحوافز للمستثمرين، بما يشمل خدمات المساندة، والبنية التحتية، وتوفير المواقع بأسعار تنافسية، وإعفاءات مؤقتة في بعض الحالات.
كما كشف عن خطط لإنشاء تجمع غذائي آخر في منطقة جازان، يركز على اللحوم، مستفيداً من الموقع الجغرافي المميز للمنطقة لتعزيز الإنتاج والتصدير.
انعكاسات إيجابية
ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن أهمية المشروع تكمن في أنه سيشكل دعامة مهمة للتنويع الاقتصادي في المملكة، فضلاً عن تحقيق الأمن الغذائي ورفع مستوى القيمة المضافة للعناصر الإنتاجية الداخلة في هذه الصناعات.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن المملكة سوف تسهم من خلال هذا التجمع الغذائي في تحقيق الأمن الغذائي، حيث من المتوقع وصول القدرة الإنتاجية إلى 4 ملايين طن سنوياً من 124 مصنعاً يضمها هذا المشروع.
ويعتقد صدام أنه في هذه الحالة سيدعم المشروع أيضاً الأمن الغذائي في دول المنطقة، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؛ لكونه يستهدف تصدير ما يقارب 2 مليار دولار أمريكي من المواد الغذائية.
وحول الدور الاقتصادي على المملكة، يبين أن المشروع سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وهذا يعني توسيع السوق وخلق حالة من التشابكات القطاعية داخل الاقتصاد السعودي، بما يعزز فرص النمو الاقتصادي، فضلاً عن فرص التوظيف التي تقدر بحدود 7 آلاف وظيفة حالياً و43 ألف وظيفة خلال العقد القادم.
ويؤكد صدام أن الصناعات الغذائية ستحفز الأنشطة الزراعية المختلفة التي تدخل منتجاتها كمواد أولية في هذه الصناعات، مما يسهم في رفع مستوى مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.
إنجاز عالمي
ومن ناحية أخرى، أعلنت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن”، خلال تدشين التجمع في جدة، عن تسجيل “التجمع الغذائي بجدة” إنجازاً عالمياً بدخوله موسوعة “غينيس” كأكبر تجمع غذائي من حيث المساحة.
وأوضحت الهيئة أن هذا الإنجاز يعكس التزام المملكة بتحقيق أهداف “رؤية 2030″، التي تسعى إلى تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، إلى جانب تطوير سلاسل القيمة الغذائية ودعم نموها، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”.
ويأتي ذلك في إطار ترسيخ مكانة المملكة كوجهة إقليمية جاذبة للاستثمارات في مجال الصناعات الغذائية، سواء المحلية أو الدولية.
ويضم المشروع في جدة مشاركة 10 جهات خاصة وخمس جهات حكومية متعاونة في تطوير سلاسل الإمداد الغذائي.
كما تم خلال الحفل تسليم شهادة موسوعة “غينيس”؛ اعترافاً بالمشروع، الذي بات علامة فارقة في تطوير القطاع الغذائي.
وتتضمن منطقة مكة المكرمة 6 مدن صناعية موزعة بين جدة (المدن الثلاث الصناعية الأولى والثانية والثالثة)، ومكة المكرمة (الأولى والثانية)، ومدينة صناعية في الطائف، إضافة إلى واحة مدن في جدة.
وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه المدن أكثر من 50 مليون متر مربع، وتحتضن أكثر من 2000 منشأة صناعية متخصصة في مجالات متنوعة تشمل الصناعات الغذائية، والدوائية، والمعدنية، والكيميائية.