الاستزراع المائي بالسعودية.. ثروة ضخمة تعاني العجز وسوء التخطيط
كتب أسامة صالح
تعاني مشاريع الاستزراع المائي في المملكة العربية السعودية من الخسائر والعجز المتكرر سنوياً، حيث بلغ حجم العجز في قطاع إنتاج الثروة السمكية 200% سنوياً؛ إذ إن إنتاج المملكة من المصائد والاستزراع السمكي يصل إلى نحو 100 ألف طن سنوياً، في حين أن الاستهلاك يتراوح بين 285 إلى 300 ألف طن سنوياً.
وتعرضت العديد من المشاريع المتخصصة بالاستزراع المائي “السمكي”، خلال الفترة الأخيرة إلى مشاكل كبدت المستثمرين والاقتصاد المحلي خسائر كبيرة، أصبح جميع المهتمين بهذا الشأن يبحثون عن مخارج آمنة تُشجع المستثمرين على الإقدام بالاستثمار في مجال الاستزراع المائي، إضافة إلى حماية ما هو قائم منها.
وتسعى المملكة العربية السعودية إلى تطوير صناعة الاستزراع المائي الواعدة، التي تساهم في تنفيذ خطط وسياسة الحكومة المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي الداخلي عبر تنمية قطاع الثروة السمكية، حيث تهدف الخطط للوصول بالإنتاج المحلي إلى مليون طن سنوياً بحلول عام 2029، من خلال التوسع في مشاريع الاستزراع السمكي على السواحل أو داخل البحر في الأقفاص العائمة، لأن ما يتم إنتاجه حالياً لا يوفر الأمن الغذائي.
وقيام صناعة متطورة بهذا الحجم للاستزراع المائي قد تؤمن توفير متطلبات الاستهلاك الداخلي كما أنها تساهم في تنمية المناطق الأقل تطوراً، وتقلل نسبة الهجرة من المناطق النائية للمدن، ومن المتوقع أن من يعمل في هذا المجال نحو 400 ألف عامل، بحسب وزارة الزراعة السعودية، التي تشير إلى أنها ستساهم في تحقيق النمو الاقتصادي متنوع المصادر.
مدير عام إدارة المزارع السمكية في الوزارة أحمد العيادة أكد سعي الجهات الحكومية والقطاع الخاص إلى إيجاد صناعة استزراع واعدة ترفع الإنتاج تدريجياً في السنوات الأربع المقبلة من 100 ألف طن إلى نحو مليون طن سنوياً.
ويبدو أن وزارة الزراعة مهتمة في تحقيق التنمية والاستدامة لمشاريع الاستزراع المائي في المملكة وحمايتها من التقلبات التي تتعرض لها، من خلال عقد ندوات وورشات عمل وحضور مؤتمرات دولية في الفترة الأخيرة بحضور عدد من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص، ويرى اقتصاديون واستثماريون أن تلك الفعاليات لا تكفي للنهوض بهذه الثروة مجدداً ما لم يكن هناك خطط واضحة تطّبق على أرض الواقع.
ونتيجة لحجم المخاطر التي تتعرض لها صناعة الاستزراع المائي الكبيرة، عدّ العيادة، التأمين بأنواعه المختلفة حافزاً وداعماً كبيراً لجميع الأنشطة الاقتصادية؛ إذ إنه المحرك الحقيقي للتنمية وأحد أعمدتها الرئيسة ومطمئن وضامن لاستمراريتها، مؤكداً أنه بات من الأهمية التطرق إلى مجال التأمين على مشاريع الاستزراع المائي من خلال برامج محددة، للحد من التهديدات التي تواجه هذه الصناعة ودعمها لتحقيق التنمية والاستدامة، والسيطرة على التقلبات التي تتعرض لها المشاريع، خاصة المتعلقة بالتغيرات المناخية وأمراض الأحياء المائية.
ويبلغ متوسط استهلاك الفرد السعودي من المنتجات السمكية نحو 11 كغم سنوياً، في حين يبلغ متوسط استهلاك الفرد عالمياً “20 كغم تقريباً”، بحسب وزارة الزراعة، الأمر الذي يدعو إلى إيجاد برامج تطوير هذا القطاع وزيادة إنتاجيته لتلبية الطلبات المحلية المتزايدة، الذي يتطلب توفير الحماية والضمانات لمشاريع الاستزراع المائي بهدف تعزيز ودعم الاستدامة لتلك المشاريع.
الخبيران في مجال الاستزراع السمكية، فليب آدم سكريتان، وديفيد جودب، شددا خلال ورشة عن “التوجهات المستقبلية للتأمين على مشاريع الاستزراع المائي”، في المملكة في يوليو/ حزيران على الاستمرار في استخدام أسواق التأمين العالمية، إلا أن ذلك يحتاج إلى إنشاء مكتب لإدارة الملفات الخاصة بهذا الشأن، مع إنشاء سوق تأمين محلي باستخدام شركات التأمين السعودية، كما دعا الخبيران إلى إنشاء كيان متوازن بين الجهات المشاركة في التأمين، ولفتا إلى أن هناك تجربة مماثلة ناجحة 100% في تركيا، إلا أنها تشمل كل القطاعات الزراعية، السمكية، الدواجن، المحاصيل الأغنام، الأبقار، التي يمكن للمملكة أن تحذو حذوها لتطوير هذا القطاع المهم.