الأسهم الخاصة .. من الغطرسة إلى السقوط

كتب أسامة صالح
بالنسبة إلى أصحاب المليارات العاملين في مجال الأسهم الخاصة، عرضتهم الأشهر الـ18 الماضية لخطر التحول من الغطرسة إلى ما يشبه السقوط.
أدى ارتفاع التضخم وما ترتب على ذلك من ارتفاع في أسعار الفائدة إلى خنق معظم عمليات الاستحواذ المدعومة بالديون التي تهدف إلى تحويل الشركات المستحوذ عليها إلى شركات خاصة، وهو عنصر رئيس في نشاط مديري شركات الأسهم الخاصة، رغم أن بعض المديرين أثبتوا أنهم أكثر صلابة في هذه الأوقات الصعبة من غيرهم.
كان من الصعب إعادة تمويل الديون في الشركات التي استثمرت فيها الأسهم الخاصة بأسعار فائدة أعلى بكثير مما كانت عليه عندما تمت عمليات الاستحواذ ذات الرفع المالي. دفع مديرو الأسهم الخاصة بشكل متزايد إلى أشكال حصرية وعالية الخطورة من تمويل الديون للحفاظ على سير الأنشطة والعمليات في شركاتهم.
دفع كثير منهم مبالغ زائدة مقابل أهدافهم. لذلك، انخفض حجم عمليات الخروج من شركات الاستحواذ عبر الطروح العامة الأولية، حيث تنتظر تلك الشركات التي تعاني خسائر محتملة مقومة بسعر السوق على أمل العودة إلى الأسعار المرتفعة. في الوقت نفسه، تشعر المؤسسات الاستثمارية بالقلق من أن العوائد المستقبلية على عمليات الاستحواذ ذات الرفع المالي ستكون متواضعة وتتوقع ارتفاع معدل التخلف عن السداد في الشركات المستثمر فيها. وبعضها بحاجة ماسة للخروج لدرجة أنها باتت تقبل تخفيضات كبيرة على القيم المبلغ عنها عند البيع.
أصبح التغيير في الظروف دراماتيكيا بعد عقود من استعراض جني الأموال. بدأ كل ذلك في الثمانينيات عندما قاد غزاة الشركات عمليات الاستحواذ ذات الرفع المالي. وكانت الصفقة المميزة في هذه الموجة المبتكرة هي العرض العدائي جدا والناجح الذي قدمته شركة كيه كيه آر بقيمة 30 مليار دولار لشراء مجموعة الأغذية والتبغ أر جيه أر نابيسكو.
في مواجهة العداء من جانب قطاع الشركات والمخاوف الأوسع بشأن احتمال فقدان الوظائف بينما كان الرؤساء الجدد يبحثون عن مكاسب عبر الكفاءة، أعاد غزاة الشركات بذكاء تسمية أنفسهم مستثمرين “نشطين”. ثم تحولوا بعد ذلك إلى شركات أسهم خاصة، وسرعان ما بجلت بمكانة معززة كفئة من الأصول.
توافدت المؤسسات الاستثمارية عليها على أمل الحصول على علاوة على عوائد الأسهم العامة مقابل تحمل المخاطر الإضافية المتمثلة في نقص السيولة. كما كانت تأمل في جني الأرباح من إدارة الأسهم الخاصة بشكل أكثر كثافة.
قدم الأكاديمي في جامعة هارفارد مايكل جنسن موافقة نظرية لحركة الملكية الخاصة. في بحث نشره في 1989 بعنوان “كسوف المؤسسة العامة”، جادل بقوة أن الملكية المشتتة في الأسواق العامة أدت إلى الافتقار إلى مساءلة الإدارة أمام المالكين.
ويجادل بول وولي، زميل بارز في كلية لندن للاقتصاد، بأن الاستثمار التقليدي في السوق العامة يترك المرمى مفتوحا أمام شركات الأسهم الخاصة، التي يمكن أن تستفيد من سوء التسعير المنهجي للأسهم والقطاعات والأسواق. ولأن مديري الأصول في الأسواق العامة يتم تقييمهم على نطاق واسع مقابل المؤشرات القياسية، فإنهم ينخرطون في التداول المعتمد على الزخم، ويتعين عليهم باستمرار متابعة الأسهم التي ترتفع بقوة التي تمثل وزنا ناقصا في محافظهم. وهذا يعيق العوائد، ويثبط الاستثمار على المدى الطويل ويؤدي إلى تقلبات عالية.
لكن كما يؤكد معلق الأسواق المخضرم ومتداول السندات السابق أنتوني بيترز، بعيدا عن كونها لعبة أسهم، الأسهم الخاصة لعبة ديون تكون فيها العوامل الاقتصادية مدفوعة بتكلفة المال. مع انخفاض أسعار الفائدة العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ 800 عام منذ الأزمة المالية بين 2007 و2009 والسياسة النقدية الفضفاضة للغاية التي تضخم الأسهم المدرجة، كان من السهل على شركات الأسهم الخاصة، كما يقول بيترز، الشراء وانتظار ارتفاع سوق الأسهم بما يكفي لإعادة تعويم الشركة بربح دون القيام بأي شيء لإضافة قيمة.
المفارقة الغريبة هنا هي أن صناديق الاستحواذ حققت عوائد أفضل قليلا بعد الرسوم مقارنة بسوق الأسهم. وبالنسبة إلى المستثمرين في صناديق الاستحواذ هناك مشكلة إضافية. في حين أن هذه الصناديق تتباهى بافتقارها إلى التقلبات، فإن عوائدها السلسة وتقييماتها المضللة تبدو متفائلة على نحو غير واقعي مقارنة بالأسواق العامة. وجاءت استجابتها لبيئة أسعار الفائدة الأكثر قسوة متأخرة على أقل تقدير. والنتيجة هي أن كثيرا من أمناء صناديق التقاعد يفكرون الآن في التخفيض الذي ينبغي لهم تطبيقه على أصولهم غير السائلة.
إذا نظرنا إلى ظاهرة الأسهم الخاصة الثورية فمن المذهل أن نرى إلى أي مدى ساعدت على تغيير هيكل أسواق المال العالمية. بين 2005 و2020، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تم شطب إدراج نحو 30 ألف شركة من الأسواق العالمية عن طريق عمليات الاستحواذ التقليدية وإعادة شراء الأسهم والاستحواذ بالرفع المالي. خلال معظم تلك الفترة، لم تقابل عمليات الشطب إصدارات جديدة، لذا كانت هناك خسارة صافية للشركات المدرجة، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.
على خلفية التراكم غير المسبوق لديون الشركات غير المالية منذ الأزمة المالية، من المحتمل أن يكون هذا الأمر مثيرا للقلق. وإلى جانب إعادة هيكلة الديون، ينبغي للأسهم الجديدة أن تشكل جزءا من الحل للميزانيات العمومية المنهكة.
يبدو الآن أن كبار مديري الأسهم الخاصة مهتمون بإقراض الشركات أكثر من اهتمامهم بشراء الأسهم. إذن، السؤال المطروح هو ما إذا كانت الأسواق العامة قادرة على القيام بما هو ضروري. والخبر السار هو أنه في 2020 بعد تفشي جائحة كوفيد، جمعت الشركات غير المالية المدرجة حول العالم رقما قياسيا قدره 626 مليار دولار من الأسهم الجديدة. لذا، على الرغم من الانكماش، لا تزال الأسواق العامة تبدو قادرة على تأدية وظيفة مركزية وحيوية.