أخبار عاجلةاقتصاد دوليمقالات اقتصادية

عام على بلوغ ذروة مؤشر “ناسداك 100”.. الآن نعلم أنها كانت فقاعة

كتب اسامة صالح 

إذا كان الأمر يبدو كأنه فقاعة، فغالباً هو كذلك. كان هذا هو الدرس المستفاد من مؤشر بورصة “ناسداك 100” في الذكرى السنوية الأولى لأعلى ارتفاع شهده.

في الأشهُر الـ12 التي تلت ذلك، انخفض المؤشر القياسي الثقيل الخاص بشركات التكنولوجيا بنسبة 30%، وخسر بعض أكثر الشركات الناجحة فيه ثلاثة أرباع قيمتها.

بالنظر إلى الماضي، لا ينبغي أن يفاجئ ذلك أيّ شخص؛ إنّ إلقاء نظرة سريعة على مضاعفات ربحية شركات المؤشر في نوفمبر 2021 كانت لتشير إلى مضاعف ربحية مذهل يصل إلى 30 مرة، وهو انحراف تاريخيّ خارج فقاعة “الدوت-كوم” التي حدثت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ومن بين الشركات الموجودة في المؤشر، كان لدى 22% منها مضاعف ربحية فوق 50 مرة، و26% من الأعضاء كانوا يتداولون بأكثر من 10 أضعاف مبيعاتهم في الأشهُر الـ12 القادمة.

كان المؤشر مدعوماً بالزخم وسرد قصص جيدة من قِبل الشركات (قبل شهر واحد فقط، أعادت “فيسبوك” تسمية نفسها باسم “ميتا” لتركيز انتباه السوق على الوعد المفترض للميتافيرس)، ولكن كان الغائب الواضح عن كل ذلك اعتبارات التدفقات النقدية على المدى القريب.

بالطبع، هذا غالباً ما يحدث عندما يتدفق هذا الكم الضخم من الأموال حول النظام المالي. كانت تلك هي اللحظات الأخيرة لعقد غير مسبوق من السياسة النقدية المتساهلة، التي تضخمت بفعل عدة جولات من تقديم شيكات التحفيز الوبائي التي تركت كثيراً من الدولارات تطارد استثمارات قليلة للغاية.

وارتفعت أسهم التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع العملات المشفرة، والسيارات المستعملة، والشقق السكنية في ميامي، وحتى أسهم “الميم”، وهو أوضح تجسيد لواقع أن الأساسيات لم تعُد مهمة.

من الواضح أن كثيراً من الناس يعرفون أن السوق أصبحت غير مرتبطة بالواقع. بحلول منتصف العام الماضي، كانت الجوقة المعتادة من المتشائمين تجاه الفقاعات قد خرجت بكامل قوتها مع توقعاتهم الكارثية المعتادة.

في يونيو، وصفها المؤسس المشارك لشركة “جي إم أو” (GMO)، جيريمي غرانثام، بأنها “خاتمة كلاسيكية لسوق صاعدة استمرت 11 عاماً”، بينما وصفها محذراً خبير الاقتصاد نورييل روبيني الملقب بـ”دكتور الهلاك” على أنها “تحطم قطار يسير ببطء” بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، لكن كما هي الحال دائماً في الفقاعات، كان الزخم مغرياً للغاية، وقليل من الناس أرادوا أن يُنظر إليهم على أنهم يسحبون أموالهم مبكراً.

مثال على ذلك، جانب البيع في “وول ستريت”. من بين 2927 توصية قدمها محللون فرديون في 19 نوفمبر، يوم ذروة مؤشر “ناسداك 100″، نصح 1897 منهم بشراء الأسهم، فيما أوصى 916 منهم بالاحتفاظ بالأسهم، و11 أوصوا ببيع الأسهم.

إذا كانت شركات السمسرة المؤسسية في نيويورك قد استمعت إلى “غرانثام وروبيني”، فغالباً انتابتهم السعادة بتجاهلهما، وتصنفيهما على أنهما أفراد دائمون في السوق الهابطة، ومثبطون لسعادة الآخرين.

الخبر السارّ هو أن تقييمات “ناسداك 100” تبدو عقلانية إلى حدٍّ ما مرة أخرى، إذ بوجود مضاعف للربحية عند 22 ضعفاً للأرباح المتوقعة خلال الأرباع الأربعة القادمة، يجري تداول المؤشر بالقرب من متوسط نسبة السعر إلى العائد خلال العقد الماضي.

إذا كنت تعتقد أن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها وأن الولايات المتحدة ستتجنب الركود، فمن المنطقي التفكير في ما إذا كان الأسوأ قد انتهى بالنسبة إلى مؤشر “ناسداك 100”.

من ناحية أخرى، من الممكن أن تكون الظروف الغريبة لعامَي 2020 و2021 قد تضخمت، ليس فقط من ناحية “السعر” في مضاعفة سعر الربحية في مؤشر “ناسداك”، لكن أيضاً من ناحية “الأرباح”.

إذا كانت هذه هي الحال -وهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بذلك– فإنّ الترف الذي شهدته السوق في عام 2021 لم تدفع سوى نصف ثمنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى