أخبار عاجلةاقتصاد دولي

المستهلكون “يشدون أحزمتهم” مع اقتراب عيد الميلاد في لندن

مع ارتفاع فواتير الطاقة والتضخم الذي تجاوز 11 في المئة يفكر عديد من المتسوقين في المملكة المتحدة بطرق مختلفة لخفض الكلفة الإجمالية للاحتفال بعيد الميلاد هذا العام. ويتوقع الباحث في أبحاث الأسهم والبيع بالتجزئة في “دويتشه بنك” آدم كوكران، تراجع الإنفاق التقديري على التجزئة في المملكة المتحدة ​​بنسبة خمسة في المئة تقريباً خلال موسم العطلات هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهو أسوأ انخفاض منذ أكثر من 20 عاماً.

ومع أن التضخم وارتفاع أسعار الطاقة من المشكلات المشتركة في جميع أنحاء أوروبا، فإن المتسوقين في المملكة المتحدة سيتأثرون بشكل خاص، حيث تكافح البلاد مع مجموعة أوسع من القضايا الاقتصادية الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأسعار الفائدة المرتفعة. وفي لندن من المتوقع أن يتعطل التسوق في عيد الميلاد بسبب إضرابات القطارات والتجزئة.

وعادة ما ينفق الناس خلال موسم الكريسماس أكثر على المواد الغذائية والبقالة، ولكن هذا يرجع أساساً إلى التضخم. ويقول مدير أبحاث التجزئة في المملكة المتحدة في”غلوبال داتا” باتريك أوبراين لـ”فايننشال تايمز”، إن الكميات الفعلية التي سيتم شراؤها ستنخفض هذا العام. وأضاف، “في الواقع سيدفعون أكثر ليحصلوا على أقل، وسينخفض إجمالي الإنفاق على المنتجات غير الغذائية في المملكة المتحدة خلال الربع الرابع بنسبة 11.2 في المئة، وستكون الملابس من أكثر السلع التي ستعاني أكثر من غيرها”.

وهذا العام بدأ المستهلكون في التسوق في وقت مبكر ووزعوا كلفة هدايا العيد على مدى شهرين. وفي موسم الأعياد المليء بالتحديات، لا تزال الرفاهية تشكل حالة استثنائية، حيث يتوقع “دويتشه بنك” ارتفاع مبيعات السلع الفاخرة في المملكة المتحدة بنحو 10 في المئة خلال الربع الرابع من هذا العام مقارنة بالعام الماضي. على رغم تقليص عملائه الأقل ثراءً مشترياتهم، في حين يمكن لشركات الرفاهية الاستمرار في الاعتماد على المنفقين الأعلى لحماية مبيعاتهم.

ويقول “دويتشه بنك”، “إن المشترين يغيرون مزيج المنتجات قليلاً، لذلك هناك عدد أقل من المنتجات المعروضة، كما أنهم يوجهون مزيج منتجاتهم نحو المنتجات الأعلى”. وأضاف، “إذا كان لديك منتج ذو سعر مرتفع يمكنك زيادة سعره بنسبة خمسة إلى 10 في المئة، ويمكنك تعويض بعض الحجم المفقود في الطرف الأدنى”.

خفض الإنفاق

وتخشى الشركات البريطانية أن يكون عيد الميلاد هذا العام قاتماً، إذ يخطط نصف الأسر تقريباً لخفض الإنفاق الاحتفالي بسبب ارتفاع كلفة المعيشة، كما تتراجع المبيعات بشكل حاد من حيث معدلات التضخم.

وقال معالج المدفوعات باركلي كارد، لـ”رويترز”، إن 48 في المئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع خلال 21-24 أكتوبر (تشرين الأول) يخططون لإنفاق أقل في عيد الميلاد هذا العام، مع 59 في المئة يعتزمون شراء هدايا أقل سخاءً و42 في المئة يقللون من التواصل الاجتماعي.

وبحسب اتحاد التجزئة البريطاني، فقد كان الإنفاق بالمتاجر الكبرى خلال أكتوبر أعلى بنسبة 1.6 في المئة عن العام السابق، متباطئاً من 2.2 في المئة خلال سبتمبر (أيلول)، ويمثل انخفاضاً كبيراً في حجم المشتريات بمجرد أخذ التضخم في الاعتبار.

وقالت الرئيس التنفيذي لاتحاد التجزئة البريطاني هيلين ديكنسون، “سيأتي عيد الميلاد هذا العام في وقت متأخر عن العام الماضي بالنسبة لكثيرين، وقد تكون هناك كآبة أكثر من بريق، حيث تركز العائلات على تغطية نفقاتهم، لا سيما مع ارتفاع مدفوعات الرهن العقاري”.

وتظهر بيانات اتحاد التجزئة البريطاني أن أعداد المتسوقين في المملكة المتحدة كانت أسوأ بمقدار 1.5 نقطة مئوية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) عن أكتوبر و13.3 شهرياً أقل من مستويات ما قبل الوباء. كما تراجعت أعداد المتسوقين في الشوارع العامة بنسبة 13.6 في المئة خلال نوفمبر بانخفاض نقطتين مئويتين عن معدل الشهر الماضي وأسوأ من متوسط الانخفاض لمدة ثلاثة أشهر البالغ 12.3 في المئة. وشهدت متاجر البيع بالتجزئة انخفاضاً طفيفاً نسبياً بنسبة 4.2 في المئة، لكن مراكز التسوق شهدت زيارات أقل بنسبة 23.2 في المئة مقارنة بنوفمبر 2019.

الإنفاق الاستهلاكي

وكان الإنفاق على الغذاء قد ارتفع في بريطانيا الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر 5.1 في المئة مقارنة بالعام السابق، في حين انخفض الإنفاق على المواد غير الغذائية 1.2 في المئة، بحسب ما أفاد اتحاد التجزئة البريطاني. وشهد هذا العام أيضاً تأخر المتسوقين في شراء الملابس الشتوية، لكن البطانيات الكهربائية والمقالي الهوائية شهدت ارتفاعاً في الطلب، حيث سعى الناس إلى طرق أرخص للطهي والتدفئة.

وقال معالج المدفوعات باركلي كارد، إن الإنفاق الاستهلاكي في أكتوبر كان أعلى بنسبة 3.5 في المئة عن العام السابق، مرتفعاً من نمو 1.8 في المئة خلال سبتمبر، لكنه لا يزال يمثل انخفاضاً عند تعديله وفقاً للتضخم. ويواصل المستهلكون قضاء أمسيات كبيرة في الخارج ويقللون من إنفاقهم التقديري.

وكان الإنفاق نما على الضيافة والترفيه بأضعف وتيرة منذ مارس (آذار) 2021، عندما كان إغلاق “كوفيد-19” لا يزال منتشراً، بسبب إضرابات السكك الحديدية، وكذلك الأشخاص الذين يوفرون المال عن طريق الحصول على وجبات سريعة واشتراكات رقمية للاستهلاك في المنزل.

وكان الإنفاق على فواتير الطاقة أعلى بنسبة 36 في المئة عن العام السابق بانخفاض عن ارتفاع 48 في المئة خلال سبتمبر، حيث تلقى عديد من الأسر قرضاً حكومياً بقيمة 400 جنيه استرليني (490.9 دولار) لفواتيرها.

أطول كساد اقتصادي

وكان بنك إنجلترا قد حذر من أن بريطانيا ستشهد أطول كساد اقتصادي بعد أن رفع سعر الفائدة إلى أعلى معدلاته منذ 33 عاماً. وأوضح في توقعاته لأداء الاقتصادي البريطاني في المستقبل أن البلاد ستواجه فترة تراجع “صعبة جداً” خلال العامين المقبلين. وحذر من أن معدلات البطالة سترتفع إلى ما يقارب الضعف.

ورفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى ثلاثة في المئة، من 2.25 في المئة، وهو أعلى معدل منذ 1989. وأدى هذا إلى ارتفاع كلفة الاقتراض إلى أعلى سعر منذ 2008.

وأظهر استطلاع أجرته “رويترز” لخبراء اقتصاديين أن بنك إنجلترا سيواصل رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم على رغم أن بريطانيا تتجه إلى ركود طويل، وإن كان ضحلاً، حيث يواجه المستهلكون أزمة كلفة معيشية ممتدة.

وكان وزير الخزانة جيريمي هانت أعلن مزيداً من الألم في بيان مالي للخريف في نوفمبر الماضي، مع زيادات ضريبية حالياً وتخفيضات في الإنفاق في المستقبل، لذا فإن أي تخفيف في كلفة الاقتراض كان سيحظى بترحيب الأسر المثقلة بالديون.

وبعد إضافة 75 نقطة أساس إلى سعر البنك في نوفمبر، ستضيف لجنة السياسة النقدية 50 نقطة أساس أكثر تواضعاً في 15 ديسمبر لتصل إلى 3.50 في المئة، وفقاً للاستطلاع “رويترز” الذي تم إجراؤه في 18-22 نوفمبر. وكان من المتوقع أن تنتهي النسبة هذا العام عند 3.75 في المئة، بحسب استطلاع أكتوبر، حيث اختار أكثر من 75 في المئة من المشاركين، 43 من أصل ما بين 56 و50 نقطة أساس، بينما قال 13 في المئة إن رفع الفائدة سيكون بنحو 75 نقطة.

وقال جيمس سميث من “آي أن جي”، “فيما يتعلق بالقدرة على العودة إلى 50 نقطة، أعتقد أن كان هناك ما يكفي في بيان الخريف لتهدئة بعض المخاوف في بنك إنجلترا في شأن التوقعات للعام المقبل”.

ويذكر أن خطة ميزانية الوزير هانت جاءت بعد الضربة التي تعرضت لها سمعة بريطانيا المالية من خلال التخفيضات الضريبية غير الممولة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس التي دفعت الجنيه إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي، وأجبرت “بنك إنجلترا” على دعم أسواق السندات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى