اقتصاد دولي

موجة تفاؤل بتراجع التضخم الأميركي تنعش آمال الأسواق العالمية

يبدو أن الأسواق والمستهلكين على موعد مع الأخبار السارة التي تتعلق بتخلي الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن سياسته المالية المتشددة (رفع أسعار الفائدة) في ما تبقى من العام الحالي 2023 أو حتى في العام الجديد 2024.

الأنباء السارة كان مصدرها التضخم الذي تباطأ في الولايات المتحدة بحدة الشهر الماضي، وهو الخبر الجيد لكل من المستهلكين والأسواق والاحتياطي الفيدرالي، بعد أن ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأميركيين ثلاثة في المئة عن العام الماضي، مسجلاً أبطأ معدل منذ أكثر من عامين، وفقاً لبيانات من مكتب إحصاءات العمل.

وربما لا يكون التقرير الجيد بشكل غير متوقع كافياً لمنع مجلس الاحتياطي الفيدرالي من المضي قدماً في رفع أسعار الفائدة المتوقع الشهر الجاري، ولكنه يثير الشكوك حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الزيادات من عدمها.

أما باستثناء الغذاء والطاقة، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين (الأساسي) بنسبة 0.2 في المئة عن الشهر السابق، وبالمقارنة مع عام مضى، فقد زاد المؤشر الذي يراه الاقتصاديون أفضل لقياس التضخم، بنسبة 4.8 في المئة، مسجلاً أبطأ معدلاته منذ أواخر 2021، ولكنه لا يزال أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي.

إلى ذلك كان المسكن أكبر مساهم في الزيادة الشهرية، إذ ارتفع 0.4 في المئة، بما في ذلك أصغر زيادة في مقياس رئيس للإيجارات منذ نهاية 2021، ويبحث معظم الاقتصاديين في هذا المكون عن مزيد من التقهقر.

من جهة أخرى، تراجعت أسعار تذاكر الطيران 8.1 في المئة، مسجلة ثاني أكبر انخفاض، منذ أبريل (نيسان) 2020، كما تراجعت أسعار السيارات والشاحنات المستعملة، وسجلت أداء متبايناً عبر المدن الكبرى.

في غضون ذلك قال ثلاثة مسؤولين في “بنك الاحتياطي الفيدرالي”، الإثنين الماضي، إن “صانعي السياسات سيحتاجون إلى رفع أسعار الفائدة مجدداً في العام الحالي لخفض معدل التضخم إلى مستهدف البنك المركزي”، إذ قال نائب رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” لشؤون الرقابة مايكل بار، في أثناء اجتماع في المركز الحزبي المشترك للسياسات “أحرزنا تقدماً كبيراً في السياسة النقدية والعمل الذي كان علينا فعله، على مدى العام الماضي”، مستدركاً “كنت أقول إننا شارفنا على الانتهاء، لكن لا يزال أمامنا بعض العمل”.

في آخر اجتماعاته في يونيو (حزيران) الماضي أبقى “الاحتياطي الفيدرالي” أسعار الفائدة بلا تغيير، بعد أن رفعها في 10 اجتماعات متتالية إلى ما يتراوح بين خمسة في المئة و5.25 في المئة.

في تلك الأثناء يتوقع معظم صانعي السياسات رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى بنهاية العام، وفقاً للتوقعات الصادرة بعد اجتماعهم الشهر الماضي.

بسبب ذروة الفائدة… صناديق التحوط تراهن على هبوط الدولار

“على الأرجح سنحتاج إلى رفع أسعار الفائدة بضع مرات أخرى خلال هذا العام لنعيد معدل التضخم إلى مسار مستدام عند اثنين في المئة”، وفقاً لما قالته رئيسة “الاحتياطي الفيدرالي” في مدينة سان فرانسيسكو، ماري دالي، في معهد “بروكينغز” بواشنطن.

أما رئيسة “الاحتياطي الفيدرالي” في كليفلاند، لوريتا ميستر، فقالت في أثناء حديثها في فاعلية استضافتها جامعة كاليفورنيا في سانت دييغو، إن رأيها يتفق مع متوسط توقعات مسؤولي “الاحتياطي الفيدرالي” برفع أسعار الفائدة مرتين أخريين.

وأضافت “لنضمن أن معدل التضخم يتخذ مساراً مستداماً وسيصل إلى اثنين في المئة في وقت مناسب، أرى أن معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية يجب رفعه بدرجة ما عن مستواه الحالي، ثم تثبيته لفترة، حتى نجمع مزيداً من المعلومات عن تطور الاقتصاد”.

في غضون ذلك، تشير كثير من التوقعات إلى أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستستأنف رفع أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل في 25 و26 يوليو (تموز) الجاري.

الأسهم الأميركية تنهي الأسبوع منخفضة

وقالت دالي إن أخطار اتخاذ إجراءات أقل مما يلزم ما زالت تفوق أخطار الإفراط في الإجراءات، على رغم أن الفجوة بين هذين الخيارين تضيق  وأضافت رئيسة “الاحتياطي الفيدرالي” في سان فرانسيسكو أنها “بدأت ترى دلائل على تباطؤ الاقتصاد، وأن التوازن بين العرض والطلب يتحسن”.

في الأثناء، أظهر تقرير صدر، في السابع من يوليو الجاري، عن مكتب إحصاءات العمل” تراجع الزيادة في الوظائف في الشهر الماضي، على رغم أن زيادة الأجور لا تزال قوية”، وعن ذلك قالت رئيسة “الاحتياطي الفيدرالي” في كليفلاند إن “المعدل الحالي لزيادة الأجور لا يزال أكبر كثيراً من المستوى المتسق مع معدل تضخم اثنين في المئة، نظراً إلى التوقعات الحالية لاتجاه زيادة الإنتاجية”.

أما دالي فعادت لتؤكد أن معدل التضخم الأساسي لا يزال مصدر قلق “الاحتياطي الفيدرالي”، فبينما ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في مايو (أيار) الماضي بأبطأ وتيرة سنوية في أكثر من عامين، قفز المؤشر الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة إلى 4.6 في المئة في الشهر نفسه على أساس سنوي، مما يشير إلى استمرار ارتفاع معدل التضخم، قائلة “التضخم هو مشكلتنا الكبرى”.

السوق المالية الأميركية تلقت أنباء تراجع معدلات التضخم بأكثر من المتوقع ولأقل مستوى في عامين، بحفاوة، إذ أغلقت الأسهم الأميركية بـ”وول ستريت” الخميس الماضي على ارتفاع قوي يقودها مكاسب بأكثر من واحد في المئة في مؤشر “ناسداك” الذي تسيطر عليه الشركات التكنولوجية، وتتأثر هذه الشركات بتوقف رفع الفائدة، إذ تسمى شركات نمو وتحتاج إلى الاقتراض لمواصلة نموها.

وبفضل هذه البيانات الإيجابية، صعد مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بنحو 0.75 في المئة، ليغلق عند 4472 نقطة، بينما قفز مؤشر “ناسداك” المجمع بنسبة 1.16 في المئة إلى 13921 نقطة، وزاد مؤشر “​​داو جونز” الصناعي بنسبة 0.27 في المئة إلى 34353 نقطة.

التأثير كان أكثر وضوحاً على صعيد أسواق العملات، بعدما تعرض الدولار الخميس الماضي لمزيد من الضغوط والانخفاض مما أدى إلى أكبر عمليات بيع للدولار في يوم واحد خلال خمسة أشهر، وانخفاض العملة الأميركية إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عام مقابل اليورو والجنيه الاسترليني، وإلى أدنى مستوى لها في أكثر من ثماني سنوات مقابل الفرنك السويسري.

وقال المحلل لدى “كاينسيس ماني” كارلو ألبرتو دي كاسا، إنه “مع تبقي أسبوعين على موعد اجتماع البنك المركزي الأميركي المقبل وفي ظل البيانات التي تظهر نمواً أقل للوظائف وتباطؤ التضخم في يونيو الماضي، توجد توقعات بأن يكون رفع أسعار الفائدة التالي هو الأخير”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى