اقتصاد دولي

هل ستكون بريطانيا أمام موسم هجرة الشركات التكنولوجية قريبا؟

حذرت رابطة التكنولوجيا البريطانية “تيك يو كي”، وهي مجموعة أعمال تجارية ذات نفوذ في البلاد من خطر فقدان المملكة المتحدة مكانتها كقوة عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا بسبب فشل الحكومة في تقديم استراتيجية طويلة الأجل للقطاع.

في التقرير الذي حمل انتقادات لاذعة، اتهمت الرابطة صانعي السياسات بالاعتماد على “الكليشيهات” والضجيج، مثل “مملكة يونيكورن” و”قوة العلوم والتكنولوجيا العظمى”، بقصد مواساة أنفسهم عبر وضع خطط استراتيجية كبرى لا تنفذ.

وتدعي الرابطة أنه مع التغييرات يمكن لقطاع التكنولوجيا إضافة 200 مليار جنيه استرليني (249.2 مليار دولار) إلى الاقتصاد كل عام بحلول منتصف العقد، وفي الوقت الحاضر، يسهم بمبلغ 150 مليار جنيه استرليني (186.9 مليار دولار)، باعتباره واحداً من “الأصول الاقتصادية الأكثر قيمة” في البلاد.

من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لاتحاد التجارة أنتوني والكر إنه إذا لم يتغير شيء، ولم يكن هناك إطار سياسي متماسك، فإن النتيجة النهائية ستكون “سلبية” بالنسبة لبريطانيا مع مرور الوقت.

واعتمدت ورقة الرابطة على ردود من الأعضاء البالغ عددهم 1000 حول التحديات التي يواجهونها، وتم نشرها تزامناً مع مؤتمر “رابطة التكنولوجيا في المملكة المتحدة” في العاصمة لندن، والذي هو بمثابة مظلة تجمع الأشخاص والشركات والمؤسسات معاً لتحقيق النتائج الإيجابية في عالم التكنولوجيا والتكنولوجيا الرقمية.

ومن بين الشركات الأخرى التي دانت جوانب ممارسة الأعمال التجارية في بريطانيا مجموعة التكنولوجيا المالية “ريفولت”، والتي فشلت في الفوز بترخيص مصرفي، وشركة “ديليفررو” التي واجهت استفساراً طويلاً عن المنافسة في شأن الاستثمار من “أمازون”.

نهج بريطاني مرتبك

وفيما يتعلق بالتنظيم، انتقدت “تيك يو كي” النهج المرتبك لكيفية معالجة قواعد الاتحاد الأوروبي، مما يحول بريطانيا إلى “سوق مكلفة وغير ملائمة” في تحذير لهيئة المنافسة والأسواق، والجهات التنظيمية للقطاع.

وحددت الرابطة خمسة مجالات تحتاج إلى معالجة لتحفيز قطاع التكنولوجيا في البلاد، بما في ذلك ندرة المهارات والاستثمار والبيانات، فيما يوصف الاقتصاد الموسع في المملكة المتحدة بأنه “مكسور” بسبب “ندرة رأس المال المحلي”.

ويقول تقرير الرابطة إن المنافسة في جميع أنحاء العالم تحتدم، وهناك “سباق عالمي شرس على التقنيات الرئيسة التي ستشكل المستقبل”.

وعلى رغم كون بريطانيا موطناً لريادة العلوم والبحوث، تقول “تيك يوكي”، “غالباً ما نتباطأ في تسويق ونشر التقنيات التي لها جذورها الفكرية في المملكة المتحدة”، كما نددت الرابطة بعدم وجود مساحة معملية في مراكز البحث ووقت وتكلفة الاتصال بالشبكة الوطنية للشركات التي تبني بنية تحتية جديدة.

كان بين المتحدثين رئيس “مايكروسوفت” براد سميث الذي انتقد بشدة بريطانيا بعد حظر استحواذ مجموعة البرمجيات على شركة “أكتيفيشين بليزارد”، مطور ألعاب الفيديو، بقيمة 68.7 مليار دولار، قائلاً “الاتحاد الأوروبي مكان أكثر جاذبية لـبدء نشاط تجاري من المملكة المتحدة”.

وقالت رئيسة “تيك يو كي” شيلا فلافيل “نحن في حاجة إلى السياسيين للعمل، ووضع خطة طويلة الأجل للقطاع، وتقديم نهج أفضل للتنظيم وتقديم استراتيجيات للتقنيات الرئيسة”.

24.9 مليار دولار للتكنولوجيا بحلول 2025

وفي خطاب أمام المؤتمر قالت القائمة بأعمال وزير العلوم والابتكار والتكنولوجيا في بريطانيا كلوي سميث إن مهمة الحكومة هي “ترسيخ مكانة المملكة المتحدة كقوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا” من خلال العمل على تعزيز الإعفاءات الضريبية وإلغاء الروتين، وكذلك جذب المواهب من خلال مخطط عالمي وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير إلى 20 مليار جنيه استرليني (24.9 مليار دولار) بحلول عام 2025.

وأضافت “في العام الماضي واصلت شركات التكنولوجيا الأسرع نمواً لدينا رفع مستويات الاستثمار شبه القياسية، والتي تتضاءل في أي مكان آخر في أوروبا، نحن نستمع إلى التعليقات الواردة من الصناعة ونتصرف بناءً عليها”.

قضايا التنظيم والذكاء الاصطناعي

ولطالما كان هناك انفصال بين طموح الحكومة في جعل بريطانيا “قوة عظمى في العلوم والتكنولوجيا” والتذمر داخل القطاع في شأن الواقع على الأرض، وربما تبرز ورقة السياسة التي أعدتها “يو كي تيك” ذلك إلى العلن، فالقضايا التي تثيرها واسعة وتتراوح بين الكلفة والحاجة إلى إعادة تأهيل الأشخاص للعمل في مجال التكنولوجيا، كما تطرقت ورقة الرابطة إلى القضية الشائكة المتعلقة بالتنظيم، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وأن تسرع الحكومة وتيرة إبقاء التكنولوجيا الناشئة تحت السيطرة، وكيفية معالجة النقص في الاستثمار.

وكانت شركات التكنولوجيا مثل جميع الشركات الأخرى تضررت بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و”كوفيد” والحرب في أوكرانيا والاضطرابات السياسية الداخلية في حين أن القلق غير المعلن هنا هو أنهم سينتقلون إلى أميركا أو حتى الاتحاد الأوروبي من أجل فرص التمويل أو مزيد من الاستقرار، وهو ما فعلته بعض الشركات وناقشه كثيرون وراء الأبواب المغلقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى