مقالات اقتصادية

8 مليار دولار حجم استثمارها.. ما سر اهتمام سلطنة عُمان بالمدن الصناعية

كتب أسامة صالح 

تواصل سلطنة عمان مسيرتها النهضوية الشاملة وخاصة في القطاع الصناعي باعتباره أحد أبرز ركائز التنمية الاقتصادية بعيدة المدى، ضمن خطط البلاد لتنويع مصادر الدخل وتوفير بيئة أعمال ملائمة في السلطنة.

وبدأت الحكومة العمانية بإنشاء أول مدينة صناعية في العاصمة مسقط عام 1983 والتي افتتحت بعد عامين، وبعد ذلك أنشئت مجموعة من المدن والمناطق الصناعية في العديد من محافظات السلطنة.

وحقق حجم الاستثمارات بالمدن الصناعية في السلطنة، أواخر 2022، نسبة كبيرة من الارتفاع، وأوجد آلاف فرص العمل للعمانيين.

ونقلت وكالة الأنباء العُمانية، عن حمد بن حمود القصابي، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمدن الصناعية “مدائن”، تأكيده على الإقبال المتزايد من المستثمرين على المدن الصناعية، حيث تجاوز حجم الاستثمارات فيها 7 مليارات ريال عُماني (18.1 مليار دولار) بنهاية عام 2022.

وقال القصابي، إن عدد القوى العاملة الوطنية بلغ أكثر من 19 ألف عامل، تتوزع على مختلف المدن الصناعية، وتمكنت “مدائن”، في عام 2022، من استقطاب أكثر من 300 مشروع باستثمارات تجاوزت 300 مليون ريال عُماني (779 مليون دولار).
وأضاف أن المؤسسة تعمل على تجويد الخدمات التي تقدمها للمستثمرين؛ فقد استكملت في الفترة الماضية افتتاح مراكز “مسار” في كل المدن الصناعية، والعمل على تطوير منظومة التحول الرقمي وأتمتة الخدمات التي تقدمها.

وتعمل السلطنة على تنفيذ المزيد من المشاريع التنموية وتوسيعها بمجمل مدنها الصناعية حيث خصصت أكثر من 120 مليون ريال عُماني (311 مليون دولار)؛ لتطوير البنية الأساسية ومشاريع المدن الصناعية.
وتؤكد “مدائن” على المضي في خططها التطويرية، حيث شارفت بعض مشروعاتها على الانتهاء وبعضها الآخر في مراحل التنفيذ.

وبين القصابي أن المؤسسة مستمرة في تنمية وتطوير البنى الأساسية للمدن الصناعية التابعة لها، مشيراً إلى أنها عملت على تطوير مساحات جديدة فيها.
وتعد عُمان من أبرز الوجهات الاستثمارية في الشرق الأوسط بسبب نشاطها المتزايد في السنوات الأخيرة؛ لامتلاكها طاقات بشرية مؤهلة، وقدرتها على مواكبة التطورات العالمية والتقنيات الحديثة.

وتهدف هذه المدن إلى رفع مستوى الاستثمارات الصناعية، وتوفير البيئة الاقتصادية المناسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للدخول في القطاع الصناعي بتكلفة مناسبة وبمشاريع صناعية تكاملية معززة لتنمية التصنيع المحلي.

وتخطط السلطنة لتدشين المزيد من المدن الصناعية، في السنوات القادمة، حيث تضم الآن 9 مدن، فيما تتزايد الحاجة إلى المزيد من هذه المناطق المهمة.

وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية بالسلطنة، هلال بن حمد الحسني، إن “هناك خطة لإنشاء 40 مدينة صناعية جديدة في مناطق خصب وعبري وثمريت وشناص والمضيبي”.

وأضاف الحسني: “ستتم إضافة هذه المدن الصناعية إلى المدن التسع التي تعمل في جميع أنحاء السلطنة، والتي ستلعب دوراً محورياً في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة”.

من ناحية أخرى، أشار الحسني إلى ارتفاع إجمالي الاستثمار في المؤسسة العامة للمناطق الصناعية بنسبة 1.6% خلال عام 2021، ونما إجمالي عدد المشاريع في المؤسسة بنسبة 3.4%، كما زادت نسبة المساحات المؤجرة في المناطق الصناعية بنسبة 2%، خلال العام ذاته.

وتسعى السلطنة إلى جذب مزيد من الاستثمارات في مدنها الصناعية من خلال توفير عدد من الحوافز والمزايا لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

ويشير الموقع الرسمي لـ”مدائن” إلى أن المؤسسة تقدم منظومة متكاملة من الحوافز والتسهيلات الاستثمارية للصناعيين داخل مدنها المتخصصة.
وتشمل تلك المميزات الإعفاء من ضريبة الدخل على الأرباح للسنوات الخمس الأولى قابلة للتجديد لمدة مماثلة، كما لا توجد ضريبة للدخل الشخصي.

ويضاف إلى ذلك إعفاء المنشآت الصناعية من الضرائب الجمركية على استيراد الآلات والمعدات وقطع الغيار والمواد الخام الأولية والمواد نصف المصنعة ومواد التعبئة والتغليف الداخلة في الإنتاج طوال فترة قيام المنشأة الصناعية.

وتحرص السلطنة على تهيئة البنية الأساسية المتكاملة وفتح مجال الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير فرصة لتنمية القطاع الصناعي من خلال المدن والمجمعات الصناعية.
وتفتح هذه المدن آفاقاً جديدة من الأعمال وفرص الاستثمار وتبادل الخبرات بما يتوافق مع رؤية عمان 2040، كما يشكّل الاستقرار السياسي في عمان العمود الرئيسي ليجعل منها ملاذاً آمناً للاستثمار الأجنبي.

وان الحديث عن البعد التاريخي في سلطنة عمان نجد أن الصناعة حاضرة منذ العصور القديمة، ومن أبرزها الصناعات النحاسية التي كانت مزدهرة في العصر البرونزي، كما كانت عمان تصدر وتنتج المواد الخام لكثير من المنتجات المعدنية وغيرها من المواد لكثير من المناطق والبلاد”.

وأن وجود الطاقة المتجددة في عمان كالنفط والغاز، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المجاور للهند وباكستان وبنغلاديش، والتي توفر أيدياً عاملة رخيصة، كل ذلك يسهم في نجاح إقامة مشاريع صناعية متعددة.

و أنه وضمن “رؤية عمان 2040” سترتفع المدن الصناعية في عمان من 9 مدن إلى نحو 40 مدينة مثل مدينة صحار الصناعية، وكذلك مثل المدائن والخزائن وسندان، وغيرها من المدن التي تعطي دافعاً قوياً للنهوض بالاقتصاد العماني بشكل عام.
و أن الصناعات التحويلية، سواء الثقيلة والمتوسطة، تعطي ثقلاً استراتيجياً واقتصادياً، وذلك بسبب أن الصناعة تقوم عليها نشاطات تجارية أخرى كالنقل والاستيراد والتصدير وغيرها.

أن اهتمام سلطنة عمان بالمدن الصناعية وتوسعها يأتي ضمن خطة الحكومة الطموحة وإدراكاً منها لأهمية هذه المدن اقتصادياً.
وأن هذه الخطوة تهدف لخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي وتشغيل رؤوس الأموال لدى المسستثمرين في ولايات محافظات السلطنة، ما يسمح بتنوع الواردات.

و أنه استكمالاً لهذه الجهود، فإن هناك تحركاً مستمراً في سبيل النهوض بهذه المدن الصناعية، لكي تحقق الحكومة ما تسعى إليه للرقي بالاقتصاد المحلي، وأن تكون هذه المدن واحدة من الروافد الاقتصادية المهمة في السلطنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى