اقتصاد دولي

«بريكست» حجر عثرة أمام البريطانيين الباحثين عن عمل موسمي في أوروبا

كشفت أرقام جديدة عن تراجع حاد في عدد العاملين البريطانيين الذين يقومون بوظائف في مواسم العطلات داخل دول الاتحاد الأوروبي، وذلك منذ خروج المملكة المتحدة من الكتلة (بريكست).
وأوضحت منظمات قطاع السفر أن 3700 شخص فقط من المملكة المتحدة يعملون داخل دول الاتحاد في وظائف مثل مضيفي شاليهات ومنظمي عطلات ومرشدين سياحيين، وهو ما يعد انخفاضاً بنسبة 69 في المئة عما كان الرقم عليه خلال عام 2017، وهو 11970.
ولطالما كان توظيف عاملين من بريطانيا في وجهات سياحية شهيرة في الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا والنمسا، جزءاً حيوياً من العمليات الخارجية لشركات العطلات في المملكة المتحدة.
منظمة «آبتا» Abta (جمعية تجارية لمنظمي الرحلات السياحية ووكلاء السفر في المملكة المتحدة)، ومجموعة «أس بيت» Seasonal Businesses in Travel (SBit) (تضم أكثر من 200 شركة سفر وخدمات بريطانية خارجية تعمل في مواسم العطلات الصيفية والشتوية) اللتان أصدرتا هذه الأرقام الخاصة بمعدلات التوظيف، تحدثتا عن جملة أسباب أعاقت سعي البريطانيين إلى مثل هذا النوع من الأدوار، أبرزها الإجراءات الروتينية الورقية المعقدة والكلف الإضافية وعدم وجود اتفاقات عملية مع الاتحاد.
ويشار إلى أنه كان يحق لموظفين من المملكة المتحدة قبل نهاية الفترة الانتقالية للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي في الـ 31 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2020، أن يعيشوا ويعملوا في مختلف دول الكتلة الأوروبية من دون قيود.
وتقول منظمتا «آبتا» وأس بيت» إنه منذ مغادرة المملكة المتحدة الكتلة الأوروبية باتت شركات السفر تتكلف 880 جنيهاً إسترلينياً إضافياً (1126 دولاراً أميركياً) عن كل عامل بريطاني يوظف في فرنسا، في وقت أن عدداً من الدول الأعضاء الأخرى في الكتلة الأوروبية ليس لديها طرق قابلة للتطبيق، تتيح لموظفين من المملكة المتحدة الدخول إلى أراضيها للعمل. في غضون ذلك أشارت دراسة استقصائية شملت 127 شركة سفر بريطانية تبيع عروض عطلات في الاتحاد الأوروبي، إلى أن 61 في المئة من المؤسسات تعتقد أن هذه المشكلة قد تحد من نموها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وهي تمثل أكبر مصدر للقلق بالنسبة إليها. وانطلاقاً من هذه المخاوف طالبت «آبتا» و «أس بيت» كلاً من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بتوسيع نطاق «مخطط انتقال الشباب» Youth Mobility Scheme ليشمل دول الاتحاد الأوروبي (المخطط يتيح لمواطني بعض الدول الذين تراوح أعمارهم بين 18و30 سنة الحصول على تأشيرة إقامة وعمل في بريطانيا مدة عامين)، بحيث يسمح للشباب بالعمل في كل من المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى سنتين، مع عدم وجود حق تلقائي بالبقاء مدة طويلة، وفي الوقت الراهن هناك ترتيبات من هذا النوع مع دول مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا.
ودعت مؤسسات قطاع السفر البريطاني أيضاً إلى عقد اتفاق تنقل موسمي للعاملين في مجال السياحة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحيث أن الترتيبات الراهنة المعمول بها بين الجانبين تنطبق فقط على أدوار معينة وتحدد مدة الإقامة بـ 90 يوماً فقط.
وفي حديث أمام قمة «السفر مهم» Travel Matters التي نظمتها «آبتا» في ويستمنستر، قال الرئيس التنفيذي للهيئة مارك تانزر إنه «لا يمكن التأكيد بشكل كاف على مدى أهمية القدرة على العمل في الخارج بالنسبة إلى قطاع السفر في المملكة المتحدة، فالعاملون لا يكتسبون مهارات لغوية وأخرى شخصية مهمة وحسب، بل يشقون أيضاً طريقهم نحو مهنة جيدة بما يؤهل عدداً منهم ليصبحوا قادة في هذا المجال».
وأضاف تانرز أنه «فيما يسهم قطاع السفر إلى الخارج في المملكة المتحدة برافد حيوي يصب في اقتصاد البلاد سنوياً نحو 49 مليار جنيه إسترليني (63 مليار دولار) ويشكل محركاً رئيساً للنمو في بريطانيا، فإن إهمال وضع ترتيبات مناسبة للتنقل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي قد تكون له عواقب سلبية على الاقتصاد الكلي للمملكة المتحدة، ومع ذلك فهناك حلول بسيطة ومنطقية متاحة للتغلب على هذه العوائق، وأود أن أحض الحكومة على إعطاء الأولوية لهذه المسألة واتخاذ إجراءات عاجلة في هذا المجال».
أما العضو المنتدب لمجموعة «أس بيت» تشارلز أوين فقال «إننا نجد صعوبة هائلة في توظيف العاملين البريطانيين الذين نحتاجهم لإدارة شركاتنا بفاعلية داخل الاتحاد الأوروبي، ففي بعض الدول الأوروبية نواجه مقداراً هائلاً من الإجراءات الروتينية الورقية المعقدة وكثيراً من التأخيرات والكُلف الإضافية التي يجب التخلص منها، وفي بلدان أخرى لا يوجد في الواقع أي مسار عملي قابل للتطبيق لتسهيل أعمالنا». وأضاف أوين، «نعتمد في قطاعنا على قدرة موظفي المملكة المتحدة على العمل في دول الاتحاد الأوروبي لمساعدة مؤسساتنا في النمو والازدهار، لكن في غياب أي ترتيب أو اتفاق معقول ينظم تنقل العمالة، فإن النمو في هذا القطاع سيتراجع دون داع».
وزيرة الدولة البريطانية لشؤون الطيران البارونة فيري أوضحت في كلمتها خلال القمة سابقة الذكر أن تخفيف القواعد في ما يتعلق بالعمال الأجانب في المملكة المتحدة، الذي يعد حاسماً لتأمين حقوق متبادلة للعمال البريطانيين في الخارج، هو من اختصاص وزارة الداخلية البريطانية»، معربة عن استعدادها لطرح الموضوع أمام الحكومة «إذا ما تم تقديم ملف قوي ومقنع».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى