اقتصاد دولي

“المركزي الأوروبي” يبقي على أسعار الفائدة مع إشارات إلى خفض قريب

أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة من دون تغيير عند مستوى ارتفاع قياسي اليوم الخميس، لكنه أرسل إشارة أكثر وضوحاً بأنه ربما يستعد لخفضها مع استمرار تراجع التضخم في منطقة اليورو.

وأبقى البنك المركزي للدول الـ20 التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة سعر الفائدة على الودائع عند 4.0 في المئة كما هي الحال منذ سبتمبر (أيلول) 2023، في إطار جهد مستمر منذ عام ونصف العام لكبح الأسعار.

ولكن مع اقتراب التضخم الآن مما يستهدفه البنك المركزي الأوروبي بنسبة اثنين في المئة وتعطل الإقراض المصرفي ومع نمو بالكاد يذكر للاقتصاد، صدر عن “المركزي الأوروبي” تلميحات جديدة حول احتمال خفض الفائدة خلال اجتماعه المقبل.

وقال “المركزي” إنه “إذا كان التقييم المحدث لمجلس المحافظين لتوقعات التضخم وتحركات التضخم الأساس وقوة تأثير السياسة النقدية سيزيد ثقته في أن التضخم يتجه باستمرار صوب المستهدف، فسيكون من المناسب خفض المستوى الحالي من قيود السياسة النقدية”.

وكانت الأسهم الأوروبية بدأت التعاملات اليوم الخميس على استقرار، إذ هيمن الحذر على أجواء التداول قبل قرار “المركزي الأوروبي” وتصريحات من رئيسته كرستين لاغارد حول توقعات خفض أسعار الفائدة، واستقر مؤشر “ستوكس 600 الأوروبي”، وشهد قطاع الاتصالات تراجعاً نسبته 1.3 في المئة.

وارتفعت قطاعات حساسة لأسعار الفائدة مثل العقارات التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المئة، أما قطاع المؤسسات المالية فقد تراجع 0.1 في المئة.

ومن بين الأسهم التي شهدت تحركات قوية ارتفع سهم “سوستيه جنرال” 3.4 في المئة بعد أن قال البنك الفرنسي إنه وافق على بيع وحدة أدوات تمويل احترافي لبنك “بي بي سي إي” المنافس، في مقابل 1.1 مليار يورو (1.18 مليار دولار) في إطار إستراتيجية أوسع نطاقاً للتخارج من بعض الاستثمارات.

الدولار يصعد

وارتفع الدولار اليوم الخميس بعد أن أدت بيانات تضخم أميركية جاءت أعلى من المتوقع إلى تثبيط باقي توقعات بدء مجلس الاحتياط الاتحادي (المركزي الأميركي) لدورة خفض أسعار الفائدة خلال يونيو (حزيران) المقبل، في حين تراجع الين لمستويات منتصف عام 1990.

وأدى انخفاض الين إلى أدنى مستوى خلال 34 عاماً عند 153.24 في مقابل الدولار أمس الأربعاء إلى إعادة المخاوف من التدخل الحكومي، إذ أكدت السلطات في طوكيو من جديد أنها لن تستبعد اتخاذ أية خطوات للتعامل مع التقلبات المفرطة للعملة.

وتدخلت اليابان لدعم العملة ثلاث مرات عام 2022 عندما انخفض الين نحو ما كان آنذاك أدنى مستوى منذ 32 عاماً عند 152 يناً للدولار.

واليوم الخميس ارتفع الين 0.17 في المئة ليصل إلى 152.93 للدولار، ويقل ذلك قليلاً عن مستوى 153.24 الذي لامسه أمس الأربعاء بعد أن أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفع 0.4 في المئة على أساس شهري في مارس (آذار) الماضي في مقابل زيادة 0.3 في المئة توقعها اقتصاديون استطلعت “رويترز” آراءهم.

وانخفض الين ثمانية في المئة تقريباً في مقابل الدولار هذا العام، إذ ظلت العملة قرب مستوى 151 في مقابل الدولار منذ أن قرر بنك اليابان الشهر الماضي إنهاء العمل بأسعار الفائدة السلبية المستمر منذ ثمانية أعوام.

وبعد صدور بيانات التضخم في الولايات المتحدة قلص المتعاملون بشكل كبير رهاناتهم في شأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، إضافة إلى توقيت بدء “المركزي الأميركي” لدورة التيسير النقدي.

ومما أضاف لتلك الشكوك ما أظهره محضر اجتماع المركزي الأميركي في مارس الماضي الذي صدر أمس الأربعاء من أن صناع السياسات أصيبوا بالفعل بخيبة أمل بسبب بيانات تضخم صدرت أخيراً قبل التقرير الأحدث.

ووفقاً لأداة “فيد ووتش” فقد تتوقع الأسواق الآن بنسبة 18 في المئة خفض “المركزي” أسعار الفائدة خلال يونيو المقبل، مقارنة بنسبة 50 في المئة قبل بيانات مؤشر أسعار المستهلكين مع تحول سبتمبر (أيلول) المقبل إلى نقطة البداية التالية لخفض أسعار الفائدة.

ويتوقع المتعاملون حالياً خفض أسعار الفائدة بمقدار 43 نقطة أساس هذا العام بما يقل كثيراً عن 75 نقطة أساس، وفي بداية العام توقع المتعاملون خفضاً يزيد على 150 نقطة أساس عام 2024.

تقرير التضخم

وأدى تقرير التضخم إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية ورفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية في مقابل سلة من ست عملات منافسة، أكثر من واحد في المئة أمس الأربعاء، ليقترب من أعلى مستوى خلال خمسة أشهر عند 105.30.

وتداول المؤشر آخر مرة عند 105.15 اليوم الخميس، وأدى ارتفاع الدولار إلى انخفاض اليوان الصيني لأدنى مستوياته خلال خمسة أشهر على رغم جهود البنك المركزي لدفعه نحو الارتفاع.

وسجل اليورو في أحدث تعاملات 1.07465 دولار بعد أن انخفض بنسبة واحد في المئة أمس الأربعاء قبل قرار السياسة النقدية اليوم الخميس من “المركزي الأوروبي”. وسجل الجنيه الإسترليني 1.2548 دولار مرتفعاً 0.07 في المئة خلال اليوم، وارتفع الدولار الأسترالي 0.14 في المئة إلى 0.6522 دولار، كما صعد الدولار النيوزيلندي 0.17 في المئة إلى 0.59835 دولار.

الذهب والتوترات الجيوسياسية

وارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس وعوضت خسائرها من الجلسة السابقة بدفعة من التوتر الجيوسياسي الذي عزز الطلب على المعدن الأصفر باعتباره ملاذا آمناً، وصعد الذهب خلال التعاملات الفورية 0.1 في المئة مسجلاً 2334.64 دولار للأوقية (الأونصة)، وسجل الذهب ارتفاعات قياسية لثماني جلسات تداول على التوالي حتى أول من أمس الثلاثاء.

وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 في المئة إلى 2352.40 دولار، وصعدت أسعار الذهب 14 في المئة حتى الآن هذا العام بدفعة من عمليات شراء قوية من بنوك مركزية والإقبال على الملاذ الآمن مع استمرار الأخطار الجيوسياسية والطلب المرتفع من الصناديق التي تواكب اتجاهات السوق.

وتسببت بيانات تضخم أعلى من المتوقع وتقرير وظائف يظهر قوة سوق العمل الأسبوع الماضي بشكل يفوق التوقعات في إثارة مزيد من التساؤلات حول توقيت وحجم خفض أسعار الفائدة هذا العام.

وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى فقد تراجعت الفضة خلال التعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 27.93 دولار للأوقية بعد أن وصلت لأعلى مستوى منذ يونيو 2021 أمس الأربعاء، وارتفع البلاتين 1.3 في المئة إلى 972.60 دولار، كما صعد البلاديوم 0.5 في المئة إلى 1056.31 دولار.

هبوط في اليابان

وانخفض مؤشر “نيكاي الياباني” اليوم الخميس بعدما أثر الارتفاع الكبير في عوائد السندات على أسهم شركات التكنولوجيا والعقارات، لكنه أفلت من تكبد خسائر أكبر في ظل تسارع وتيرة صعود قطاع البنوك المستفيد من ارتفاع كلف الاقتراض.

وأغلق المؤشر منخفضاً 0.35 في المئة إلى 39442.63 نقطة، وانخفض إلى أدنى مستوى له عند 39065.31 نقطة في وقت سابق مهدداً بالانزلاق دون الخط النفسي البالغ 39 ألف نقطة للمرة الأولى منذ نهاية الأسبوع الماضي.

وحول مؤشر “توبكس” الأوسع نطاقاً الخسائر إلى مكاسب وأنهى التداولات مرتفعاً 0.15 في المئة، إذ عوض ارتفاع أسهم القيمة بمقدار 0.42 في المئة خسائر أسهم النمو البالغة 0.13 بالمئة.

وقال شوكي أوموري من شركة “ميزوهو” للأوراق المالية إن “الأسهم اليابانية كانت هدفاً لجني الأرباح من قبل المستثمرين الأجانب، وهناك مجال للانخفاض على المدى الطويل ربما إلى 37500 نقطة”.

وارتفع عائد السندات الحكومية اليابانية القياسي لأجل 10 أعوام إلى أعلى مستوى له خلال خمسة أشهر عند 0.855 في المئة، مقتفياً أثر صعود عوائد السندات الأميركية المماثلة بعدما أدت بيانات التضخم الاستهلاكي المرتفعة إلى تراجع الرهانات على موعد إقدام مجلس الاحتياط الاتحادي على خفض أسعار الفائدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى