اقتصاد دولي

المحاكم الأميركية تبحث أكبر قضية احتكار ضد “غوغل”

تنظر المحاكم الأميركية اليوم الثلاثاء أكبر قضية احتكار منذ 20 عاماً، بعد أن رفعت وزارة العدل ومجموعة من الولايات الأميركية دعوى قضائية ضد شركة “غوغل” بدأت قبل ثلاث سنوات، بحجة احتكارها البحث عبر الإنترنت وأسواق الإعلانات بشكل غير قانوني.

وزارة العدل الأميركية ترى أن “غوغل” تهيمن على حصة سوقية تبلغ نحو 90 في المئة، في مجال البحث بعدد من الاتفاقات الموقعة مع شركاء المتصفحات والهواتف مثل شركات “أبل” و”سامسونغ” و”موزيلا” و”فيرايزون”.

وتعتبر الحكومة أن تلك الهيمنة على الإنترنت ومن ثم أسواق الإعلانات الرقمية، سمحت لـ”ألفابيت”، الشركة الأم لـ”غوغل”، لتكون واحدة من أغنى الشركات في العالم وفقاً لدعوى وزارة العدل.

ووفقاً لبيانات رسمية تمثل الإيرادات من الإعلانات المستندة إلى نتائج البحث ما يقرب من 60 في المئة من إيرادات المجموعة، متفوقة بفارق كبير عن فروعها الأخرى، من “يوتيوب” إلى “أندرويد”، ولذلك لم يتمكن منافسوها، مثل “بينغ” من شركة “مايكروسوفت” و”داك داك غو”، من اكتساب مثل هذا القدر الكبير من الاهتمام.

القضية المتداولة في أروقة القضاء الأميركي تبحث إذا ما كانت شركة “غوغل” استخدمت اتفاقات غير قانونية لتهميش منافسيها وإلحاق الضرر بالمستهلكين والمعلنين في هذه العملية، إذ تتهما وزارة العدل بدفع مليارات الدولارات لشركة “أبل”، على سبيل المثال لتكون محرك البحث الافتراضي في متصفح “سفاري”.

وتأسست “غوغل” في فترة شهدت ضعفاً في تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار، خصوصاً ضد شركات التكنولوجيا التي طورت طرقاً مبتكرة ومجانية في كثير من الأحيان لاستكشاف الإنترنت واستخدامه.

إلى ذلك فشلت الجهود الرامية إلى تنظيم عمل “غوغل” وغيرها من عمالقة التكنولوجيا تحت سقف الكونغرس الأميركي في السنوات الأخيرة، وفي غياب تلك القواعد تحاول الحكومة استخدام قانون مكافحة الاحتكار لتنظيم المنافسة على شبكة الإنترنت.

ورصدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أسئلة عدة حول أكبر محاكمة لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة منذ أن تحدت الحكومة مايكروسوفت قبل أكثر من 20 عاماً.

لماذا تواجه “غوغل” دعوى قضائية ضد الاحتكار؟ 

البداية كانت قبل ثلاثة سنوات عندما رفعت وزارة العدل ومجموعة من الولايات الأميركية، دعوى قضائية ضد شركة “غوغل”، بدعوى أنها تحتفظ بشكل غير قانوني باحتكار البحث عبر الإنترنت وأسواق الإعلانات ذات الصلة مع بعض الشركات وهو ما تراه الحكومة الأميركية غير قانوني، إذ تجعل من “غوغل” محرك البحث الافتراضي في معظم الهواتف الأميركية، كما تحظر اتفاقات “غوغل” المنفصلة مع الشركات المصنعة للأجهزة المحمولة التي تعمل بنظام “أندرويد” التثبيت المسبق لمحركات البحث المنافسة أو الترويج لها إذا اختارت الحصول على جزء من إيرادات بحث “غوغل”.

ما الضرر الذي ينجم عن اتفاقات غوغل؟ 

وتقول وزارة العدل إن صفقات “غوغل” الحصرية مع شركة “أبل” وغيرها تمنع المنافسين من التنافس بفعالية على أعمال البحث أو تحسين منتجاتهم.

وأضافت الوزارة أن “غوغل” تغلق جميع المتصفحات وتحصل على جميع الاستفسارات، فإن الشركات الأخرى مثل “مايكروسوفت” لا تستطيع إجراء عمليات بحث كافية لتحسين منتجاتها، مما يمنحها ميزة كبيرة مضادة للمنافسة.

وأشارت إلى أن اتفاقات “غوغل” تخنق الابتكار، إذ إنها ليست مضطرة إلى تحسين محرك البحث الخاص بها للحفاظ على حصتها في السوق.

ولفتت الوزارة الأميركية إلى أن “غوغل” نتيجة هذا الاحتكار رفعت أسعار الإعلانات على صفحات نتائج البحث الخاصة بها.

في المقابل تقول “غوغل” إن اتفاقاتها لا تمنع شركائها من تقديم محركات بحث أخرى، موضحة أن مستخدمي متصفح “سفاري” من “أبل” أو متصفح “موزيلا فايرفوكس” يمكنهم تغيير خيار البحث الافتراضي في إعداداتهم.

وأضافت “غوغل” أن على هواتف “أندرويد” يمكن للمستهلكين التحول من محرك البحث المحمل مسبقاً إلى منتجات أخرى بأنفسهم، مشيرة إلى أن استخدام عدد قليل من المستهلكين لتلك الميزة فهذا لا يعد دليلاً على ممارسات احتكارية، بل دليل على تمسك المستهلكين بمنتج متفوق.

ماذا يحدث لو خسرت “غوغل”؟ 

من الناحية النظرية يمكن لقاضي المحكمة الجزئية الأميركية أميت ميهتا أن يأمر بتفكيك “غوغل”، لكن المحللين القانونيين يعتبرون ذلك غير مرجح، إذ يقولون إن “الأمر الأكثر احتمالاً هو وضع قيود جديدة على كيفية قيام “غوغل” بأعمالها، مثل قدرتها على الدفع لشركة “أبل” و”سامسونج” وغيرها لتكون محرك البحث الافتراضي على الهواتف.

من جهته قال محلل سياسات التكنولوجيا في مجموعة “كوين” واشنطن للأبحاث بول جالانت إنه “يبدو أن هذا هو الحل الأكثر طبيعية”، مضيفاً أن “تفكيك الشركة بسبب مدفوعات غير قانونية لمصنعي المعدات أمر غير مرجح مقارنة بالضرر”.

متى قامت حكومة الولايات المتحدة بتحدي احتكار كبير في المحكمة آخر مرة؟

في عام 1998 رفعت الحكومة الأميركية دعوى قضائية ضد “مايكروسوفت” بسبب محاولتها السيطرة على سوق متصفحات الإنترنت على أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام “ويندوز”، وبعد فوز وزارة العدل في الدعوى القضائية جاءت الفرصة لمنافسين مثل “غوغل” و”فيسبوك” للظهور والتقدم في المستقبل.

وتقول الوزارة إن “غوغل” قامت بمحاكاة قواعد اللعبة التي اتبعتها “مايكروسوفت” في التسعينيات لبناء احتكارها الخاص في البحث والإعلان على الإنترنت والحفاظ عليه، بينما ردت “غوغل” على ذلك بأن “المقارنة غير مناسبة”.

إلى متى ستستمر المحاكمة ومتى سيتم التوصل إلى الحكم؟ 

 أمام وزارة العدل شهر واحداً لعرض قضيتها، مما يعني أن الولايات الأميركية و”غوغل” لن تستجوبا الشهود حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ومن المتوقع أن تنتهي شهادة الشهود في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبعد ذلك سيكتب الجانبان مذكرات للقاضي تلخص القضية ويناقشان الطريقة التي يجب أن يحكم بها. ومن غير المتوقع تقديم المرافعات الختامية والحكم حتى العام المقبل، وفي حال وجد القاضي ميهتا أن “غوعل” بالفعل انتهكت قانون “شيرمان” لمكافحة الاحتكار، فسيحدد موعداً لمحاكمة منفصلة لتحديد العقوبات، ومن المرجح أن يستأنف على القرار، بالتالي فإن النتيجة النهائية قد تكون بعد سنوات.

من الشهود الرئيسون في المحاكمة؟ 

إلى ذلك فإن قائمة الشهود الكاملة ليست متاحة بعد، فمن المرجح أن يستجوب الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابيت” ساندر بيتشاي، وبعض المديرين التنفيذيين لشركة “أبل”، مثل نائب الرئيس الأول للخدمات أيدي كيو، أيضاً من المرجح أن تستدعي وزارة العدل مسؤولين تنفيذيين من شركتي “مايكروسوفت” و”دك دك غو”، اللتين تديران محركات بحث منافسة.

من المحامون الرئيسون الذين يعملون في هذه القضية؟ 

المحامي الرئيس لشركة “غوغل” هو جون شميدتلين، وهو شريك في شركة التقاضي القوية “ويليام أند كونولي”، ومثل شميدتلين مجموعة من الولايات الأميركية في جزء من محاكمة عام 1998 ضد “مايكروسوفت”، ولعب كبير المسؤولين القانونيين في “غوغل” كينت ووكر، والشريكة في شركة المحاماة “ويلسون سونسيني” في وادي السليكون سوزان كريتون، أدواراً رئيسة في التعامل مع وزارة العدل وصياغة استراتيجية المحاكمة.

أما كبير محامي وزارة العدل في قاعة المحكمة فهو كينيث دينتزر، وهو محام مخضرم لمدة 30 عاماً في الدعاوى الحكومية الكبيرة، إذ بدأ مسيرته المهنية في وزارة العدل في أوائل التسعينيات وعمل في التحقيق المبكر الذي أجرته شركة “مايكروسوفت”، ومن بين زملائه في المحاكمة أيضاً آدم سيفيرت وميغان بيلشو وديفيد دالكويست.

في النهاية قد تواجه “غوغل” خطراً كبيراً في حال حكم القاضي الفيدرالي أميت ميهتا في غضون بضعة أشهر لصالح حكومة الولايات المتحدة، إذ إن الشركة العملاقة في مجال محركات البحث عبر الإنترنت ستكون مضطرة إلى الانفصال عن أنشطة معينة لإجبارها على تغيير أساليبها.

وكانت الشركة غرمت في أوروبا، بأكثر من 8.2 مليار يورو (8.8 مليار دولار) بسبب انتهاكات مختلفة لقانون المنافسة، على رغم أن بعض هذه القرارات لا تزال قيد الاستئناف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى