اقتصاد كويتي

فجوة هائلة في البنية التحتية بالمنطقة

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فجوة هائلة في البنية التحتية، حيث تتراوح تقديرات العجز من 75 مليار دولار إلى 100 مليار دولار سنوياً، إذ يترجم هذا إلى حاجة تراكمية إلى ما بين 2 إلى 2.5 تريليون دولار في الاستثمار في البنية الأساسية وحدها بحلول عام 2050، مع ما سيتطلب من سد هذه الفجوة التمويلية زيادة هائلة في مستوى الاستثمار.

في عام 2020، ذكر البنك الدولي أن دول المنطقة بحاجة إلى إنفاق ما لا يقل عن %8.2 من الناتج المحلي الإجمالي، لتحقيق أهداف البنية التحتية الخاصة بها حتى عام 2030. ومع ذلك، كان متوسط الإنفاق %3 فقط خلال العقد السابق، معظمها من أموال القطاع العام، إلى جانب تمويل الديون المتعددة الأطراف والثنائية، وفق تقرير حديث على مجلة «ميد».

وفي السنوات الفاصلة، أدت القيود المالية الإضافية، التي فرضتها الجائحة والصدمات الاقتصادية العالمية، مثل تضخم أسعار المواد الغذائية، إلى زيادة عرقلة الإنفاق العام الإقليمي على البنية التحتية.

في عام 2023، قدرت توقعات البنية التحتية لمؤسسة ICD-Refinitiv لمنظمة التعاون الإسلامي الفجوة التمويلية القائمة في المنطقة لتطوير البنية التحتية بـ994 مليار دولار. وشملت الفجوات عجزاً قدره 685 مليار دولار في الاستثمار بالبنية التحتية للطرق، وفجوة تمويلية بقيمة 111 مليار دولار في قطاع المياه، وفجوة بقيمة 65 مليار دولار في قطاع الاتصالات، 47 مليار دولار في السكك الحديدية، 34 مليار دولار في البنية التحتية للموانئ، 27 مليار دولار للاستثمار في شبكات الكهرباء، و25 مليار دولار في الاستثمار بالبنية التحتية للمطارات.

ولهذه الفجوة التمويلية آثار حقيقية ومادية على الرخاء الاقتصادي وآفاق النمو الاقتصادي.

على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن النقص في الاستثمار في البنية التحتية للطرق يكبّد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكلفة مذهلة تبلغ %5.5 من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، بسبب عدم الكفاءة والحوادث، وفقاً للبنك الدولي.

انقطاع الكهرباء

أفادت «ميد» بأن دراسة، أجريت عام 2020 في مجلة Review of Middle East Economics and Finance، وجدت أن شركات التصنيع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واجهت أشد فترات انقطاع التيار الكهربائي شهرياً، مقارنة بأي منطقة أخرى، بمعدل 64 ساعة في الشهر. وقدرت القيمة المتوقعة لخسائر الأعمال الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي بنحو %4.8 من إجمالي المبيعات.

ووفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن تلبية احتياجات الاستثمار السنوية في المنطقة يمكن أن تولد نحو 2.5 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة مرتبطة بالبنية التحتية. ويعد هذا أمراً بالغ الأهمية، عندما يكون نصف سكان المنطقة تحت سن 24 عاماً، و%29 منهم لا يعملون أو يتعلمون أو يتلقون تدريباً، وفقاً لأرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

شح المياه

أشارت «ميد» إلى أن هناك فجوة أخرى ملموسة للغاية في البنية التحتية، وهي القدرة على توفير المياه. ويبلغ النقص السنوي الحالي في المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 42 كيلومتراً مكعباً. ولكن بحلول عام 2050 من المتوقع أن ينمو هذا الرقم خمسة أضعاف، ليصل إلى 199 كيلومتراً مكعباً سنوياً في ظل السيناريوهات المناخية المتوسطة، وربما يصل إلى 283 كيلومتراً مكعباً سنوياً في ظل الظروف الأكثر جفافاً.

وتسلط هذه الأمثلة الضوء على الحاجة إلى استثمارات كبيرة لسد أوجه القصور في البنية التحتية، وضمان ظروف النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستدامة الشاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولمواجهة هذه التحديات، هناك حاجة إلى نهج شامل ومتعدد الأوجه لتحفيز القطاع الخاص على دعم الاستثمارات الإقليمية في البنية التحتية. ويشمل ذلك وضع الحكومات لتوجيهات سياسية وأطر تنظيمية واضحة لجذب تعبئة رأس المال الخاص.

التكيف التكنولوجي

أوضحت «ميد» أنه بالتوازي مع حاجة الحكومات إلى تحسين ظروف الاستثمار بشكل استباقي، فإن توفير متطلبات البنية التحتية المستقبلية يتوقع أيضاً اعتماد التكنولوجيا الناشئة.

وكما ان هدف العديد من البلدان، المتمثل في تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050، يزيد من التعقيد على تحديات البنية التحتية الحالية. ومع ذلك، فإن الجهود الإقليمية، مثل مبادرة الشرق الأوسط الخضراء، وإطار الاقتصاد الدائري للكربون، تظهر التزام المنطقة بتحقيق أهدافها المتمثلة في خفض الانبعاثات الصفرية إلى الصفر.

وأكدت المجلة أن الوصول إلى صافي الصفر من الانبعاثات سوف يستلزم بناء بنية تحتية ليست أكبر وأفضل فحسب، بل وأكثر ذكاءً.

الوصول إلى التمويل

ذكرت «ميد» أنه دون التمويل الكافي، سيتم خنق فعالية تطوير البنية التحتية، بما في ذلك الابتكار التكنولوجي داخل هذا القطاع، حيث إن الحاجة الأكثر إلحاحاً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي تحسين جاذبية فرص الاستثمار في البنية التحتية.

وقد ركزت العديد من الحكومات، وخاصة في منطقة الخليج، على تشجيع القطاع الخاص، من خلال ترتيبات أفضل وأوسع للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكانت النتائج متباينة.

وقد كافحت بعض البلدان من أجل تقديم أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص بقدر كاف من الجاذبية التجارية والقابلية المصرفية، وهي مشكلة ترتبط عادة بتوزيعات المخاطر غير الجذابة على جانب القطاع الخاص.

ومع ذلك، فإن تعبئة الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإنشاء أطر تنظيمية أكثر شفافية وكفاءة حولها، تعتبر بشكل روتيني أمراً حيوياً لجذب وتعبئة رأس المال الخاص.

الاستفادة من التمويل الأخضر

بيَّنت المجلة أن توفير بنية تحتية أكثر استدامة، بهدف تحقيق أهداف صافي الصفر، يجلب أيضاً إمكانية الاستفادة من التمويل الأخضر، بما في ذلك السندات الخضراء والصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. إذ تفتح المشاريع، التي تستهدف الحياد الكربوني، نفسها أمام سبل أكثر تنوعاً للتمويل المحتمل، بما في ذلك الصناديق الدولية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

وتتخذ حكومات المنطقة خطوات لتعبئة التمويل المناخي، من خلال إصدار السندات السيادية الخضراء والصكوك، لتمويل خطط النقل النظيف وإدارة النفايات والأبنية الخضراء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى