مقالات اقتصادية

كامالا هاريس .. عداء لشركات النفط وصداقة مع شركات التكنولوجيا

كتب أسامة صالح

مع انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن رسميا من السباق الانتخابي للبيت الأبيض، ينظر الآن إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس على أنها المرشح الأوفر حظا لتحل محله، ربما لم يحسم الأمر تماما بعد، إلا أن الصورة النهائية ستتضح في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي سيعقد أواخر شهر أغسطس.

وحتى يحسم هذا الجدل فإن تاريخ هاريس في التعامل مع شركات النفط والغاز يثير قلق كثيرين ويدفعهم للتساؤل عن تفاصيل برنامجها الاقتصادي، بحسب خبراء تحدثوا لـ”الاقتصادية”.

وبوصفها عضوا في مجلس الشيوخ ثم مرشحة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية عام 2020، تبنت دائما مواقف متشددة وانتقادية لصناعة النفط والغاز.

الخبير البريطاني في صناعة النفط مارك ديفيس أشار إلى مواقفها الداعية إلى وضع حد للتكسير الهيدروليكي، بوصفه أسلوب حفر في صناعة النفط والغاز يستخدم المواد الكيميائية والمياه لتكسير الصخور وإطلاق الهيدروكربونات، موضحا أنها كانت على استعداد لمهاجمة شركات النفط الكبرى مباشرة بطريقة لم يفعلها الرئيس بايدن، ورفعت دعاوى قضائية ضد شركات الوقود الأحفوري ودافعت عن مبادرات تحديد سقف للانبعاثات والسيطرة على انبعاثات الكربون، وانتقدت التنقيب البحري بهدف تقليل عمليات الحفر على طول سواحل كاليفورنيا.

ويقول ديفيس “تلك المواقف تدفع بدعاة حماية البيئة لوضع ثقلهم خلف هاريس، لكن في الوقت ذاته يحذر بعض كبار الديمقراطيين المقربين من شركات النفط والغاز من أن هذه السياسات لا تتماشى مع الولايات الرئيسة المتأرجحة والمنتجة للنفط والغاز مثل ولاية بنسلفانيا”.

من جانبها، ترى الدكتورة لورين كيفين، أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة ليدز، أن الحملات الانتخابية شيء والحكم شيء آخر، وتقول “سترث هاريس إنتاجا أمريكيا قياسيا من النفط والغاز وعالما من المستهلكين المؤيدين للوقود الأحفوري الأرخص من الطاقة المتجددة وصناعيين ومستثمرين غير مستعدين بعد للتوقف عن استخدام النفط والغاز، وتبني مواقف متشددة تجاه صناعة النفط والغاز دون أن تكون الولايات المتحدة مؤهلة بعد للانتقال بكثافة للطاقة المتجددة أو النظيفة يعني ارتفاعا في أسعار الطاقة ومزيدا من التضخم وغلاء الأسعار بالنسبة للمواطن الأمريكي”.

وتضيف “في الانتخابات التمهيدية لعام 2020 دعمت كامالا هاريس فرض حظر على التكسير الهيدروليكي، لكنها بينت هذا الموقف بمجرد انتمائها إلى فريق بايدن، ما يشير إلى الاستعداد للوصول إلى تسويات بشأن مواقفها في قضايا الطاقة”.

لا يتوقف الجدل عند مواقف كامالا هاريس في مجال الطاقة وعدائها لشركات النفط، بل يمتد أيضا إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، وإذ كانت آراؤها تدعم تعزيز المنافسة في سوق التكنولوجيا، فإنها تدعو إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على الشركات الكبرى لمنعها من الهيمنة على السوق، وتؤكد في أكثر من تصريح لها ضرورة اتخاذ إجراءات لمنع ممارسات الاحتكار التي تقوم بها شركات جوجل وفيسبوك وأمازون.

جون دوير، الخبير المختص في مجال التكنولوجيا، يفرق بين موقف هاريس في التعامل مع شركات النفط والغاز وشركات التكنولوجيا بالقول “هاريس أكثر عدوانية مع شركات الطاقة التقليدية، لأنها ترغب في التخلص منها وإحلال بديل آخر يعتمد على الطاقة الخضراء أو المتجددة، لكن الأمر مختلف بالنسبة لشركات التكنولوجيا، إنها تريد تقليم أظفارهم فقط وأن يكون لديهم التزام أخلاقي أكبر بحماية المستهلكين وتحديدا من أخطار الذكاء الاصطناعي، وعدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا داعمين لها ويتبرعون لحملتها الانتخابية”.

ويرى الخبراء أن مواقف هاريس المدافعة عن تعزيز الخصوصية وتحسين البنية التحتية للأمان السيبراني لحماية الولايات المتحدة من الهجمات السيبرانية تجعل كثيرا من شركات التكنولوجيا تتغاضى عن الانتقادات الموجهة لهم من هاريس إدراكا منهم، أنها بهذا تعزز من ثقة المستخدمين في التعامل مع التكنولوجيا، ولذلك آثار إيجابية على الاقتصاد الرقمي عامة.

ربما يكون الإطار العام لبرنامج هاريس الاقتصادي مرآة لبرنامج الرئيس بايدن، حيث ستستثمر في سياسات إدارة بايدن وستدافع إدارة هاريس المحتملة عن السياسات الاقتصادية التي وضعها بايدن، مثل الإعانات المقدمة لصناعة السيارات الكهربائية الذي توعد الرئيس ترمب بإلغائه في أول يوم له في البيت الأبيض إذا ما فاز بالانتخابات الرئاسية، وستعمل على زيادة تمويل الأجهزة الضريبية لملاحقة الأثرياء المتهربين من الضرائب.

من جانبه، قال الدكتور إل. دي. جونسون، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة لندن، إن “الاتجاه العام للبرنامج الاقتصادي لكامالا هاريس سيكون ذا صبغة يسارية، وستعمل أجندتها الاقتصادية على تحقيق نمو شامل ومستدام يعزز من العدالة الاقتصادية عبر استثمار كبير في دعم الأعمال الصغيرة بتوفير قروض صغيرة وزيادة فرص الوصول إلى رأس المال من خلال برامج مثل مبادرة ائتمان الأعمال الصغيرة، وستعمل على ضخ استثمارات ضخمة في مجال البنية التحتية مثل الإسكان والتعليم والرعاية الصحية”.

وأضاف “لكن تلك المواقف الاقتصادية ذات الملمح اليساري قد تدفع بكثيرين داخل الحزب الديمقراطي إلى عدم تأييد ترشحها بدلا من الرئيس بايدن، فالمزاج اليميني العام للناخب الأمريكي يجعل برنامجها الاقتصادي يفتقد الجاذبية في عيون كثير من الناخبين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى