أسس “أنثوني تان” شركة “جراب – Grab” المتخصصة بمجال النقل التشاركي وأعمال التوصيل في مقتبل حياته المهنية وبرأس مال محدود، لتهيمن بعد ذلك على أسواق جنوب شرق آسيا وتجبر منافستها العالمية “أوبر” على التخارج من تلك المنطقة.
نشأ “أنثوني” في واحدة من أغنى عائلات ماليزيا، والده هو “تان هينج تشيو” رئيس شركة “تان تشونج موتور” المتخصصة في توزيع السيارات والمدرجة ببورصة كوالالمبور.
عارض والده فكرة تأسيس الشركة صاحبة تطبيق “جراب” الشهير لاعتقاده بأنها لن تُكلل بالنجاح، وتوقعه بأن “تان” سوف يعمل في شركة العائلة بعد إنهاء دراسته الجامعية.
لكن هذا الرفض، بجانب ثقته الراسخة في فكرة الشركة التي تأسست بهدف تحسين جودة نظام سيارات الأجرة في ماليزيا، كانا السبب في إصراره على المواصلة، وتحدي اللقب الذي أُطلق عليه من المحيطين بأنه “متمرد دون داعٍ”.
التقى “تان” بـ “هوي لينج تان” – التي أصبحت شريكته المؤسسة – أثناء دراسته في كلية هارفارد للأعمال، وذات يوم في عام 2011، تحدثا عن مدى سوء خدمة سيارات الأجرة في ماليزيا، وكونه غير آمن للاستخدام خاصة بالنسبة للنساء.
ومن هنا جاءت فكرة تأسيس “جراب”، وبعدما صاغا خطة عمل، تقدم الشريكان لمسابقة للشركات الناشئة بالجامعة، وفاز مشروعهما بالمركز الثاني وحصلا على جائزة قدرها 25 ألف دولار كانت نواة رأس مالهما.
ارتكزت الفكرة الأولية للشركة على تأسيس بنية تحتية جديدة لنظام سيارات الأجرة المحلي، لكن العقبة كانت في إقناع السائقين بالانضمام للتطبيق في ظل ضعف التمويل الأولي.
الأمر الذي دفع “تان” – البالغ من العمر 42 عاماً – للتركيز على إيجاد حلول مبتكرة لجذب السائقين، وبدأ في القيام برحلات لدول جنوب شرق آسيا لإقناع سائقي سيارات الأجرة بتجربة تطبيق “جراب”.
وفي رحلاته الأولى إلى فيتنام، لاحظ “تان” أن السائقين بمدينة هوتشي يتجمعون أمام محطة للوقود في الرابعة صباحاً لاحتساء القهوة، لذا كان يذهب إلى هناك في هذا الموعد ليوزع عليهم قهوة مجانية، ثم يعرض فكرته بالانضمام وتجربة التطبيق.
قال “تان” في تصريح لشبكة “سي إن بي سي”، إن الأمر كان يتعدى مجرد توزيع القهوة المجانية، إذ كانت استراتيجيته تعتمد على فهم المشكلات التي تواجه السائقين، وإقناعهم بأن “جراب” وسيلة لزيادة دخولهم كما فعل أثناء إحدى رحلاته لمانيلا، عاصمة فيتنام.
وأوضح “تان” أن هذه الجولات تطلبت جهداً مكثفا للغاية، إذ كان يُجري رحلتي طيران أسبوعياً، وبين كل رحلة يُسافر إلى 3 مدن، وأنه كان يعمل لمدة تصل إلى 20 ساعة يومياً، وكانت راحته الأسبوعية يوما واحدا فقط.
ومنذ ذلك الحين، أخذ تطبيق “جراب” يتوسع في جنوب شرق آسيا حتى وافقت شركة “أوبر” عام 2018 على بيع أعمالها في المنطقة لصالح الشركة الناشئة مقابل الحصول على حصة 27.5% منها.
وعززت هذه الصفقة مكانة “جراب” في المنطقة، خاصة وأنها شملت انضمام “دارا خسروشاهي” الرئيس التنفيذي لـ “أوبر” إلى عضوية مجلس إدارتها.
وفي غضون 3 سنوات من صفقة “أوبر”، طُرحت “جراب” للاكتتاب العام في وول ستريت عام 2021 ودعمتها مؤسسات كبرى مثل مجموعة “سوفت بنك” اليابانية.
حققت “جراب” إيرادات تجاوزت ملياري دولار عام 2023، وتبلغ قيمتها السوقية في الوقت الراهن 14.576 مليار دولار حتى إغلاق الجمعة الماضية.
المصدر: سي إن بي سي
