اقتصاد دولي

أي مستقبل ينتظر برميل النفط بعد اشتداد الحرب في الشرق الأوسط؟

مع تحرك القوات الإسرائيلية نحو لبنان وشن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل بدأت المخاوف من ارتفاع أسعار النفط بشكل قد يؤدي إلى صدمة تضخمية عالمية جديدة في التزايد، خصوصاً مع ارتفاع أسعار النفط بأكثر من أربعة في المئة لتصل إلى نحو 75 دولاراً للبرميل الثلاثاء الماضي.

ومع ذلك أكد محللون أن المستثمرين بقوا هادئين نسبياً على رغم تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، إذ انخفضت أسعار النفط بأكثر من 10 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وظلت سوق الأسهم الأميركية قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

قد تشكل زيادة أسعار النفط مصدر قلق للعواصم المالية الغربية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر المقبل، وتراجع التضخم في الاقتصادات المتقدمة في الأشهر الأخيرة، مما يمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة من قبل صانعي السياسات في البنوك المركزية الكبرى.

3 عوامل تجنب الذعر

ومع ذلك، يعتقد المحللون أن الأسواق المالية قد تتمكن من تجنب الذعر، مشيرين إلى ثلاثة عوامل رئيسة هي، التوقعات حول مسار الصراع في الشرق الأوسط، والجغرافيا السياسية، والوضع الاقتصادي العالمي المتدهور.

قال رئيس أسواق رأس المال في شركة التأمين “فونيكس غروب”، نووان غوناتيليكي لصحيفة “غارديان”، “من المدهش أن ترى تصعيداً من دون تحرك كبير للأسواق. هذا ليس ما تتوقعه عادة، لكن التصعيد مستمر منذ 12 شهراً… ستستمر الأسواق في مراقبة ما إذا كان الصراع سيجذب قوى إقليمية أخرى. إيران هي العنصر الذي قد يكون الأكثر درامية”.

وفي المقام الأول يبقى المحللون متفائلين بأن التصعيد الأخير يمكن تهدئته.

وتعد إيران منتجاً رئيساً للنفط، إذ توفر نحو 3 ملايين برميل يوماً، أي ما يقارب ثلاثة في المئة من الإنتاج العالمي، على رغم العقوبات الغربية.

ولطهران أيضاً تأثير كبير في مضيق هرمز، وهو نقطة عبور حيوية لشحنات النفط والغاز التي تتجاوز 20 مليون برميل يومياً، أي ما يقارب 30 في المئة من تجارة النفط العالمية.

وتسيطر إيران كذلك على البحر الأحمر من خلال دعمها الحوثيين في اليمن، الذين يستهدفون السفن، وكانت هذه المخاوف من أكبر مصادر القلق في الأسواق المالية العالمية في وقت سابق من هذا العام.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية الجغرافيا السياسية، إذ يعتمد كبار مصدري النفط والغاز، بما في ذلك السعودية والإمارات والكويت وقطر والعراق، بصورة كبيرة على هرمز، مما يرفع احتمالية أن إغلاق إيران لهذا الممر الحيوي، الذي قد يكون له عواقب أوسع نطاقاً.

وأفاد محللو شركة “كابيتال إيكونوميكس” أن خطوة إغلاق مضيق هرمز قد تدفع أسعار النفط إلى الاقتراب من 100 دولار للبرميل، مع ذلك، حتى لو قيدت إيران حركة الشحن، فإن علاقاتها الجيدة نسبياً مع قطر قد تسمح باستمرار توريد النفط القطري. وأضافوا، “على أي حال، نظراً لاحتمال الرد العسكري، الذي من المرجح أن تقوده الولايات المتحدة، نشك في أن إيران ستكون قادرة على إغلاق المضيق لفترة طويلة عملياً”.

من جانبه، أبدى الرئيس التنفيذي لشركة “غنفور” للتجارة توربيورن تورنكفيست ثقته الكبيرة في أن إمدادات النفط لن تتأثر بصورة كبيرة، وفقاً لما نقلته “رويترز”. وقال، “لدينا وضع في البحر الأحمر واليمن، لكنه يشكل مصدر إزعاج أكثر من كونه معطلاً حقيقياً بأي شكل”.

أما العامل الثالث الذي قد يحول دون حدوث ذعر في الأسواق المالية فهو الاقتصاد نفسه، فالطلب على النفط تراجع مع تباطؤ النمو العالمي، لا سيما في الصين التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم، إذ تسعى بكين جاهدة لإنعاش النشاط الاقتصادي المتراجع. وتشهد الصناعة الأوروبية ركوداً، إذ أظهرت تقارير أن إنتاج المصانع انخفض في سبتمبر (أيلول) الماضي، بأسرع معدل هذا العام.

“أحداث جيوسياسية أو تعاف في الصين”

وأشار رئيس استراتيجية السلع في “ساكسو بنك” أولي هانسن إلى أن الطلب في الصين انخفض إلى “بضع مئات الآلاف من البراميل يومياً” مقارنة بـ1.3 مليون برميل يومياً في 2023. وأضاف، “نعتقد أن هذه العوامل تشير إلى أن سعر خام برنت سيظل في نطاق الـ70 دولاراً في المستقبل القريب، مع إمكان حدوث مفاجآت إيجابية نتيجة أحداث جيوسياسية أو تعاف في الصين”.

وعلى النقيض من أزمة الطاقة الروسية قبل عامين، التي تزامنت مع ارتفاع التضخم بسبب تخفيف قيود “كوفيد-19” والاختناقات في العرض، فإن هذه المرة يشهد التضخم تراجعاً والطلب الاستهلاكي أضعف، بسبب ارتفاع الأسعار السريع وكلفة الاقتراض المرتفعة.

وعلى رغم انخفاض أسعار النفط من أكثر من 90 دولاراً للبرميل في أبريل (نيسان) الماضي، إلى نحو 70 دولاراً، مما ساعد في تخفيف الضغوط التضخمية، فإن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط قد يغير هذا المشهد.

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button