واشنطن تضغط على اليابان لتشديد قيود تصدير الرقائق إلى الصين
حثّ كبار المشرعين الأميركيين اليابان على تشديد القيود على مبيعات معدات صناعة الرقائق إلى الصين، محذرين من أنه في حال فشل طوكيو في اتخاذ إجراءات، فقد تفرض واشنطن قيوداً خاصة بها على الشركات اليابانية، أو تمنع مصنّعي الأدوات الذين يبيعون للصين من الحصول على منح أميركية مخصصة لقطاع أشباه الموصلات.
أعرب كل من أكبر الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين في لجنة مجلس النواب المعنية بالصين، عن مخاوفهم في رسالة بتاريخ 15 أكتوبر، موجهة إلى السفير الياباني في الولايات المتحدة شيغيو يامادا، واطّلعت عليها «بلومبرغ».
رفض المشرعون المزاعم التي تفيد بأن القيود كان لها تأثيراً سلبياً ملموساً على شركات تصنيع معدات الرقائق، مثل شركة «طوكيو إلكترون»، وشدّدوا على أهمية التعاون بين الولايات المتحدة واليابان وهولندا، التي تستضيف أهم خمسة شركات لصناعة معدات أشباه الموصلات، لإبطاء طموحات الصين في هذا المجال.
وقال رئيس اللجنة جون مولينار، وهو جمهوري، وراجا كريشنامورثي، أكبر ديمقراطي في اللجنة، في الرسالة: «الادعاءات بأن هذه الشركات تضررت من القيود الحالية لا تبدو مبررة عند التدقيق». وعند طلب تعليق على الرسالة، أشار متحدث باسم اللجنة إلى هذه العبارة. ولم ترد السفارة اليابانية على الفور على طلب التعليق.
تأثير محدود
أشارت الرسالة إلى ارتفاع أسعار أسهم شركات «طوكيو إلكترون»، و»إيه إس إم إل هولدينغ» (ASML Holding NV)، و»لام ريسيرش» (Lam Research Corp)، و»أبلايد ماتريالز» (Applied Materials Inc)، بالإضافة إلى برامج الإعانات للرقائق من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كأدلة على التأثير المحدود للرقابة على الصادرات.
بشكل عام، حققت تلك الشركات مكاسب من ازدهار الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أنه لم يحصل أي منها حتى الآن على منح حكومية مباشرة من قانون أشباه الموصلات والعلوم الأميركي، إلا أن عملاءها-مثل شركتي تصنيع الرقائق «إنتل» و»سامسونغ»- يمكنهم استخدام اعتمادات ضريبية بنسبة 25% لشراء معداتهم لمرافق أميركية.
مع ذلك، لا تزال الصين سوقاً حيوية ومربحة لجميع مصنعي أدوات الرقائق، ولدى المسؤولين في طوكيو ولاهاي حذراً بشأن فرض قيود إضافية. وفي الوقت نفسه، جادلت الشركات الأميركية بأن تشديد القيود من واشنطن يمنح منافسيها الأجانب ميزة غير عادلة. ويقولون إن المزيد من القيود الأحادية سيكون له تأثيراً ضاراً على الصناعة الأميركية من دون وجود تدابير مماثلة من الحلفاء.
ضغطت إدارة جو بايدن على اليابان وهولندا لتقوية رقابتها على الرقائق، كجزء من حملة مستمرة منذ سنوات لمنع بكين من الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التي قد تفيد جيشها. وتحديداً، يسعى المسؤولون الأميركيون إلى فرض حظر على الأشخاص اليابانيين والهولنديين الذين يقومون بصيانة وإصلاح المعدات المتقدمة في الصين، بما يتماشى مع القواعد التي وضعتها واشنطن بالفعل للأشخاص الأميركيين. كما أنهم يريدون من الحلفاء تقليص بيع أدوات إضافية، لتتناسب مع حزمة أوسع من اللوائح الجديدة التي لا تزال قيد المناقشة.
تهديد بالانتقام
كانت تلك المهمة صعبة، حيث قاوم الحلفاء تنفيذ قواعد جديدة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتهتم اليابان بشكل خاص بالتأثيرات السلبية ليس فقط على «طوكيو إلكترون»، ولكن أيضاً على شركة «تويوتا موتور»، وذلك إذا ردت الصين على القيود الجديدة من خلال تقييد وصول شركات السيارات اليابانية إلى المعادن الحيوية. وكرر المسؤولون في بكين تهديداتهم بالانتقام في اجتماعاتهم مع نظرائهم في طوكيو، كما أفادت «بلومبرغ» في سبتمبر.
حتى الآن، كانت محادثات الرقابة على الصادرات تركز على قدرة الصين على تصنيع الرقائق المتطورة. لكن رسالة المشرعين إلى يامادا أظهرت أيضاً القلق بشأن قدرة الصين على إنتاج المعالجات الأقل تطوراً، وهي منطقة رئيسية تركز عليها بكين، خاصة بعد أن قطعت الولايات المتحدة وحلفاؤها مبيعات المعدات عالية المستوى. لمواجهة هذا التسارع، زادت إدارة بايدن الرسوم الجمركية على الرقائق الصينية إلى 50% اعتباراً من عام 2025. واعتبرت الرسالة أنه لا يزال هناك المزيد مما يمكن فعله.
كتب مولينار وكريشنامورثي أن الرقائق التي تسعى الصين للسيطرة عليها «هي شريان الحياة للاقتصاد الحديث والجيش الحديث».
من دون جهد متعدد الأطراف لمعالجة هذه المخاوف، قالت الرسالة إن شحنات معدات صناعة الرقائق الأميركية واليابانية والهولندية ستمنح بكين «حق النقض الوظيفي على قدرة دولنا على إنتاج أنظمة أسلحتنا والسلع الاستهلاكية الحديثة بالمستويات الضرورية».
حل متعدد الأطراف
بينما يفضل المشرعون حلاً متعدد الأطراف، فإنهم أكدوا أن لدى الولايات المتحدة خيارات أخرى. أحدها هو استدعاء ما يُعرف بقانون المنتجات الأجنبية المباشرة (FDPR)، والذي يسمح لواشنطن بتنظيم السلع المصنعة في الخارج حتى باستخدام أصغر قدر من التكنولوجيا الأميركية.
وطرح مسؤولو إدارة بايدن هذه الإمكانية في المناقشات المرتبطة بالرقابة على الصادرات خلال الصيف، لكنهم قرروا في النهاية استثناء الحلفاء الرئيسيين من قواعد قانون المنتجات الأجنبية في اقتراحهم الأخير.
أشارت الرسالة أيضاً إلى سلطات وزارة الخزانة أو إمكانية وجود ضوابط إضافية على تمويل قانون الرقائق، «بما في ذلك ما إذا كان ينبغي تقييد الأموال على الشركات أو الدول التي تشحن معدات تصنيع أشباه الموصلات المتطورة إلى الصين».
لاتعد هذه المرة الأولى التي يُظهر فيها الكونغرس اهتماماً بإضافة مزيد من القواعد إلى قانون الرقائق، الذي وقعه الرئيس جو بايدن في عام 2022. كان هناك اقتراح في وقت سابق من هذا العام يمنع المستفيدين من التمويل، من شراء الأدوات الصينية للمنشآت الأميركية التي تتلقى تمويلاً حكومياً.