عملات رقمية

هل يجب أن نتبع تحركات المليارديرات في سوق الأسهم والعملات المشفرة؟

تخيل لو أنك تملك القدرة على معرفة كل خطوة يخطوها المليارديرات في عالم الاستثمار، هل تتوقع أن تكون بالنجاح نفسه؟

 

وإذا كان الأمر كذلك هل هذا يعني أن مفتاح الثراء هو تتبع تحركات هؤلاء العمالقة الماليين في سوق الأسهم والعملات المشفرة؟ أم أن هناك مخاطر خفية في السير خلف هذه الأسماء اللامعة؟

 

المتابع لتلك الأسواق يستطيع أن يلاحظ أنه خلال لحظات قصيرة، قد يرتفع سعر عملة مشفرة أو تنهار قيمة سهم ما فقط بناءً على قراراتهم، فمليارديرات مثل “إيلون ماسك” و”وارن بافيت” لديهم القدرة على تحريك الأسواق بتغريدة أو بخبر عن تخليهم أو شرائهم لأسهم بعينها.

 

تأثير المليارديرات على الأسواق

 

يمتلك المليارديرات قدرة استثنائية على التأثير في الأسواق، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعد “إيلون ماسك” مثالاً حياً على التأثير المباشر؛ فقد سجلت العملة المشفرة “دوج كوين” مكاسب قوية بعد تغريدات منه في أبريل 2023، فيما تتأثر أسهم شركة “تسلا” بشكل متواصل بتغريدات مؤسسها ورئيسها التنفيذي.

 

وبالتالي، فإن مراقبة تحركات كبار المستثمرين والمليارديرات بأسواق الأسهم والعملات المشفرة قد تكون استراتيجية جذابه للباحثين عن توجيه استثماري، نظراً لكون هؤلاء الأثرياء لديهم إمكانية الوصول لفرق تحليلية متقدمة، وشبكات معلومات غير متاحة للمستثمر العادي.

 

ولكن تتبع استثمارات هؤلاء الأثرياء يحتاج إلى فهم أعمق لعدة عوامل، مثل أهدافهم المالية الشخصية، وحجم تأثيرهم في الأسواق، والمخاطر المرتبطة بذلك، وتوقيت قيامهم بتلك التحركات.

 

ولا شك أن المليارديرات غالباً ما يتمتعون بفريق من المحللين والخبراء الذين يقومون بدراسة الأسواق بشكل مكثف، وبالتالي يمكن أن تكون تحركاتهم مبنية على رؤى لا يمتلكها المستثمر العادي.

 

كما أنهم يمتلكون تأثيراً كبيراً على الأسواق، فبمجرد إعلان استثمار من ملياردير في سهم أو عملة مشفرة يمكن أن يرفع قيمتها بشكل كبير، ما يوفر فرصة للمستثمرين للاستفادة، إلا أن هذا الأمر له سلبيات عديدة.

 

سلبيات تتبع المليارديرات

 

يجب أن تضع في اعتبارك أن هناك اختلافاً في الأهداف الاستثمارية، بمعنى أن المليارديرات لا يستثمرون للأهداف نفسها التي قد يمتلكها المستثمر الصغير، فقد يسعى البعض منهم لتحقيق أهداف طويلة الأمد، بينما قد يرغب المستثمر العادي في تحقيق أرباح سريعة.

 

كما عليك أن تأخذ في الاعتبار أن المليارديرات قد يتلاعبون أحياناً بالسوق لصالحهم، فعلى سبيل المثال، قد يقومون برفع قيمة أصل ما بهدف بيعه لاحقاً، تاركين المستثمرين الصغار مع خسائر.

 

أيضاً توقيت تحركات المليارديرات هو أمر مهم، فالمستثمر العادي غالباً ما يتحرك بعد وقت من اتخاذ هؤلاء الأثرياء قرارات البيع أو الشراء، وبالتالي فإن محاولة مواكبة هذه التحركات قد تجعل المستثمر يدخل السوق في توقيت خاطئ، ما يزيد من مخاطر الخسارة.

 

أبرز الأسهم في محفظة الملياردير وارن بافت حتى نهاية النصف الأول من 2024

الترتيب

اسم الشركة

قيمة الأسهم

(بالمليار دولار)

مكاسب السهم خلال الربع الثاني

1

أبل

84.2

%5.44

2

بنك أوف أمريكا

41.1

%0.65

3

أمريكان إكسبريس

35.1

%11.59

4

كوكاكولا

25.5

%7.96

5

شيفرون

18.5

%4.47

الأمر قد يظهر جلياً في تحركات المليارديرات في سوق العملات المشفرة، التي تُعتبر أكثر خطورة نظراً لتقلبها بنحو أكبر، كما أن تحركات الأثرياء فيها يمكن أن تتسبب في ارتفاعات سريعة أو انهيارات مفاجئة.

 

ويعتبر التأثير النفسي واحداً من أبرز سلبيات هذه الاستراتيجية، فعندما يعلن ملياردير مثل ماسك دعمه لعملة ما، يشعر المستثمرون الصغار بالضغط للدخول في السوق خوفاً من “فوات الفرصة”، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى قرارات استثمارية غير مدروسة.

 

تجربة مارك كوبان وبافت

 

المليارديرات أنفسهم يغيرون من طريقة تفكيرهم واستراتيجياتهم من حين لآخر بما يدعم ملاءتهم المادية، فعلى سبيل المثال اقترح الملياردير المستثمر بقطاع التكنولوجيا “مارك كوبان” أنه يفضل شراء الموز على البيتكوين في عام 2019.

 

وذلك لأنه لم يرَ حينها أي فائدة واضحة لتلك العملة المشفرة، فيما يحمل الموز قيمة غذائية واضحة على حد وصفه، قائلاً “أستطيع أن آكل الموز، وليس البيتكوين”.

 

 

رأي “كوبان” لم يظل كما هو، إذ إنه الآن أحد هؤلاء المتفائلين بشأن مستقبل العملة المشفرة الأكثر شهرة في العالم، ويدعو المستثمرين إلى ضمها لمحافظهم، وحينما سُئل في يوليو الماضي عن مقدار الارتفاع الذي قد تصل إليه عملة البيتكوين، كانت إجابته بسيطة “أعلى بكثير مما تعتقد”.

 

ووجهة نظر كوبان الحالية، تشير إلى أن البيتكوين لا تقتصر على إمكاناتها الهائلة في الصعود، بل تتمتع أيضاً بكونها ملاذاً آمناً خلال أوقات عدم اليقين السياسي، وأصبح لديه قناعة بأن تلك العملة المشفرة يمكن أن تكون مخزناً للقيمة، خاصة في البيئات الاقتصادية المفرطة التضخم.

 

الواقع أن تفاؤل كوبان للغاية بشأن البيتكوين، جعله يصبح واحداً من قادة “كريبتو فور هاريس”، وهو تحالف من مستثمري التكنولوجيا ورواد الأعمال في وادي السيليكون الذين يدعمون استراتيجية مؤيدة للعملات المشفرة لنائبة الرئيس “كامالا هاريس”.

 

كل هذا يجب ألَّا يجعلك تنسى أن “كوبان” قبل بضع سنوات فقط كان متشككاً في البيتكوين، وكان هناك من استمع لكلامه في ما يتعلق بتجنب الاستثمار في البيتكوين في عام 2019 حينما أنهت العملة المشفرة هذا العام عند مستوى أقل من 7200 دولار.

 

وبعد عامين فقط تمكنت البيتكوين من تسجيل مستوى 69 ألف دولار، ولك أن تتخيل الشعور الذي انتاب من عمل بنصيحة “كوبان” حينها.

 

بالطبع ليس المستثمرون الذين اتبعوا رأي كوبان في 2019 هم من خسروا فقط، فهناك أمثلة أحدث بكثير مثلما الحال مع الملياردير الشهير “وارن بافت” الذي باعت شركته “بيركشاير هاثاواي” نحو نصف حصتها في شركة أبل.

 

وامتدت عمليات بيع “بيركشاير” أسهمها في “أبل” لسبعة أرباع متتالية حتى الربع الثاني من العام الحالي، وشهد الربع الثاني من هذا العام أكبر عملية بيع بعد تخلي “بافت” عن أكثر من 75 مليار دولار من الأسهم في الربع الثاني، وبذلك تصل قيمة إجمالي الأسهم المبيعة في النصف الأول من عام 2024 إلى أكثر من 90 مليار دولار.

 

ولك أن تتخيل أن سهم شركة أبل قد سجل مكاسب تصل إلى أكثر من 25% منذ بداية العام الحالي، أي إن الملياردير فوت على نفسه مكاسب تصل إلى مليارات الدولارات جراء عمليات بيع تلك الأسهم خلال العام الحالي فقط.

 

في نهاية المطاف هذا الرقم قد لا يمثل كثيراً بالنسبة لـ”بافت” الذي له استراتيجية وتحرك يلتزم به، لكن بالنسبة لصغار المستثمرين فإن مثل تلك النسبة الضخمة قد تؤثر على مسار حياتهم.

 

ما الحل الأمثل؟

 

بينما يمكن أن يوفر تتبع تحركات المليارديرات بعض الفرص المربحة، فإن الاعتماد عليها فقط ليس استراتيجية ذكية، لذا عليك اتباع بعض النصائح في هذا الإطار، وعلى رأسها الاعتماد على الأبحاث الشخصية، لذا من الأفضل للمستثمر أن يقوم بأبحاثه الخاصة بناءً على أهدافه المالية والبحث عن الفرص ذات القيمة التي تتماشى مع استراتيجيته.

 

كما يجب مراعاة أن تحركات المليارديرات تؤدي في بعض الأحيان إلى ارتفاعات سريعة في قيمة الأسهم أو العملات المشفرة، لكن هذا لا يعني أن الوقت مناسب للدخول، فقد تكون الأسعار قد ارتفعت بالفعل عند اكتشافك للفرصة، ويعرضك الشراء لخسائر حينها.

 

أمر آخر يجب الحرص عليه، وهو تنويع استثماراتك بدلاً من وضع جميع أموالك في سهم أو عملة مشفرة واحدة بناءً على تحركات ملياردير، مع ملاحظة أنه حتى المليارديرات يقومون بتنويع محفظتهم لتقليل المخاطر، وتعتبر متابعة أخبار المليارديرات وتغريداتهم من الأمور الهامة نظراً لكونها مؤثرة على الأسواق بشكل كبير، لذا قم بمتابعة تلك الشخصيات لمعرفة الأفكار أو الاتجاهات التي قد تساهم في تحريك السوق، ولكن تذكر أن التحليل المتأني أهم من التحركات الفورية.

 

 

ورغم أن المليارديرات ناجحون بشكل عام، فإنهم يمرون أيضاً بفترات من الخسائر كما حدث مع “بافت” و”كوبان”، لذا قم بدراسة قراراتهم بشكل دقيق؛ قد يكون بعضها ناجحاً، لكن البعض الآخر قد يؤدي إلى خسائر.

 

كما يوجه الخبراء تحذيراً للمستثمرين المتابعين لتحركات الأثرياء وهو تجنب المضاربات السريعة خاصة في سوق العملات المشفرة بشكل خاص، إذ يعتمد بعض المليارديرات على تحركات مضاربة قصيرة الأمد، لتحقيق أرباح سريعة.

 

هذا النهج قد لا يكون مناسباً للجميع، ويجب أن تكون مستعداً لتقلبات شديدة وخسائر محتملة.

 

وفي نهاية الأمر يجب أن تتأكد من إجراء البحث الكافي قبل أن تشتري سهماً ما بناءً على تحركات ملياردير، واسأل نفسك بعض الأسئلة قبل التحرك، مثل هل الشركة أو العملة لديها استقرار مالي؟ ما تاريخ أدائها؟ هذه الأسئلة مهمة لتقليل المخاطر.

 

على الرغم من أن المليارديرات قد يكونون على دراية بالسوق أكثر من المستثمر العادي، فإن تقليد تحركاتهم بشكل أعمى ليس بالضرورة استراتيجية مضمونة، لذا فإن الفهم العميق للأسواق المالية، وتقييم المخاطر بناءً على الأهداف الشخصية، هما مفتاحا النجاح الحقيقي في الاستثمار.

 

المصادر: أرقام- بلومبرغ- سي إن بي سي- فايننشال تايمز- موتلي فول- فوربس -كوين ديسك- انفستوبيديا- كوين تليجرام- بيزنس إنسايدر

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button