مقالات اقتصادية

الحكومات والشركات لن تتوقف عن سباق الذكاء الاصطناعي

يدعو باحثو الخبراء في القطاع إلى وقف “تجارب الذكاء الاصطناعي الضخمة”، لكن الباحث السويسري يورغن شميدهوبر يرى أن هذا الأمر لن يحدث.

في الماضي، قمتُ بالتوقيع على العديد من الرسائل التحذيرية المتعلّقة بالأسلحة الذكية. ومع ذلك، لا أعتقد أن الرسالة الأخيرةرابط خارجي التي وُجّهت في نفس السياق من قِبل بعض الباحثين الرائدين، ستحقق أي نتائج تُذكر، لأنه من المرجّح أن يتم تجاهل محتواها تماماً من قِبَل العديد من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي ومن قِبَل الشركات والحكومات.

لقد وردت في نص الاقتراحات التي جرى تقديمها في الرسالة كلمة “نحن” في كثير من المواضع، وهي تشير إلينا “نحن” البشر. ولكن كلمة “نحن” لا يمكن لها أن تشمل الجميع وتمثّل رأياً موحّداً حول مسألة ما. وكدليل على ذلك، لك أن تسأل عشرة أشخاصٍ حول ما هو “جيد” مثلاً، وستسمع عشرة آراء مختلفة. ولا بد أن تأتي بعض تلك الآراء غير متوافقة تماماً مع بعضها البعض، ناهيك عن الصراع الهائل بين العديد من الأشخاص المعنيين بهذا الشأن.

تقول الرسالة أيضاً: “إذا تعذّر تعليق الأبحاث في هذا المجال خلال فترة زمنية قصيرة، فينبغي على الحكومات التدخل عندئذٍ وفرض تجميد مؤقت.” المشكلة تكمن في أن مختلف الحكومات تمتلك آراء متفاوتة حول ما ترى العمل به مناسباً لها وللآخرين. ستقول القوة العظمى “أ”، إذا قمنا نحن بتعليق بحوثنا، فلن تحذو حذونا القوة العظمى “ب”، ومن الممكن أن تتقدّم في بحوثها السرية وتسبقنا بخطوات. الأمر نفسه ينطبق على القوى العظمى الأخرى “ج”، “د”، و”هـ”.

فما هو الموقف الذي يمكن أن تتخذه سويسرا في هذه الحالة؟ من المؤكد أنه ينبغي على سويسرا أن تحافظ على دورها كرائد في بحوث الذكاء الاصطناعي. وحسب الإحصائيات المتوفرة عام 2020، فإن سويسرا تنشر الكثير من المقالات البحثية المشاركة في مؤتمرات الذكاء الاصطناعي الرئيسية للفرد مقارنة بأي دولة أخرىرابط خارجي. ويمكن أن يوثر فرض تجميد مؤقت على الأبحاث بشكل سلبي على تنافسية سويسرا في هذا المجال.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي تخرج عن السيطرة “الديمقراطية”

تم نشر هذا المحتوى على يرى لي نغوين هوانغ أنه لا مفر من بذل المزيد من الاهتمام وتوفير القوة العاملة والتمويل لإنشاء نُظُم حوكمة للذكاء الاصطناعي مماثلة لتلك المُستخدمة في صناعات الطيران والأدوية والأغذية.

تطوّر على مدى عقود من الزمن

على سبيل المثال، يستند تطبيق “تشات جي بي تي” ChatGPT إلى أسس وضعها باحثون يعملون الآن في شركتنا NNAISENSE الموجودة في لوغانو والتي تتخذ شعاراً لها “∀AI” أو “الذكاء الاصطناعي للجميع” AI For All.

يستخدم تطبيق “تشات جي بي تي” شبكة عصبونية اصطناعية تسمى “المحوِّل”، تقوم بتوليد ردود متماسكة ومناسبة لما يدخله المستخدم. هذه الشبكة تعتمد على آليات الاهتمام البشري – الهدف منها تقليد الانتباه الإدراكي – من أجل توليد الردود بلغة تحاكي اللغة البشرية، تبدو أكثر طبيعية من الطرق السابقة لتطوير الروبوتات. في عام 2017، نشر موظفو “غوغل” مقالة عن هذا الموضوع، أصبحت معروفة ومشهورة اليوم، بعنوان ” الانتباه هو كل ما تحتاج إليه”رابط خارجي. وأنا سعيد بذلك لأنني نشرت قبل أكثر من 30 عاماً صيغة للمحوّلرابط خارجي ويُطلق عليها الآن “محوّل باهتمام خطّي ذاتي” Transformer with self-attention، كما قدّمت مؤخراً المزيد من الأبحاثرابط خارجي حول هذا الجانب من الموضوع.

تعتمد نماذج “تشات جي بي تي” أيضاً على “الاتصالات المتبقية” – وهي آليات توفر مساراً آخر للبيانات للوصول إلى أجزاء من الشبكة العصبونية عن طريق تخطي بعض الطبقات، مما يسمح لها بإجراء تحسين تكراري. وتستند الاتصالات الباقية إلى فكرة الشبكات العصبونية ذات التكرار أو ما يسمى ” الذاكرة الطويلة قصيرة الأجل” LSTM الخاصة بنا والتي تعود إلى تسعينيات القرن الماضي (أكثر الشبكات العصبونية شهرةً في القرن العشرين) وكذلك “شبكة الطرق السريعة” Highway Network (من مايو 2015)، والتي تعتبر أول شبكة عصبونية حقيقية متعلقة بما يسمى “التعلّم العميق” deep-learning، والتي يمكن الوقوع على اعتماد مبادئها في الآلاف من التطبيقات اليوم.

الحاضر والمستقبل

ما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك؟ لقد قمت بمقارنة “تشات جي بي تي” والنماذج اللغوية الكبيرة المماثلة برجال السياسة. ومن المعروف أن السياسيين يجيدون التحدث، ولديهم القدرة على إعطاء إجابات سريعة وجاهزة للنشر على أي سؤال يمكن أن يُطرَح عليهم. كما أن لديهم القدرة على إعادة صياغة شعارات كانوا قد استخدموها في العديد من خطاباتهم السابقة، وتسويقها دوماً بطرق جديدة، بحيث يجعلونك تشعر بعدم تشابه وتكرار إجاباتهم. ولكن، وبالرغم من حرصهم على هذا الأمر، فقد يحدث لهم في كثير من الأحيان التفوّه بعبارات رنانة تفتقر إلى الكثير من البصيرة أو الأبعاد المستحدثة التي تظهر العمق في التفكير.

وهكذا هو الحال مع نماذج اللغة الكبيرة على غرار “تشات جي بي تي”، فهي ما تزال قاصرة عن التفكير حول العديد من الجوانب المنطقية، ولم تصل بعد إلى اتباع نهج العلماء الرياضيين والعلماء الآخرين. ولكن، من ناحية أخرى، نحن لدينا ومنذ فترة طويلة، شبكات عصبونية يمكنها أيضاً التعلم بطريقة مشابهة، على الأقل بالمبدأ. ونحن نتوقع اليوم إحراز تقدم سريع في هذا المضمار الذي من المتوقّع أن يجعل الحياة أكثر سهولة على الكثير من الناس.

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button