الهندي الذي أغضب أمريكا .. لماذا تطارد واشنطن الملياردير جوتام أداني؟
نجا بأعجوبة من الموت في عام 2008، حيث احتجز بين الكثيرين داخل فندق “تاج محل بالاس” في مومباي، عندما شن مسلحون هجومًا دمويًا، تجاوز ضحاياه 170 شخصًا عبر المدينة.
وبعد أن أصبح ثاني أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، انهارت القيمة السوقية لمجموعة أعماله وخسرت أكثر من 150 مليار دولار العام الماضي، مع هبوط حاد في أسهم شركات الرجل البالغ من العمر 62 عامًا.
إنه الملياردير الهندي “جوتام أداني”، والذي وجهت إليه اتهامات في نيويورك، أمس الأربعاء، بشأن مخطط رشوة بقيمة 265 مليون دولار، إلى جانب تهم بالاحتيال وتضليل المستثمرين.
كيف مهدت صفقة فاشلة الطريق لبناء إمبراطوريته؟
– ولد “أداني” عام 1962 في ولاية جوجارات الغربية، وهو أحد ثمانية أطفال كان والدهم تاجر منسوجات من الطبقة المتوسطة.
– كانت أول مغامرة له في مجال الأعمال هي التجارة في صناعة الماس، حيث حقق أول مليون روبية له، ثم أسس مجموعة “أداني” في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية.
– بحلول تسعينيات القرن العشرين، كان “أداني” يعمل وسيطًا لتطوير منجم ملح في جوجارات لشركة “كارجيل” الأمريكية، وعندما فشلت الصفقة، حول الأرض في مدينة موندرا الساحلية إلى ميناء.
– مهد الميناء بمياهه العميقة الطريق لمجموعة “أداني”، لتصبح أكبر مشغل خاص للموانئ في الهند، لنقل الفحم والسلع الأساسية.
أمريكا تهز عرش إمبراطورية أداني مرة أخرى
– وجه المدعون الفيدراليون اتهامات إلى “أداني” مع سبعة آخرين، بالمساعدة في مخطط رشوة لمسؤولين حكوميين هنود للفوز بعقود توريد للطاقة الشمسية، بعد أن جمعت “أداني جرين إنرجي” أكثر من 175 مليون دولار من المستثمرين الأمريكيين.
– قالت وزارة العدل الأمريكية إن الخطة كانت تهدف إلى توليد أكثر من ملياري دولار من الأرباح بعد الضريبة على مدى عقدين من الزمان.
– يسمح القانون الأمريكي بملاحقة مزاعم الفساد الأجنبية إذا كانت تنطوي على روابط مع المستثمرين أو الأسواق الأمريكية.
– ألغت وحدات مجموعة “أداني” طرح سندات بقيمة 600 مليون دولار الخميس، بعد كشف السلطات الأمريكية عن لائحة الاتهام المكونة من 5 تهم.
– انخفضت أسهم 7 شركات تابعة لـ “أداني” (تعمل في البنية التحتية والموانئ والطاقة ووسائل الإعلام)، حيث تراوحت الخسائر من 9% إلى أكثر من 20%، وتسبب ذلك في محو أكثر من تريليوني روبية، أو حوالي 24.3 مليار دولار، من القيمة السوقية الإجمالية.
– هبط سهم شركة “أداني إنتربرايزز” (بومباي: 512599) بنحو 23%، وتراجع مؤشر “سينسكس” الهندي بنحو 0.5%.
– ألغى الرئيس الكيني “وليام روتو”، صفقتين مع مجموعة “أداني” بقيمة 2.6 مليار دولار، الخميس، وقال إن قراره استند إلى “معلومات جديدة” قدمتها وكالات التحقيق في بلاده والدول الشريكة، بشأن وقائع الفساد.
– تراجعت ثروة “أداني” بأكثر من 12 مليار دولار أو 17.35% إلى 57.7 مليار دولار، ليحل في المركز الخامس والعشرين بين قائمة “فوربس” لأغنياء العالم.
– قال متحدث رسمي باسم مجموعة الملياردير الهندي، الخميس، إن التهم الموجهة لـ “أداني” ومسؤولين اثنين في “أداني جرين إنرجي” التابعة للمجموعة “واهية”.
ليست الأزمة الأولى لإمبراطورية أداني
– في يناير 2023، اتهم تقرير صادر عن شركة “هيندنبرج ريسيرش” الأمريكية مجموعة “أداني” بتنفيذ أكبر عملية احتيال في التاريخ من خلال التلاعب بالأسهم ومستويات الديون المرتفعة والحسابات الخارجية السرية.
– أوضح التقرير أن “أداني” قام بتضخيم أسعار أسهم شركاته بشكل مصطنع باستخدام شركات وهمية مرتبطة بأفراد عائلته.
– أدت المزاعم إلى عمليات بيع ضخمة في الشركات التابعة لـ “أداني”، ما أجبر الأسواق الهندية على وقف تداول أسهم بعض شركاته، وأنهى سهم “أداني إنتربرايزز” العام منخفضًا بنسبة 26%.
– في حين نفت المجموعة هذه المزاعم في رد مكون من 413 صفحة، لكن ثروة “أداني” وسمعته تضررتا بشكل كبير وقضى الملياردير جزءًا كبيرًا من العام الماضي في محاولة تجاوز المحنة.
– في وقت لاحق من ذلك العام، نشر تحقيق أجرته صحيفة “الجارديان” أدلة على أن مجموعة “أداني” استخدمت أموالًا خارجية سرية لشراء أسهمها الخاصة.
نفوذ سياسي عالمي يحمي مصالح الإمبراطورية
– بدأت العلاقة بين “أداني” ورئيس وزراء الهند “ناريندرا مودي”، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في ولاية جوجارات، وساعدت هذه الروابط الوثيقة مع كبار الصناعيين “مودي” في تقديم نفسه باعتباره الوجه المؤيد للأعمال التجارية.
– عندما انتُخب “مودي” رئيسًا للوزراء لأول مرة، طار عائداً إلى دلهي على متن طائرة “أداني” الخاصة، وهو ما مهد لمرافقته في جميع رحلاته الدولية وعقد المجموعة لصفقات رابحة في تلك البلدان.
– نمت إمبراطورية “أداني” إلى حجم هائل، بفضل العقود التي قدمتها حكومة “مودي”، أو حكومات الولايات التي يديرها حزب “بهاراتيا جاناتا” الذي يتزعمه.
– نشرت صحيفة “واشنطن بوست” في وقت سابق تقارير عن نفوذ “أداني” السياسي في الهند، حيث اتخذت حكومة “مودي” خطوات متكررة لمساعدة أعمال الوقود الأحفوري التي يقوم بها، على الرغم من الأهداف الحكومية الطموحة للتحول نحو الطاقة المتجددة.
– ضغطت ذراع مجموعة “أداني” المحلية في أستراليا على المشرعين من أجل فرض عقوبات أكثر صرامة لمنع الناشطين البيئيين من تعطيل عمليات منجم الفحم “كارمايكل” في ولاية “كوينزلاند” الوسطى.
– خلال الأسبوع الماضي، هنأ “أداني” الرئيس المنتخب “دونالد ترامب” على فوزه، ووعد باستثمار 10 مليارات دولار في مشاريع الطاقة والبنية الأساسية في الولايات المتحدة.
– بينما تتلاحق الاتهامات وتتكشف المزيد من الأسرار حول مجموعته، يبقى السؤال الأهم: هل سيستطيع الملياردير الهندي تجاوز هذه الأزمات واستعادة ثقته أمام المستثمرين للمرة الثانية؟ أم أن هذه الأحداث ستكون بداية النهاية لإمبراطوريته الضخمة؟
المصادر: أرقام – بلومبرج – سي إن بي سي – وول ستريت جورنال – رويترز – الجارديان – شبكة بي بي إس الأمريكية