شركة توصيل تُوازي اقتصاد دول.. قصة نجاح ملهمة!
في عالم الأعمال الحديث، حيث المعلومة تُعتبر العملة الأهم، برزت الشركة الخليجية لتوصيل الطعام وأغراض البقالة «طلبات»، لتصبح مثالاً حيّاً على نجاح الشركات الرقمية. برغم أنها لا تملك أصولاً مادية تُذكر مثل مطاعم أو بقالات أو حتى مقرات ضخمة، إلا أن قيمتها السوقية اليوم تصل إلى 10 مليارات دولار.
هذا الرقم يُوازي تقريباً نصف حجم اقتصاد لبنان، أو ربع اقتصاد الأردن وتونس.
وما يميز «طلبات» ليس الأصول التقليدية، بل كنزها من البيانات التي تجمعها يومياً عن عادات المستهلكين وتفضيلاتهم.
وتمثل هذه المعلومات قيمة ضخمة لأصحاب المطاعم ومتاجر التجزئة، فهي تقدم لهم إجابات دقيقة حول الطلب على أنواع معينة من الطعام، مثل السوشي أو الأطعمة الصحية، في مناطق محددة، أوقات الذروة للطلبات، توجهات المستهلكين وتفضيلاتهم.
وتُعتبر هذه البيانات بمثابة دليل استراتيجي للمستثمرين ورواد الأعمال، مما يبرر التقييم المرتفع للشركة.
بداية متواضعة وقصة نجاح مُلهمة
شركة «طلبات» بدأت في الكويت عام 2004، كفكرة بسيطة انطلقت من شقة صغيرة، على يد أربعة أصدقاء كويتيين برأس مال متواضع لم يتجاوز 15 ألف دولار.
مع مرور الوقت، أثبتت الشركة نجاحها، خصوصاً بعد أن استحوذ عليها المستثمر الكويتي محمد جعفر، الذي طورها بشكل كبير.
في عام 2015، قام جعفر ببيع الشركة إلى شركة Rocket Internet الألمانية مقابل 170 مليون دولار، محققاً عائداً مذهلاً يُقدر بـ50 ضعف استثماره الأصلي. ومنذ ذلك الوقت، توسعت الشركة لتصبح كيانا مليارياً.
تعمل «طلبات» حالياً في 8 أسواق إقليمية، وتمتلك شبكة واسعة تضم أكثر من 119 ألف سائق توصيل، فيما تخدم 6 ملايين عميل، وتربطها شراكات مع أكثر من 65 ألف مطعم ومتجر بقالة.
وتضيف كل عملية توصيل، وكل طلب يتم تسجيله، مزيداً من المعلومات إلى قاعدة بياناتها، مما يعزز من قيمتها السوقية. في إطار تعزيز مكانتها، تستعد «طلبات» حالياً للإدراج في بورصة دبي، حيث تخطط الشركة المالكة لبيع نحو 15% من أسهمها بقيمة تبلغ 1.5 مليار دولار، مما يقيم الشركة عند نحو 10 مليارات دولار. هذا الإجراء يبرز الطموح المستمر لتحويل الشركة إلى لاعب عالمي في قطاع التوصيل.
دروس مُلهمة من قصة «طلبات»
من أهم الدروس المستفادة من قصة «طلبات» أن البدايات البسيطة قد تقود لنجاحات هائلة، إذ تحولت الشركة التي بدأت بـ15 ألف دولار فقط لتصبح اليوم كياناً يوازي اقتصاد دول.
كما أنه في عصر التكنولوجيا، المعلومة هي الأصول الأهم، وقيمتها قد تتجاوز الأصول الملموسة، وبالتالي قوة البيانات لها تأثير كبير، إضافة إلى أن الابتكار مفتاح التفوق؛ فمن شقة صغيرة في الكويت إلى شركة تعمل في 8 أسواق، والابتكار كان المحرك الأساسي للنمو.
وتسلط «طلبات» الضوء على الاستثمار في التحول الرقمي، حيث يفتح القطاع أبواباً جديدة للنمو.
ولا تعتبر «طلبات» مجرد شركة توصيل؛ إنها رمز للتغير الذي يشهده الاقتصاد الرقمي، حيث أصبح النجاح يعتمد على استغلال البيانات والتكنولوجيا بشكل مبتكر. قصتها تُلهم الجميع لبدء مشاريعهم، مهما كانت بسيطة، مع الإيمان بأن العمل الجاد والإبداع يمكن أن يحوّل الأفكار الصغيرة إلى كيانات عملاقة.