الاقتصاد الكويتي.. «مرن ومستدام» قادر على مواجهة الصدمات
تتمتع الكويت بمركز اقتصادي ومالي قوي جعلها واحدة من أكثر الاقتصادات استقرارا في منطقة الخليج والعالم، وبفضل احتياطياتها المالية الكبيرة والسياسات النقدية الحكيمة، استطاعت البلاد أن تحافظ على فائض كبير في الحساب الجاري واحتياطيات أجنبية قوية، مما يعكس قدرة الاقتصاد الكويتي على مواجهة الصدمات العالمية.
وفي الوقت نفسه، تشهد القطاعات غير النفطية تعافيا ملحوظا يدعم مسار التنويع الاقتصادي، ضمن إطار رؤية الكويت 2035، التي تسعى لتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، كما أن القطاع المصرفي يحتفظ بسلامة مالية استثنائية تعزز من استقرار النظام المالي في البلاد، مع مؤشرات إيجابية تعكس تطور الأداء المصرفي والمرونة في التعامل مع التحديات.
ووسط هذه الديناميكيات، تقف الكويت في مفترق طرق استراتيجي يمزج بين استغلال الثروات الطبيعية وتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال مشروعات البنية التحتية، وإصلاحات سوق العمل، وتحسين بيئة الأعمال، وهذه التوجهات تمثل حجر الأساس نحو بناء اقتصاد مرن ومستدام قادر على تلبية احتياجات الأجيال القادمة.. وفيما يلي رصد لنقاط قوة الاقتصاد المحلي والتي رصدتها بعثة صندوق النقد الدولي في زيارتها الأخيرة للبلاد:
1- الاحتياطات المالية والاستقرار المالي: تتمتع الكويت بمركز خارجي قوي، حيث بلغ فائض الحساب الجاري 31.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وتوجد لدى بنك الكويت المركزي احتياطيات نقدية أجنبية بلغت 47.6 مليار دولار في نهاية 2023، تكفي لتغطية واردات البلاد لمدة 9 أشهر وأكثر، كما أن متوسط صافي الأصول الأجنبية السيادية للكويت يبلغ 529% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2024-2025، ليظل واحدا من أعلى المعدلات بين الدول التي تصنفها وكالات التصنيف العالمية.
2- مرونة الاقتصاد خارج قطاع النفط: بدأ القطاعات غير النفطية في التعافي، حيث سجلت نموا بنسبة 4.2% في الربع الثاني من 2024 بعد انكماش عام 2023، وهذا يدفع القطاع غير النفطي لقيادة النمو الاقتصادي مدفوعا بشكل أساسي بجهود التنوع الاقتصادي المستمرة والإصلاحات الطموحة، فضلا عن سياسة البلاد النقدية الحصيفة انخفضت إلى 2.6% في سبتمبر 2024، مما يعكس انخفاض الضغوط التضخمية واستقرار الأسعار.
3- مؤشرات القطاع المالي: تحتفظ البنوك المحلية بمرتكزات مالية قوية، مع نسب رأسمال وسيولة مرتفعة وفقا لمعايير بازل 3، لتسجل بنهاية الربع الثالث من العام الحالي ما نسبته 18.2% مرتفعا من مستوى 18.1% قد سجلها بنهاية الربع الثاني، في حين بلغت نسبة الشريحة الأولى لرأس المال إلى قاعدة الأصول 87%، وبلغت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض 1.7%، وبلغت نسبة تغطية القروض غير المنتظمة عند 255.5%.
كما ان القطاع المصرفي يتمتع بسلامة مالية قوية مع استقرار النظام المصرفي وعدم وجود مخاطر نظامية كبيرة، كما ان الربحية المصرفية عادت للارتفاع بعد جائحة كورونا، بفضل زيادة هامش الربح الصافي وانخفاض القروض المتعثرة.
4- التقدم في التنويع الاقتصادي: تستهدف خطة «رؤية 2035» تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، وتشمل تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى، مثل المنطقة الاقتصادية الشمالية وميناء مبارك الكبير، والتي بدورها تسهم في دعم التنويع الاقتصادي.
5- قدرة الاقتصاد على تحمل المخاطر: على الرغم من المخاطر العالمية المرتبطة بانخفاض أسعار النفط وفق قرارات «أوپيك+»، فإن الفوائض المالية الكبيرة تمنح الكويت قدرة على الصمود أمام الصدمات الخارجية، وتتمتع البلاد بمركز أصول صافية خارجية يتجاوز نسبة 600% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أعلى المستويات عالميا، كما ان تصنيف الكويت كملاذ آمن خلال فترات الاضطرابات المالية العالمية يعزز الجاذبية الاستثمارية للكويت.
6- السياسات النقدية: هناك اعتبارات عامة للاقتصاد المحلي ومنها نظام سعر صرف الدينار الكويتي المربوط بسلة من العملات والذي يوفر دعامة ملائمة للسياسة النقدية والذي ساهم في بقاء معدلات التضخم منخفضة ومستقرة مع بقية دول العالم، مما يساعد في الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة ومستقرة.
7- الإنفاق الاستثماري: على الرغم من انخفاض الاستثمارات العامة في العقد الماضي، هناك خطط لزيادة الإنفاق على البنية التحتية بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، مما يدعم التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة.
8- الاحتياطيات النفطية والمكانة العالمية: الكويت تمتلك احتياطيات نفطية كبيرة تجعلها واحدة من أكبر المنتجين في العالم، ما يمنحها ميزة تنافسية على المدى الطويل، ووفق الاحتياطيات المؤكدة في عام 2024 فإنه لدى البلاد نحو 101.5 مليار برميل.
9- الإصلاحات في سوق العمل: هناك جهود كبيرة لتحفيز الكويتيين على الانخراط في القطاع الخاص من خلال تحسين بيئة العمل وتقليل الفجوة في الأجور بين القطاعين العام والخاص والتركيز على التعليم والتدريب المهني لتحسين إنتاجية العمالة والحد من الفجوة بين مهارات العمالة ومتطلبات السوق.
10- تطوير بيئة الأعمال: تسهيل الإجراءات لإنشاء الأعمال التجارية، وتعزيز الشفافية وتبني معايير تدقيق شاملة لتقوية الثقة في المناخ الاستثماري.