كيف قَلَبَ جون بوجل موازين وول ستريت؟
لم يكن “جون بوجل” مجرد مبتكر أو رائد أعمال عادي، بل كان رمزًا لتحول جذري في عالم المال، ويمتد إرثه أبعد من تقديم صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة؛ إذ أحدث ثورة في فلسفة الاستثمار نفسها، بعد أن أظهر للعالم أن النجاح لا يعني فقط تحقيق العوائد العالية، بل أيضًا تمكين المستثمرين العاديين من بناء ثرواتهم دون استنزاف مواردهم.
يقدم كتاب “تأثير بوجل: الرجل الذي قلب موازين وول ستريت وأنقذ تريليونات المستثمرين” للمؤلف إريك بالتشوناس، رؤية عميقة لإرث جون بوجل، مؤسس مجموعة فانجارد لإدارة الاستثمارات، وأثره العميق على صناعة صناديق الاستثمار المشتركة.
لا يهدف كتاب إريك إلى رسم سيرة ذاتية تقليدية لجون بوجل، ولا إلى تقديم دليل شامل للاستثمار في المؤشرات، بل يسعى الكتاب إلى تتبع الأثر الذي تركه بوجل على صناعة صناديق الاستثمار المشتركة.
أبرز المفاهيم الخاطئة عن بوجل |
|
لم يخترع صناديق المؤشرات |
– يمكن تشبيه بوجل بستيف جوبز في عالم المال، فهو لم يخترع صناديق المؤشرات، لكنه تمكن من تطويرها وتعميمها، وجعلها في متناول الجميع. – فالفكرة الأساسية للفهرسة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث قام جون ماكوين وعدد من الحائزين على جائزة نوبل بتطويرها عمليًا في ويلز فارجو. – أما جون بوجل فقد خطرت له فكرة صندوق المؤشر عام 1951، إلا أنه لم يعمل على تنفيذها إلا بعد تأسيس شركة فانجارد عام 1974. – ويشير إريك إلى أن فانجارد كانت لها الأثر الأكبر في انتشار صناديق المؤشرات ونجاحها.
|
تحفظه على صناديق الاستثمار المتداولة |
– لم يكن جون بوجل أول من ابتكر صناديق الاستثمار المتداولة، ولكن أفكاره الثاقبة حول كفاءة التكلفة قد شكلت هذه الصناعة بشكل كبير. – فمع تزايد استخدام مؤشرات الأغراض الخاصة، ظهرت الحاجة إلى صناديق مؤشر ذات تكاليف معقولة. – قدمت صناديق فانجارد، التي أسسها بوجل، نموذجًا مبتكرًا لخفض التكاليف، مما أحدث ثورة في هذه الصناعة. – أدى هذا النموذج إلى منافسة شديدة بين مزودي صناديق المؤشرات، مما أفضى إلى مزيد من انخفاض التكاليف، وبالتالي، إلى زيادة عوائد المستثمرين.
|
لم يكن بوجل مستثمرًا سلبيًا |
– كان جون بوجل في بداية مسيرته المهنية مستثمرًا نشطًا، حيث تولى إدارة صندوق ويلينجتون المتوازن. – ويرى إريك أن الأزمة التي تعرض لها هذا الصندوق ربما دفعت بوجل إلى إعادة النظر في استراتيجيته الاستثمارية. – وقد يكون الإحباط من القيود التي فرضتها عليه مؤسسته السابقة فيما يتعلق بإطلاق الصناديق النشطة هو ما دفعه إلى تبني نهج الاستثمار السلبي. – ومع ذلك، فإنه حتى بعد تأسيس فانجارد، لم يتخل تمامًا عن الاستثمار النشط، حيث أطلق عددًا من الصناديق النشطة. – واليوم، تُعد فانجارد واحدة من أكبر شركات إدارة الأصول النشطة في العالم. – ساهم تقسيم السوق وتجميعه في صناديق ذات استراتيجيات محددة، مثل صناديق القيمة والنمو والصناديق القطاعية، في نجاح فانجارد وزيادة شعبيتها.
|
لم يكن مؤيدًا متحمسًا لنظرية كفاءة السوق |
– لا يجوز الخلط بين أفكار بوجل وفرضية كفاءة السوق، رغم شيوع هذا الخطأ. – فبينما يعترف بوجل بوجود هذه الفرضية، إلا أنه يؤكد على أهمية العوامل الأخرى المؤثرة في أداء الاستثمارات، وعلى رأسها التكاليف. – ولهذا السبب، يمكن اعتبار نظريته بمثابة “فرضية أهمية التكلفة”، وهي بديل عن فرضية كفاءة السوق.
|
سمات شخصية بوجل وتأثيره الفريد |
|
روح القتال والمثابرة |
– تميز بوجل بمثابرته، إذ استغرقت فانجارد 25 عامًا للوصول إلى حصة سوقية تبلغ 10%. – ومع ذلك، رفض الانخراط في التسويق المفرط أو التوزيع من خلال الوسطاء، متمسكًا بنهجه الديمقراطي في الاستثمار.
|
رؤية تفوق المال |
– ضحى بوجل بثروته الشخصية لإطلاق نموذج فريد جعل المستثمرين أصحابًا فعليين لصناديق فانجارد. – وكان يؤمن بأن الاستثمار للجميع، وليس للنخبة فقط، وهدفه الأساسي هو تقديم قيمة أعلى ورسوم أقل للمستثمرين.
|
إرثه المؤثر |
– تُعد فانجارد اليوم ثالث أكبر مدير استثمار نشط، وهي نموذج يُحتذى به في صناعة صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة. – كان بوجل قائدًا أحدث ثورة في الصناعة، وجعل من الاستثمار السلبي نهجًا جذابًا للمستثمر العادي، رغم العقبات الكبيرة.
|
انتقاده لمجموعة فانجارد |
– في سنواته الأخيرة، انتقد بوجل مجموعة فانجارد نفسها التي أسسها، فقد شعر أن توسعها في منتجات الاستثمار النشطة و”صناديق بيتا الذكية” ابتعد عن رؤيته الأصلية التي كانت تتمحور حول البساطة والشفافية.
|
– لم يكن جون بوجل مجرد رائد أعمال أو مدير استثمار ناجح، بل كان قائدًا ثوريًا أعاد تعريف العلاقة بين المستثمر والشركة.
– وقد أشار بوجل في خطابه عام 1991 إلى أن المنافسة الشريفة القائمة على تقديم أسعار أقل وقيمة أعلى ستؤدي إلى تحسين أداء صناعة صناديق الاستثمار.
– وأكد أن النجاح الحقيقي لفانجارد يكمن في خلق بيئة تنافسية صحية تعود بالنفع على جميع المستثمرين.
– ورأى أن انخفاض حصة فانجارد في السوق قد يكون مؤشراً على تحقيق هذا الهدف، حيث يعني ذلك أن المنافسين قد تبنوا نفس النهج.
– اليوم، يستمر إرثه في التأثير على ملايين المستثمرين حول العالم، ليس فقط من خلال صناديق فانجارد، بل من خلال الفلسفة التي أسسها: الاستثمار لا يجب أن يكون معقدًا أو مكلفًا ليكون ناجحًا.
المصدر: بانكر أون وييلز