مقالات اقتصادية

البولي سيليكون.. صناعة استراتيجية تسعى دول الخليج لتوطينها

كتب أسامة صالح

التطور الكبير في صناعة المعلومات وتوليد الطاقة الكهروضوئية الشمسية جعل مادة البولي سيليكون ذات أهمية كبيرة؛ وهو ما يفسر التوجه الخليجي نحو توطين صناعة هذه المادة.

والبولي سيليكون مكوّن دقيق موجود بكثرة على سطح الأرض، لا سيما في رمال الشواطئ، يدخل اليوم في صناعات مهمة، ويبرز استخدامه في تحويل فوتونات الضوء إلى كهرباء، وهو عنصر فعال لتكوين الألواح الشمسية.

اليوم تشهد سوق إقامة محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية نشاطاً كبيراً على مستوى العالم مع مساعي التحول للطاقة النظيفة، وتشير التوقعات إلى تسجيل نمو مشروعات الطاقة الشمسية العالمية بأكثر من 80% بحلول عام 2025.

وتهيمن الصين على سلاسل توريد مكوّنات معدّات مشروعات الطاقة الشمسية عالمياً، خاصةً البولي سيليكون.

ريادة قطرية

دول الخليج التي سجلت نجاحات كبيرة في مجال التحول إلى الطاقة البديلة، من خلال مشاريع مختلفة، سعت أيضاً إلى توطين واحدة من الصناعات المهمة في هذا الخصوص متمثلة بمشاريع البولي سيليكون.

كانت قطر أول بلد في الشرق الأوسط يشغل مصنعاً لإنتاج مادة البولي سيليكون، وذلك في ديسمبر 2019، ويبلغ حجم الإنتاج السنوي للمصنع 8000 طن.

والمشروع تابع لشركة قطر للطاقة الشمسية– وهي مشروع مشترك بين شركة قطر للطاقة الشمسية (التابعة لمؤسسة قطر)، وشركة “سولار وورلد” الألمانية، وبنك قطر للتنمية.

وتم تصميم المصنع أيضاً مع أخذ الاستدامة في الاعتبار، حيث يمتلك 1.1 ميغاواط من طاقة التوليد من الطاقة الشمسية ومرافق معالجة النفايات لإعادة تدوير الغازات الزائدة والمياه.

وتتطلع قطر إلى الحفاظ على هذا الزخم في توليد الطاقة المتجددة، حيث تواصل تنفيذ استراتيجيتها الطويلة الأجل المتمثلة بـ”رؤية قطر الوطنية 2030″ التي تهدف إلى سد النمو المُتوقَّع في الطلب على الطاقة، مع زيادة استدامة مزيج الطاقة في الوقت نفسه.

عين الصين على السعودية

السعودية التي تشهد طفرة كبيرة في الصناعات وتوطينها، ستكون مشاريع البولي سيليكون حاضرة فيها.

وفق ما ذكرته وكالة بلومبيرغ” في وقت سابق، تجري شركة “GCL Technology Holdings” الصينية، محادثات متقدمة مع السعودية حول افتتاح أول مصنع لها في الخارج؛ حيث تهدف الدولتان إلى توسيع علاقاتهما في مجال الطاقة إلى ما هو أبعد من النفط.

وقال الرئيس التنفيذي المشترك، لان تيانشي، إن ثاني أكبر مصنّع للبولي سيليكون في العالم، وهو مكون رئيس في الألواح الشمسية، يتطلع إلى بناء مصنع في “السعودية” من شأنه أن ينتج 120 ألف طن سنوياً.

ويتوقع تيانشي بدء إنتاج شركة “GCL Tech” بالسعودية في وقت مبكر من عام 2025.

ويرى أن السعودية تتمتع ببنية تحتية ناضجة وخبرة في مجال التصنيع، وأن وفرة ضوء الشمس في البلاد يمكن أن تدعم تحولها من عملاق النفط إلى منتج للطاقة الشمسية، وفقاً لـ”العربية.نت”.

مشاريع خليجية

أحدث ما جاء في هذا الشأن وضع المنطقة الحرة بصحار في سلطنة عُمان، في مارس الماضي، حجر الأساس لمشروع مصنع البولي سيليكون باستثمار يفوق 520 مليون ريال عُماني، ويتوقع افتتاحه خلال عام 2025.

بحسب وكالة الأنباء العُمانية، يقام المشروع على مساحة تبلغ 160 ألف متر مربع لإنتاج سيليكون معدني عالي الجودة بسعة تبلغ 100 ألف طن سنوياً.

وتجري عملية الإنتاج عن طريق صب السيليكون المعدني السائل من الفرن إلى القوالب، ومن ثم يتم تبريده عن طريق القوالب أو الصب المستمر، وبعد التبريد يتم طحن السيليكون المعدني وتعبئته للتصدير العالمي.

يعكس المشروع الرغبة في مواصلة الجهود التي بدأتها سلطنة عُمان لتشجيع الاستثمار المحلي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ترجمة لأهداف رؤية “عُمان 2040”.

المشروع الخاص بشركة “يونايتد سولار” تبلغ طاقته الإنتاجية 100 ألف طن سنوياً.

المشروع يمثل إنجازاً مهماً في النمو والتنويع الاقتصادي بالمنطقة، لتلبية الطلب المتزايد على السيليكون المعدني في أسواق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.

دول الخليج على الطريق الصحيح

الخبير الاقتصادي نمر أبو كف، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” يشير إلى أن إنتاج البولي سيليكون يأتي في إطار تركيز دول الخليج على إنتاج المعادن في الفترة الأخيرة، ويجد أن لهذه الخطوة أهمية كبيرة، لا سيما بعد التقلبات في أسعار النفط وعدم استقرار سوقه.

ويرى أبو كف أن دول الخليج تسير بنجاح على طريق تعزيز ميزانياتها واستقرار تنميتها بشكل كبير بعيداً عن الاعتماد على النفط، الذي يتجه إلى النضوب ولم يعد سلعة آمنة لدعم استمرار ميزانية هذه الدول.

ويلفت إلى أن وجود كميات كبيرة ومتعددة من المعادن في منطقة الخليج “يغني الدول الخليجية عن استيراد هذه المواد، وتحررها من تقلبات السوق التي تواجهها أحياناً في إنتاج بعض هذه السلع والطلب الكبير عليها”.

كما يؤكد أن غنى المنطقة الخليجية بالمعادن يجعلها “لاعباً أساسياً” في تصدير هذه السلع.

وأضاف: “لا شك في أن دول الخليج اليوم من الاقتصاديات النامية وبقوة في العالم، ومن ثم فهي بحاجة لتلبية حاجة السوق من هذه السلع بدلاً من استيرادها لتصبح مصدرة لها”.

ومما يسهل لدول الخليج إنتاج البولي سيليكون وغيره من المعادن -وفق أبو كف- أن هذه الدول غنية بالوقود الذي يدخل في استخراج وإنتاج المعادن، “ما يزيد من أرباح هذه المواد”.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى ما تمتاز به دول الخليج من وجود بنية صناعية جاهزة، إضافة إلى نوع من التكامل في ما بين هذه الدول بوجود تميز لدى دولة على أخرى بأنواع وكميات من المعادن، “ما يدعم التكامل في القطاع الصناعي الخليجي”.

والبولي سيليكون وكثير من المعادن مما يميز إنتاجها “أنها ليست بحاجة إلى تكنولوجيا معقدة، ومن ثم فهي بحاجة إلى مصانع غير مكلفة تكنولوجياً وغير معقدة، ما يسهل إنتاجها”، بحسب أبو كف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى