اقتصاد دولي

كيف تحدد قيمة شركتك؟

– يُقصد بالتقييم إجراء منهجي يرمي إلى إرساء القيمة الآنية لشركة ما، أو استثمار مُعين، أو أصل من الأصول.

– وفي هذا السياق، يعتمد المستثمرون والمحللون الماليون على نطاق كبير من المناهج والتقنيات المتباينة لتقويم الأصول، وينصب جوهر هذه العملية على استشراف آفاق الربحية المستقبلية ومقومات الجاذبية الاستثمارية.

– عند تداول الأدوات المالية في أسواق المال، يحدد كل من البائعين والمشترين القيمة السوقية لتلك السندات أو الأسهم.

– إلا أن القيمة الجوهرية تجسد تصوراً يعكس القيمة المتوقعة للأوراق المالية، ارتكازاً على الأرباح المستقبلية أو الخصائص الذاتية الأخرى، متجاوزةً مجرد القيمة السوقية الظاهرة.

– وعليه، يتجسد دور المحللين لدى إعمال التقييم في استجلاء ما إذا كان السوق يقلل من تقويم الأصل أو الشركة مقارنة بقيمتها الحقيقية، أو يفرط في تقويمها.

أسباب إجراء التقييم

يُعتبر التقييم حجر الزاوية في مجال صنع القرارات المالية والاستثمارية السديدة، وتتعدد الأسباب الجوهرية التي نحفز الشركات والمستثمرين لإجراء التقييم، وتتجلى أبرزها فيما يلي:

1 – في سياق عمليات البيع أو الاستحواذ على الشركات: عندما يتباين تقدير القيمة بين أطراف الصفقة، يغدو التقييم معياراً أساسياً للوصول إلى سعر عادل ومنصف يحقق التوافق بين الطرفين.

– في إطار التخطيط الاستراتيجي: يُعين التقييم الشركات على اتخاذ قرارات استثمارية رشيدة، وذلك من خلال تحديد المشروعات التي تنطوي على أعلى مستويات الجدوى والربحية التي تتناسب مع أهداف الشركة.

3– لدى إجراء مفاوضات مع المستثمرين أو المؤسسات المالية: يُعدّ التقييم الدقيق أداة فاعلة لإبراز القيمة الجوهرية للشركة وإمكاناتها المستقبلية، مما يعزز الموقف التفاوضي للشركة.

4 – في مجال الاستثمار في الأسواق المالية: يعتمد المستثمرون اعتماداً جوهرياً على التقييم لاستجلاء الفرص الاستثمارية القيّمة، لا سيما عند إجراء موازنة بين الأسعار السوقية والقيمة الذاتية للأوراق المالية لضمان اتخاذ قرارات استثمارية مُستنيرة.

مناهج تقييم الشركات

– عند الخوض في غمار تقييم الشركات، ولا سيما تلك العاملة على نحو متواصل، يُثار التساؤل عن أفضل المنهجيات المتبعة في هذا الصدد.

توجد ثلاث مناهج أساسية يعتمدها الخبراء والمتخصصون في هذا المضمار، وهي:

1- تحليل التدفقات النقدية المخصومة.

2– تحليل الشركات النظيرة أو المتماثلة.

3 – تحليل الصفقات التاريخية أو السابقة.

– وتُعتبر هذه المناهج من بين أكثر طرائق التقييم شيوعاً واستعمالاً في مجالات متنوعة تشمل الخدمات المصرفية الاستثمارية، وبحوث الأسهم، والاستثمار في الأسهم الخاصة، وتطوير الشركات، وعمليات الاندماج والاستحواذ، وعمليات الاستحواذ بالرافعة المالية، ومعظم أوجه التمويل.

الطريقة الأولى: تحليل التدفقات النقدية المخصومة

– يُعد تحليل التدفقات النقدية المخصومة منهجية مُحكمة لتقدير القيمة الذاتية للأصول أو الشركات، حيث ينهض المحلل المالي باستشراف مسار التدفقات النقدية الحرة غير الممولة للشركة على مدار حقبة زمنية مستقبلية.

– ثم يعمد إلى خصم هذه التدفقات النقدية المستقبلية لتحويلها إلى قيمتها الراهنة، وذلك بالاستعانة بمتوسط التكلفة المرجحة لرأس المال الخاص بالشركة.

– يُفعل تحليل التدفقات النقدية المخصومة عبر صياغة نموذج مالي متكامل باستخدام برنامج إكسيل أو غيره من البرمجيات المتخصصة، ويستلزم هذا النمط التحليلي قدراً وافراً من الإسهاب والتحليل المتعمق.

– ويُعد هذا المنهج هو الأكثر تفصيلاً وتعقيداً بين المناهج الثلاثة الرئيسية، إذ يستلزم الاعتماد على العديد من التقديرات والافتراضات.

– لذا، فإن الجهد المضني الذي يُبذل في إعداد نموذج التدفقات النقدية المخصومة قد يُفضي أحياناً إلى الحصول على تقييم أقل دقة، وذلك نتيجة لتعدد المتغيرات والمعطيات المُعتمدة.

– ومع ذلك، يتيح نموذج التدفقات النقدية المخصومة للمحلل إمكانية توقع القيمة بناءً على افتراضات وسيناريوهات متباينة، وإجراء تحليل للحساسية للوقوف على مدى تأثر القيمة بالتقلبات في الافتراضات الرئيسية.

– وفيما يتعلق بالشركات الكبرى والمتشعبة الأنشطة، فغالباً ما يستند تقييم التدفقات النقدية المخصومة إلى نهج “تحليل المكونات المنفصلة”، حيث يتم إعداد نماذج تقييمية مستقلة لكل قطاع من قطاعات الأعمال على حدة، ثم تُجمع هذه القيم المندرجة للوصول إلى القيمة الكلية للشركة.

الطريقة الثانية: تحليل الشركات المتماثلة (ويُعرف أيضاً باسم “المقارنات التجارية”)

– يُعتبر تحليل الشركات المتماثلة، والذي يُعرف أحياناً بمصطلح “المقارنات التجارية”، أسلوباً رائداً من أساليب التقييم النسبي، قوامه مقارنة القيمة السوقية للشركة قيد التقييم مع مثيلاتها من الشركات التي تتشابه معها في طبيعة النشاط والخصائص، وذلك عبر دراسة وتحليل مضاعفات التداول الخاصة بتلك الشركات.

– يُمكن منهج التقييم “المقارن” من استخلاص مؤشر دال على القيمة السوقية للشركة قيد الدراسة، بالاستناد إلى القيم السوقية الآنية للشركات النظيرة والمتماثلة.

– ويُعد هذا المنهج هو الأكثر شيوعاً واستخداماً في أوساط المحللين الماليين، نظراً لسهولة احتساب المضاعفات وتوافرها بشكل مستمر ومُحدَّث.

– ويقوم المنطق الأساسي لهذا الأسلوب على افتراض أنه إذا كانت الشركة (س) تتداول بمضاعف ربحية يبلغ 10 أضعاف، وكانت ربحية السهم الواحد للشركة (ص) تساوي 2.50 دولار أمريكي، فمن المفترض أن تكون قيمة سهم الشركة (ص) هي 25.00 دولار أمريكي (بافتراض تجانس الشركتين في خصائص المخاطر والعائد).

الطريقة الثالثة: تحليل الصفقات السابقة أو التاريخية

– يمثل تحليل الصفقات التاريخية أو السابقة نمطاً آخر من أنماط التقييم النسبي، إذ يقوم على مقارنة الشركة قيد التقييم بشركات أخرى مماثلة تم بيعها أو الاستحواذ عليها مؤخراً في القطاع الصناعي عينه. وتتضمن قيم هذه الصفقات علاوة الاستحواذ التي تم دفعها في إطار سعر الاستحواذ على تلك الشركات.

– تجسد هذه القيم القيمة الكلية للشركة برمتها، وليست مجرد جزء أو حصة محدودة منها. ويُعد هذا المنهج مفيداً بشكل خاص في عمليات الاندماج والاستحواذ، إلا أنه قد يفقد دقته بمرور الوقت ويصبح متقادمًا نسبيًا، ولا يُعبر بالضرورة عن الظروف السوقية الراهنة بشكل دقيق.

خلاصة القول

– يُعد التقييم المالي حجر الزاوية في صميم عمليات الاستثمار وتمويل الشركات على حد سواء، إذ يمثل أداة لا غنى عنها لاتخاذ قرارات مالية سديدة وأكثر إحكاماً.

– وسواء انصب غرض التقييم على الاستحواذ على شركة، أو صياغة الخطط الاستراتيجية، أو استمالة المستثمرين، أو تقويم الفرص الاستثمارية المتاحة، فإن انتقاء المنهجية التقييمية الأنسب يُعد ضرورة قصوى لضمان بلوغ أقصى مردود ممكن من عملية التقييم.

المصدر: كوربوريت فاينانس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى