اقتصاد دولي

كيف تخطط مصر زيادة الحصيلة الدولارية لـ191 مليار؟

وسط هدوء حذر يسيطر على سوق الصرف، تتحرك الحكومة المصرية بشكل متسارع لتجاوز أزمة شح الدولار، وعززت من تحركاتها في عدة محاور للوصول إلى هذا الهدف، إذ كثفت من جهودها لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، كما عززت من حصيلتها الدولارية سواء من قطاع السياحة، أو عائدات قناة السويس، بينما تواصل التوسع بشكل كبير في تقديم تسهيلات قوية أمام الاستثمارات الأجنبية.

في تصريحات أمس الثلاثاء، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري نادر سعد، إن مصطلح الفجوة الدولارية يختفي عندما تصل الواردات الدولارية إلى 191 مليار دولار وحينها قد يتحقق فائض دولاري، وهذا يتحقق عندما تزيد الصادرات 20 في المئة بحلول 2026.

وأوضح، أن تحسين مناخ الاستثمار وعودته إلى معدلاته السابقة ينتج منه زيادة الصادرات وتتضاعف أرقامها، ولفت إلى أن رئيس الوزراء بعث رسالة طمأنة للمستثمرين من خلال الحديث عن محفزات الاستثمار والإجراء الفورية التي اتخذتها الدولة.

وأشار إلى أن برنامج الطروحات موقت ومحدد المستهدفات ولا توجد دولة تستمر في الطروحات مدى الحياة ولكن تدوم الإجراءات التي تم اتخاذها في مجال الاستثمار.

وأردف أن طرح حصص من الشركات المملوكة للدولة في البورصة يعني زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، لافتاً إلى أن إجراءات دعم الاستثمار يستفيد منها آلاف الشركات.

زيادة الحصيلة لـ191 مليار دولار

وخلال مؤتمر صحافي، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن حكومته تعمل على زيادة الحصيلة الدولارية خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 191 مليار دولار عبر العمل على زيادة الصادرات السلعية سنوياً بنسبة 20 في المئة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 10 في المئة، ورفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10 في المئة، مع زيادة إيرادات قناة السويس بنسبة 10 في المئة، وتعزيز إيرادات السياحة بنسبة نمو تبلغ 20 في المئة، وأيضاً زيادة خدمات التعهيد بنسبة 10 في المئة.

وأوضح، أن الصندوق السيادي المصري هو أداة رئيسة في تنفيذ برنامج الطروحات والذي لا يعبر عن أزمة اقتصادية، وإنما يعبر برنامج الطروحات عن تأكيد لوثيقة سياسة ملكية الدولة والتي سبق الإعلان عنها خلال العام الماضي.

وكشف المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، عن خطة الحكومة لغلق “صنبور القروض” والسيطرة عليها، مضيفاً أن نسبة الدين تصل إلى 97 في المئة من الناتج المحلي.

وأشار إلى تصريحات وزير المالية بأن الحكومة تستهدف وصول نسبة الدين الداخلي ما بين 75 و85 في المئة خلال خمس سنوات.

وقال إن أفضل المراحل التاريخية بلغ الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 79 في المئة من الناتج المحلي، لافتاً إلى أن الدين العام بلغ في وقت سابق 160 في المئة من الناتج المحلي.

وأشار، إلى أنه تم وقف مشروعات لم يتم الشروع في إنشائها طالما أنها تحتاج لمكون دولاري، وشدد على أن مشروع مبادرة “حياة كريمة” شديد الإلحاح وقليل الاحتياج للمكونات الدولارية، لأن الشركات المحلية دشنت خطوط إنتاج لـ60 في المئة من احتياج مشروعات المبادرة.

وأشار، إلى أن برنامج الطروحات واضح ومحدد باسم الشركات الـ32 وجميعها معروفة للكل، لافتاً إلى أن هذا البرنامج مصري في الأساس. وقال إن الحديث عن برنامج الطروحات بدأ منذ 2019 وبالتالي لا علاقة له بمطالب صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى أن المراحل المقبلة من برنامج الطروحات الحكومية والتخارج من بعض الأصول ستكون أسرع وتجذب المزيد من المستثمرين.

وشدد على أن الحكومة لديها خطة لتدبير الموارد الدولارية لتسديد الأقساط للخارج من الدول والجهات المانحة أو المؤسسات المالية الدولية، مؤكداً أن الدولة لن تتأخر في تسديد ما هو مستحق عليها.

اقتراض 3 مليارات دولار

وفيما تتجه الحكومة نحو تقليص فاتورة الاقتراض الخارجي، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إن وزارة المالية المصرية تستهدف اقتراض نحو ثلاثة مليارات دولار خلال النصف الثاني من العام المالي الجاري.

وأوضح، أن العجز الكلي المتوقع للعام المالي الماضي يبلغ نحو 618 مليار جنيه (19.967 مليار دولار)، بنحو 6.2 في المئة، مقابل 6.1 في المئة خلال العام الأسبق، مرجعاً ذلك إلى أسعار الفائدة وتأثير التغيرات التي حدثت في شأن سعر صرف الجنيه المصري، وقال “لولا ذلك كنا سنحقق عجزاً أقل من ذلك بكثير”.

وسجل الفائض الأولي خلال العام المالي، 157 مليار جنيه (5.072 مليار دولار)، مقابل نحو 100 مليار جنيه (3.231 مليار دولار) خلال العام الأسبق بما يعكس القدرة على التحكم في المالية العامة للدولة.

وذكر وزير المالية أنه يتم العمل على خفض الدين العام إلى نسبة تتراوح بين 75 إلى 80 في المئة خلال السنوات الأربع المقبلة.

وأشار معيط، إلى أن الحكومة المصرية تتحرك لسد الفجوة الدولارية، مشيراً إلى أن هناك معدل نمو في قطاعات عدة مثل قناة السويس والسياحة والصادرات وتحويلات المصريين وعوائد الطروحات.

ولفت إلى أنه من بين مؤشرات خفض الدين دخول 50 في المئة من عوائد الطروحات إلى الموازنة العامة للدولة كإيراد، وذلك يسهم في خفض الدين.

وفي ما يتعلق بالدين وخدمته، يضيف “سجلت الموازنات الخاصة بالأربع سنوات الماضية قيمة خدمة الدين كفوائد، بإجمالي مبالغ تراوحت بين 550 مليار جنيه (17.770 مليار دولار) إلى 585 مليار جنيه (18.901 مليار دولار) كقيمة مطلقة، وهو ما جعل النسبة تتراجع وتقترب من 31 في المئة”.

خطة لإصدار سندات “ساموراي” جديدة

على صعيد أزمة الدولار، أشار وزير المالية المصري إلى أن ما شهدته البلاد من تغييرات في كل من سعر الصرف، وسعر الفائدة، أثر بشكل كبير على معدلات الفائدة، لافتاً إلى أنه مع استقرار سعري الفائدة والصرف، تستقر قيمة هذه الفوائد، ومن الممكن أن تنخفض عن قيمها الحالية.

وفي ما يتعلق بالدين ومعرفة قيمته، أشار وزير المالية إلى أن ذلك يستغرق بعض الوقت لتدقيق قيمة الدين، والتنسيق مع الجهات المعنية في هذا الشأن لتوحيد البيانات، موضحاً أن الحكومة المصرية تستهدف في موازنة العام المقبل أول يوليو (تموز) 2024 الوصول إلى 94 في المئة.

ولفت وزير المالية إلى أن الخطة الخاصة بتخفيض الدين تستهدف تحسين الإيرادات، وبذل المزيد من الجهد في تنفيذ العديد من الإصلاحات، ومن ذلك ما يتعلق بالميكنة، وهو ما انعكس على رفع كفاءة التحصيل، مشيراً في هذا الصدد إلى المنصات العالمية التي التزمت من يوم 22 يونيو الماضي بتحصيل ضريبة القيمة المضافة من خارج مصر، وتحويلها لنا بالعملة الصعبة.

وأوضح، أن “الخطة الحالية لخفض الدين مدققة بأرقام تؤكد قدرتنا على النزول به اعتباراً من العام المالي الذي بدأ في يوليو (تموز) الجاري”. وأشار، إلى أنه تم الإعلان عن ضمانة مقدمة من بنك التنمية الأفريقي، كما من المتوقع الحصول على ضمانة أخرى من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهناك خطة يتم العمل عليها لإصدار سندات “ساموراي” جديدة، وتسهيلات متعددة مجموعها يقترب من ثلاثة مليارات دولار.

وعلى جانب الإنفاق، تطرق وزير المالية لما ذكرته وزيرة التخطيط في حديثها من “أننا نعمل على ترشيد الإنفاق في عدة جوانب ومشروعات، ومع ترشيد الواردات، والتمويلات التنموية طويلة الأجل منخفضة الكلفة كعنصر مساعد، معتبراً أن تلك الخطوات ستسهم خلال السنوات المقبلة في تحقيق أهدافنا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى