مقالات اقتصادية

“ميثاق مالي عالمي جديد” في باريس.. إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي

كتب أسامة صالح

ناشد زعماء دول من الشمال والجنوب “HGD,L” في باريس تقديم آلاف مليارات الدولارات الضرورية للانتقال الطاقي وتكيف البلدان الأكثر عرضة لاحترار المناخ وهي مشكلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يستضيف القمة، من أجل “ميثاق مالي عالمي جديد” إلى صدمة تمويل عام لمواجهة الفقر واحترار المناخ أمام نحو أربعين رئيس دولة وحكومة مجتمعين في باريس لمحاولة إعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي.

وقال ماكرون خلال افتتاح القمة إن الدول لا ينبغي أن توضع أمام خيار محاربة الفقر أو مكافحة تغير المناخ، مضيفا وفقا لوكالة فرانس برس: “علينا أن نحدث صدمة تمويل عام ونحتاج إلى المزيد من التمويل الخاص”.
من جهته، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعواته إلى التغيير قائلا إن الهيكلية المالية الدولية فشلت.

وأضاف أن القواعد التي تخصص بموجبها الأموال من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أصبحت غير أخلاقية للغاية والجمود ليس خيارا.
من جهتها، دعت الناشطة الأوغندية الشابة فانيسا ناكاتي رؤساء الدول والحكومات إلى التزام دقيقة صمت تكريما لجميع الذين يعانون والجياع والمشردين والذين يتركون المدرسة”

– البنك الدولي وصندوق النقد

وإن كان من المستبعد أن تفضي المحادثات الجارية في قصر برونيار في وسط باريس إلى قرارات ملموسة، إلا أنها تستفيد من ثقل الضيوف المشاركين وبينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والمستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين.
وفي خطاب ألقته يلين صباح الخميس في باريس، قالت يلين إن واشنطن ستضغط من أجل أن يشارك دائنو الدول الفقيرة والنامية في مفاوضات لإعادة هيكلة ديونها.
وأعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا أنه تم تحقيق هدف تخصيص 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة للدول الفقيرة، وهي أصول احتياط لصندوق النقد الدولي يمكن استخدامها للتنمية والتحوّل المناخي.
وقالت جورجييفا خلال القمة: “تم تحديد الهدف عند مائة مليار”. وأضافت “حققنا الهدف، لدينا مائة مليار”.
ورحب ماكرون على تويتر بهذا الإعلان مغردا: “هذا الهدف لديه فرصة جيدة لأن يتحقق هذا العام!”.
كذلك، تشارك الصين من خلال رئيس وزرائها لي تشيانغ والسعودية ممثلة بولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويشارك أيضا في القمة الرئيس الكيني وليام روتو بالإضافة إلى نحو عشرين زعيما إفريقيا رفع العديد منهم الصوت أخيرا ضد الدول الغنية التي تضخ المليارات لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
ونشأت فكرة القمة في نوفمبر خلال مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب27) في مصر، عقب الخطة التي قدمتها رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي. فقد أعادت إحياء الأمل في إحراز تقدم بشأن هذه المسألة التي باتت عقبة بوجه مفاوضات المناخ بين الدول الفقيرة والدول الغنية المسبب الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة.
ودعت موتلي التي حضّت على إعادة توجيه التمويل الدولي نحو قضايا المناخ، الخميس إلى تحول مطلق في النظام المالي وليس فقط إصلاح مؤسساتنا.
وأضافت: “نأتي إلى باريس اليوم بقلب حزين لكن بأمل”.
من جهتها، قالت إستير دوفلو، الحائزة جائزة نوبل في الاقتصاد: “تفرض كلفة باهظة على أفقر البلدان من خلال الطريقة التي نقرر أن نعيش بها اليوم”.
والهدف من القمة هو تجديد الهيكل المالي الدولي المنبثق عن اتفاقات بريتون وودز في العام 1944 مع إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتقول الدول النامية إن الحصول على تمويل من المؤسستين صعب في حين أن حاجاتها هائلة لمواجهة موجات الحر والجفاف والفيضانات، وأيضا للخروج من الفقر مع التخلص من الوقود الأحفوري والحفاظ على الطبيعة.
ومن أجل تحقيق ذلك، سيتعين على الدول النامية باستثناء الصين إنفاق 2400 مليار دولار سنويا بحلول العام 2030، وفق تقديرات مجموعة من الخبراء تحت رعاية الأمم المتحدة، وكذلك زيادة إنفاقها على الوقود غير الأحفوري من 260 مليار إلى نحو 1,9 تريليون دولار سنويا على مدى العقد، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

– ضرائب على النقل البحري

ومن بين الطروحات العديدة التي تناقش، تكتسب فكرة فرض ضريبة دولية على انبعاثات الكربون من النقل البحري زخما.
ويتحدث قادة العالم عن ضرائب أخرى ولكن أيضا عن إصلاحات مؤسسية وإعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة وتعزيز دور القطاع الخاص.. وتدعم موتلي بقوة فكرة تعليق سداد الديون في حال حدوث كارثة طبيعية.
فالأعاصير لا تفرّق بين الدول الغنية والفقيرة، لكنها قد تتسبب في خسارة سنوات من التنمية، وفق ما ذكر فاتومانافا باولولي لوتيرو رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة، رأس الحربة في المعركة من أجل تمويل جديد.
وستوضع الدول الغنية في مواجهة وعدها بتقديم 100 مليار دولار سنويا لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة احترار المناخ. وهو وعد يفترض أن يتم الوفاء به هذا العام، بعد ثلاث سنوات من التأخير، وهو ما أدى إلى تراجع عميق في الثقة بين الشمال والجنوب.
وأشار هارجيت سينغ من “كلايمت أكشن نتوورك” إلى أن هذا المبلغ يبدو سخيفا، لكن التمويل العام هو البذرة التي ستثمر تريليونات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى