اقتصاد دولي

بعد الذهب والنحاس .. لماذا انضمت الفضة لموجة الصعود المتزامن للمعادن مؤخرًا؟

تشهد مجموعة كبيرة من المعادن حالة من الارتفاع المتزامن خلال الفترة الأخيرة، بدعم العديد من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، ناهيك عن أساسيات العرض والطلب.

 

وبعد صعود قياسي لأسعار الذهب والنحاس مؤخرًا، انضمت الفضة إلى القافلة لتسجل مستويات غير مسبوقة في أكثر من عقد، وسط ترجيحات بمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة.

 

 

ارتفاع حاد وسريع

 

– ارتفع سعر العقود الآجلة للفضة تسليم شهر يوليو يوم الجمعة الماضي بنحو 4.6% ليصل إلى 31.26 دولار للأوقية، وهي أعلى تسوية منذ فبراير 2013.

 

– حقق المعدن صعودًا بحوالي 11% خلال الأسبوع الماضي، ليسجل ثاني مكاسبه الأسبوعية على التوالي.

 

– تفوقت الفضة على وتيرة صعود الذهب منذ بداية العام الجاري، ليكون المعدن الأبيض ضمن أفضل المعادن الرئيسية أداءً هذا العام.

 

– منذ بداية 2024 حتى تسوية تعاملات الجمعة الماضية، ارتفع عقد تسليم الشهر التالي للفضة بحوالي 32%، مقابل صعود بنحو 16% للذهب في نفس الفترة.

 

 

– تراجعت نسبة سعر الذهب إلى الفضة إلى نحو 76 مِثلاً بنهاية الأسبوع الماضي، وهو أقل مستوى منذ أغسطس 2023، ومقابل حوالي 90 مِثلاً في يناير الماضي.

 

– لكن لا يزال سعر الفضة نسبة إلى الذهب مرتفعًا بالمقاييس التاريخية، حيث وصل المتوسط إلى 68 مِثلاً خلال آخر 20 عامًا.

 

عوامل وراء الصعود

 

– استفادت الفضة من مجموعة من العوامل، مع حقيقة أن المعدن يتمتع بأهمية مزدوجة، حيث يعتبر من الأصول المالية، بالإضافة إلى الاستخدامات الصناعية والتي تشمل تقنيات الطاقة النظيفة.

 

– عزز مديرو الأصول رهانتهم الصعودية على العقود الآجلة للفضة في الأسبوع المنتهي في الرابع عشر من مايو إلى أعلى مستوى في أكثر من عامين.

 

– يتجه سوق الفضة العالمي لتسجيل رابع عام متتالٍ من العجز في المعروض، مع توقعات مجلس الفضة بأن يشهد 2024 ثاني أكبر عجز في تاريخ المعدن.

 

 

– كما تسبب الطلب الصناعي القوي على الفضة في استنزاف المخزونات الرئيسية في العالم، حيث انخفضت المخزونات التي تتبعها جمعية سوق السبائك في لندن إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق في أبريل، كما تقترب أحجام المخزونات في نيويورك وشنغهاي من أدنى مستوياتها الموسمية.

 

– تعتقد شركة “تي دي سيكيوريتيز” أنه على مدى العامين المقبلين، قد يتم استنفاد مخزونات جمعية سوق السبائك في لندن بالنظر إلى وتيرة الطلب الحالية.

 

– بينما ربط “فيل سترايبل” كبير استراتيجي السوق في “بلو لاين فيوتشرز” مكاسب الفضة بعودة الاهتمام بأسهم الميم في وول ستريت، مشيرًا إلى أن المضاربين يبحثون عن أصول مختلفة لاستغلالها، مشددًا على أن الفضة عادة ما تعتبر واحدة من تفضيلاتهم.

 

– كانت الفضة ضمن الأصول المستهدفة من جانب مستثمري التجزئة عبر موقع “ريديت” في عام 2021، وسط التدافع على شراء سهم “جيم ستوب” وغيرها من أسهم الشركات الصغيرة آنذاك.

 

 

– كما جاءت مكاسب الفضة بدعم غير مباشر من الحماس الذي يسيطر على أسواق المعادن بشكل عام خلال الفترة الأخيرة.

 

– يتحرك الذهب والفضة عادة في اتجاه واحد، حيث يوفر كلاهما خصائص مماثلة للتحوط من المخاوف الاقتصادية.

 

– قال “جريجور جريجرسن” مؤسس “سيلفر بولين” إن العملاء المهتمين بشراء الذهب بدأوا يفكرون في شراء الفضة أولاً وانتظار حدوث مزيد من التوازن بين أسعار الذهب والفضة.

 

مكاسب قوية للمعادن

 

– لم تكن الفضة الصاعد الوحيد في سوق المعادن خلال الفترة الأخيرة، حيث نجحت العديد من المعادن في تحقيق مكاسب قوية.

 

– شهدت العقود الآجلة للذهب ارتفاعًا قياسياً جديداً يوم الجمعة الماضي، حيث صعد عقد تسليم يونيو بنحو 1.3% عند 2417.4 دولار للأوقية.

 

– يعتقد “بارت ميليك” رئيس استراتيجيات السلع الأولية لدى “تي دي سيكيوريتيز” أن ارتفاع الذهب يأتي بدعم خطط دعم القطاع العقاري في الصين وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية مرتين هذا العام.

 

– كما ارتفعت العقود الآجلة للنحاس تسليم يوليو عند تسوية يوم الجمعة بنحو 3.6% عند 5.05 دولار للرطل، وهو أعلى مستوى في تاريخه.

 

– حقق النحاس نسبة صعود بنحو 30% منذ بداية 2024، بدعم الطلب المتزايد وتراجع المعروض، بالإضافة إلى طلبات تغطية الهامش من جانب مستثمري البيع على المكشوف.

 

– كما سجل معدن البلاتين نحو 1076 دولاراً للأوقية يوم الجمعة، ليتداول قرب أعلى مستوياته في عام.

 

– حقق البلاتين مكاسب أسبوعية بحوالي 8%، مع استمرار العجز في المعروض في السوق.

 

– بالإضافة إلى أساسيات العرض والطلب، تلقت المعادن الدعم من تراجع الدولار الأمريكي مؤخرًا، ما يجعل شراء السلع أقل تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

 

– انخفض مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية – بنحو 1.6% منذ بداية شهر مايو، لكنه لا يزال مرتفعًا منذ بداية هذا العام.

 

 

– يرى “ديفيد ميلر” كبير مسؤولي الاستثمار في “كاتليست فاندس” إن العجز الحكومي الضخم في الولايات المتحدة يتسبب في ضعف الدولار ويعزز قيمة المعادن الثمينة.

 

– كما يعتقد “ميلر” أن العوامل وراء صعود الذهب والفضة بشكل خاص هي مزيج بين محدودية الإمدادات والضغط الناتج عن التضخم الذي يتجاوز مستهدف الاحتياطي الفيدرالي.

 

– بلغ التضخم السنوي الأمريكي 3.4% في أبريل الماضي من 3.5% في مارس، لكنه لا يزال أعلى من المستهدف البالغ 2%.

 

– قال “برين لوندين” محرر “جولد نيوزليتر” إن العامل المشترك في مكاسب الذهب والفضة والدولار منذ بداية هذا العام يتمثل في اعتبارهما “ملاذاً آمناً”، ما يشير إلى قلق المستثمرين من التضخم وأعباء الدين العالمي ومعدلات الفائدة المرتفعة.

 

– على جانب آخر، لا يعتبر النحاس معدناً ثميناً مثل الذهب والفضة، لكنه كمعدن صناعي، استفاد من توقعات تزايد الطلب ونقص الإمدادات العالمية وتحسن النمو الاقتصادي العالمي ومشاكل المصاهر في الصين.

 

 

– كما وصف “جون كاروسو” كبير استراتيجي السوق في “آر جيه أو فيوتشرز الوضع في أسواق المعادن بقوله: “المد المرتفع يرفع جميع القوارب”.

 

– ذكر “كاروسو” أن النحاس والفضة استفادا من حقيقة أنهما يعتبران موصلات رائعة لنقل الكهرباء، بينما يميل الذهب للاستفادة من الارتفاع القياسي للدين الأمريكي.

 

– بينما يرى “آدم كوس” رئيس “ليبرتاس ويلث مانجمنت” أن معادن الذهب والفضة والنحاس تشهد مكاسب ملحوظة بدعم عدم اليقين الاقتصادي الذي عزز الطلب على أصول الملاذ الآمن واضطرابات سلسلة التوريد التي تهدد المعروض من المعادن، بالإضافة إلى زيادة الطلب الصناعي.

 

– قال “آدم” إنه رغم اختلاف مواصفات كل معدن من المعادن الثلاثة، فإن العامل المشترك بينها يتمثل في القلق حيال ظروف الاقتصاد والسوق العالمية والطلب المدعوم بالرغبة في تنويع الاستثمارات.

 

هل تستمر مكاسب الفضة؟

 

– يتوقع محللون استمرار الزخم في أسواق المعادن خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالمعدن الأبيض.

 

– يرى “دانييل غالي” كبير استراتيجي السلع في “تي دي سيكيورتيز” أن تجاوز الفضة لمستوى 30 دولارًا قد يؤدي إلى إثارة نشاط شراء كبير من جانب الصناديق المتداولة في البورصة.

 

 

– ذكر “جي سي أوهارا” كبير الاستراتيجيين الفنيين في “آر أو تي إتش كابيتال بارتنرز” أن سعر الفضة قد يرتفع لنقطة المقاومة بين منطقة 35 و37 دولارًا للأوقية، بعد تجاوزه حاجز 30 دولارًا.

 

– بينما يرى “أليكس كوبتسيكيفيتش” كبير محللي السوق في “إف إكس برو” أن الهدف قريب الأجل للفضة هو 33 دولارًا للأوقية، لكنه لم يستبعد تحرك المعدن صوب مستواه القياسي السابق عند 50 دولارًا.

 

– كما أشارت “ميشيل شنايدر” مديرة التعليم والأبحاث في “ماركت جايج MarketGauge” إلى أن قيمة الفضة تجعلها أكثر جاذبية من الذهب، معتبرة أنه لا توجد أسباب تمنع المعدن الأبيض من الارتفاع لمستويات 35 و40 دولارًا بعد أن تجاوز حاجز 30 دولارًا للأوقية.

 

– كما يعتقد “سيتي جروب” أنه إذا بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض معدلات الفائدة وظل النمو الاقتصادي قوياً في النصف الثاني من العام، فإن معدل الذهب إلى الفضة يمكن أن يتحرك إلى حوالي 70 مِثلاً.

 

– لكن المجموعة حذرت من أنه حال حدوث تباطؤ اقتصادي، فإن ذلك من شأنه أن يدفع معدل الذهب إلى الفضة للارتفاع.

 

– بشكل عام، قال “ساكسو بنك” إن “عام تفوق المعادن” مستمر في اكتساب الزخم خلال الأسابيع الأخيرة، مشددًا على أنه يفضل الذهب والفضة والنحاس.

 

– لكن على الجانب الآخر، يعتقد “آدم كوس” المحلل في “ليبرتاس ويلث مانجمن” أنه في حين أن الزخم الحالي لأسعار الذهب والفضة والنحاس يشير إلى إمكانية استمرار المكاسب، فإنه أيضًا يزيد من خطر التصحيح على المدى القصير.

 

– ذكر “آدم” أنه يتبقى أن نرى ما إذا كان هذا التصحيح سيحدث بسبب السعر أو الوقت أو ربما لن يحدث على الإطلاق، لكنه شدد على أن الاتجاه طويل الأجل للأسعار سيعتمد على تطور الوضع الاقتصادي والسياسة النقدية والطلب الصناعي.

 

المصادر: أرقام – ماركت وتش – سي إن بي سي – بلومبرج – رويترز – كيتكو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى