اقتصاد دولي

الفائدة المرتفعة على الرهن العقاري تثقل كاهل أصحاب المنازل في بريطانيا

,,
رفعت بنوك مثل «باركليز» و»إتش أس بي سي» و»نات ويست»، بعض الكُلف على صفقات الرهن العقاري ذات السعر الثابت منذ أبريل (نيسان) الماضي

 

رفع بنك إنجلترا المركزي أسعار الفائدة 14 مرة متتالية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 إلى أعلى مستوى منذ فبراير (شباط) 2008 عند 5.25 في المئة.
وأبقى البنك أسعار الفائدة عند هذا المستوى خمس مرات، آخرها كان مارس (آذار) الماضي، ويستعد البنك البريطاني غداً الخميس، وربما هي الأخيرة لمراجعة أسعار الفائدة قبل انطلاق الانتخابات البريطانية الباكرة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل. ورفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بصورة متتالية في محاولة لكبح جماح التضخم خلق بطبيعة الحال موجة قلق بين مقرضي الرهن العقاري في بريطانيا وسط عدم اليقين في شأن مسار سعر الفائدة، ودفع أيضاً أكبر البنوك في البلاد إلى رفع أسعار الفائدة على الرهون العقارية مع تراجع التوقعات حول الموعد الذي سيخفض فيه بنك إنجلترا أسعار الفائدة، في حين تتوقع الأسواق المالية أن يخفض البنك أسعار الفائدة إلى 4.75 في المئة بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع إمكان تأجيل هذا الخفض وهو توجه يدعمه البنك وصندوق النقد الدوليين، بعد أن أوصى الأخير في مايو (أيار) الماضي، بخفض أسعار الفائدة في بريطانيا إلى 3.5 في المئة بحلول نهاية العام المقبل 2025.
ورفعت بنوك مثل «باركليز» و»إتش أس بي سي» و»نات ويست»، بعض الكُلف على صفقات الرهن العقاري ذات السعر الثابت منذ أبريل (نيسان) الماضي، مما رفع معدلات الرهن العقاري خلال الأسابيع القليلة الماضية مع تغير وجهات النظر حول موعد خفض البنك لتلك الكُلف، وسط توقعات ألا يخفض البنك سعر الفائدة القياسي في وقت باكر كما كان يعتقد سابقاً. وكان بنك «باركليز» رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية في شهر أبريل الماضي بنسبة 0.1 في المئة عبر مجموعة من منتجات الرهن العقاري، بينما أعلنت بنوك «أكورد بانك» و»نات ويست» و»ليدز» و»إتش إس بي سي» زيادات في أسعار الفائدة، إذ قُلصت الرهانات على فرص التحرك الحذر لخفض الفائدة من قبل رئيس بنك إنجلترا أندرو بيلي ولجنة السياسة النقدية.
ورفع بنك «نات ويست» أسعار الفائدة على صفقات مختارة مدتها عامان وخمسة أعوام 0.1 نقطة مئوية، في حين قال «باركليز» إنه سيزيد السعر على بعض المنتجات 0.2 نقطة مئوية.
ومع انخفاض التوقعات لخفض أسعار الفائدة الأساس وتصاعد كلفة النفط والواردات والانتخابات الباكرة التي أعلنها رئيس الوزراء ريشي سوناك والمقرر إجراؤها في الرابع من الشهر المقبل، ستكون الأشهر القليلة المقبلة صعبة على المقترضين ومشتري المنازل، كما أن التضخم ليس العامل الوحيد عند تحديد أسعار الفائدة، ولكن تأثير القضايا العالمية قد أثر بسرعة أيضاً في أسعار الفائدة.
وعلى رغم أن الارتفاع الكبير في معدلات الرهن العقاري إلا أن أسعار العقارات لا تزال ترتفع في بريطانيا بقيادة الحد الأعلى من السوق، فوفقاً لبيانات «رايت موف» فقد بلغ متوسط سعر المنزل في أبريل الماضي 372.32 ألف جنيه إسترليني (473.26 ألف دولار)، أي أعلى 1.1 في المئة عن الشهر السابق.
ولتحديد أثر رفع الفائدة في الرهون العقارية فإن أسعار العقارات بقيمة 300 ألف جنيه إسترليني (381.42 ألف دولار) مع رهن عقاري لمدة 30 عاماً ووديعة بنسبة 20 في المئة للمشتري للمرة الأولى من بنك «باركليز»، تكون بفائدة ثابتة مدة خمسة أعوام بـ 4.8 في المئة، مع سداد 1262 جنيهاً إسترلينياً (1604 ألف دولار) شهرياً، وفقاً لأرقام «نيردوالت».
في حين ستمنحك الصفقة نفسها في بنك «نات ويست» معدل فائدة يبلغ 4.47 في المئة مع سداد يبلغ 1211 جنيهاً إسترلينياً (1538 ألف دولار) شهرياً. وفي الوقت نفسه يقدم بنك «تي أس بي» معدل فائدة مبدئي 4.49 في المئة مع سداد 1214 جنيهاً (1543 ألف دولار) شهرياً، بينما يقدم «هاليفاكس» معدل فائدة مبدئي 4.51 في المئة مع سداد 1217 جنيهاً (1547 ألف دولار) شهرياً. أما بنك «ناشين وايد» فيقدم معدل فائدة أولي قدره 4.7 في المئة مع سداد 1276 جنيهاً (1662 ألف دولار) شهرياً.
ويقترح مثال توضيحي من بنك «إتش أس بي سي» سداد رهن عقاري بقيمة 178.88 ألف جنيه (227.396 ألف دولار) يُسدد على 26 عاماً بمعدل ثابت لمدة عامين بـ 6.08 في المئة، ثم بمعدل متغير حالي قدره 6.99 في المئة على مدار الـ 24 عاماً الباقية، وسيتطلب ذلك 24 دفعة شهرية بقيمة 1143.212 جنيه (1453.12 ألف دولار) و287 دفعة شهرية بقيمة 1240 ألف جنيه (1577.02 ألف دولار)، إضافة إلى دفعة أخيرة بقيمة 1237.21 ألف جنيه (1572.74 ألف دولار). وسيكون المبلغ الإجمالي المستحق 385.010 ألف جنيه (489.41 ألف دولار)، ويتكون من مبلغ القرض إضافة إلى فائدة قدرها 205.833 جنيهاً (261.64 دولار) ورسوم محاماة قدرها 295 جنيهاً (374.98 ألف دولار).
أثر رفع الفائدة في سوق الإسكان في بريطانيا:- وعندما ترتفع أسعار الفائدة يصبح اقتراض الأموال أكثر كلفة بالنسبة إلى المستهلكين، وبطبيعة الحال يشمل ذلك الرهون العقارية، وقد أثر ارتفاع أسعار الفائدة في سوق الإسكان بطرق عدة أولها انخفاض الطلب، إذ يمكن لأسعار الفائدة المرتفعة أن تجعل الرهن العقاري أقل كلفة بالنسبة إلى المشترين للمرة الأولى، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنازل.
أما عن التأثير الثاني فهو انخفاض القدرة على تحمل الكُلف، إذ يؤثر ارتفاع الأسعار أيضاً في مشتري العقارات الثانية ومستثمري الرهن العقاري «الشراء للتأجير» (BTL)، وهو قرض رهن عقاري مصمم خصيصاً لهذا الغرض، وقد ترتفع أقساط الرهن العقاري الخاصة بهم مما يعني أنهم قد يحتاجون إلى رفع الإيجار للتعويض، أو أن الإيجار المتوقع لن يفي بالقدرة على تحمل كُلف الرهن العقاري على عقار استثماري جديد، لذا فإنهم لا يشترون مما يقلل الطلب.
ماذا يعني الرفع للمقترض؟:- وإذا ارتفعت أسعار الفائدة فقد يصبح الاقتراض أكثر كلفة للمقترض، وسواء كان يتطلع إلى الحصول على رهن عقاري لشراء منزل أو سيارة جديدة بالائتمان، فمن المهم أن يفكر في ما يعنيه ارتفاع الكُلف بالنسبة إليه.
ويقدم بنك إنجلترا عبر موقعه على الإنترنت نموذجاً لما يعنيه رفع الفائدة أو خفضها على الرهن العقاري، إذ يقول البنك «تخيل أن لديك رهنًا عقارياً بقيمة 130 ألف جنيه (165.22 ألف دولار) وترغب في سداده على مدى 25 عاماً، فإذا كان سعر الفائدة على الرهن العقاري 2.5 في المئة فإن القسط الشهري سيكون 583 جنيهاً (740.93 دولار)».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى