اقتصاد كويتي

«ABK Capital»: الكويت تطمح إلى التحوُّل لاقتصاد المعرفة

قال تقرير خاص أصدرته شركة ABK Capital، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي الكويتي، ان الكويت التي تمتلك أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، تطمح إلى التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة. وتبنت البلاد رؤية استراتيجية لتحقيق هذه الغاية. وبالنظر إلى التركيبة السكانية الشابة في البلاد، فإن تحقيق هذه الرؤية بنجاح يضع البلاد على درب التحول إلى وجهة اقتصادية قوية تساهم إيجابياً في ازدهار الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.

واشارالتقرير إلى أن السعودية عضو مجموعة العشرين ومجموعة بريكس+، من الأسواق الناشئة الواعدة بفضل إصلاحاتها الاقتصادية التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وجذب المستثمرين الأجانب. وتمتلك المملكة احتياطيات نفطية كبيرة تجعلها عضواً مؤثراً في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، التي تتحكم في صادرات النفط وأسعاره. وتركز رؤية السعودية 2030، التي أُطلقت في عام 2016، على زيادة دور القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار الأجنبي عبر مختلف القطاعات والصناعات.

واوضح ان الإمارات قطعت خطوات كبيرة، لتصبح مركزاً عالمياً للخدمات اللوجستية والسياحة. وساعدت الإصلاحات الاقتصادية في الإمارات؛ مثل تعزيز السياحة وتطبيق سياسات التأشيرة والإقامة المرنة واللوائح والتنظيمات التجارية المشجعة، في تحويل دبي وأبوظبي إلى مركزين تجاريين مزدهرين.

الاقتصاد العالمي

وتناول التقرير توقعات مستقبلية للمشهد الاقتصادي العالمي، موضحا ان الساحة الاقتصادية العالمية شهدت تحولات كبيرة على مدى العقود القليلة الماضية، مدفوعة بتغيرات في السياسات الاقتصادية والديناميكيات الجيوسياسية والتطورات التكنولوجية والاتجاهات الديموغرافية.

وتابع: في ثمانينيات القرن الماضي، مثل اقتصاد الولايات المتحدة وأوروبا واليابان أكثر من %55 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقًا لتعادل القوة الشرائية. وفي المقابل، كانت المساهمة الاقتصادية المشتركة للاقتصادات الناشئة، مثل الهند والصين متدنية نسبياً، حيث سجلت %5.3 فقط خلال تلك الفترة. ومع ذلك، شهدت العقود الأربعة الماضية صعود الصين والهند إلى مكانة بارزة على الساحة الاقتصادية العالمية، في ظل تراجع النفوذ الاقتصادي لأوروبا واليابان بالمقارنة.

واشار التقرير الى ان مجموعة الدول السبع (الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة) سجلت تراجع حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من %50 في عام 1980 إلى %30 فقط في عام 2023، وفقاً لتعادل القوة الشرائية. ويعزى هذا الانخفاض إلى الصعود السريع لقوة الصين الاقتصادية، بعد الإصلاحات الاقتصادية في الثمانينيات التي حررت التجارة وزادت من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، وشجعت التوسع في التصنيع. وخلال المدة من 1980 إلى 2023، نما الاقتصاد الصيني بمعدل نمو للناتج المحلي الإجمالي الفعلي يبلغ %9 في المتوسط، متجاوزاً بكثير متوسط معدل النمو المتوسط البالغ %2.7 للولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في ذلك الوقت.

تراجع أمريكي

ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة، على الرغم من تفوقها على معظم الاقتصادات المتقدمة، شهدت تراجع حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تدريجياً على مر سنين، حيث تراجعت من 21.3% في عام 1980 إلى %15.6 في عام 2023. وتسبب في هذا الانخفاض عوامل عدة، مثل ارتفاع الأجور، وانخفاض الإنتاجية، وارتفاع الضرائب، والآثار المترتبة على الأزمة المالية العالمية 2008. ومع ذلك، فقد ظلت حصة الولايات المتحدة مستقرة نسبياً منذ ذلك الحين، بعد تعافي الاقتصاد نتيجة تطبيق سياسات إنقاذ البنوك، والتحفيز المالي، وخفض أسعار الفائدة. وتبلغ حالياً مساهمة الولايات المتحدة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي %15.6 (تعادل القوة الشرائية – 2023).

صعوبات أوروبية

وزاد: انخفضت حصة الاتحاد الأوروبي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من %25.8 في عام 1980 إلى %14.5 فقط في عام 2023. وقد واجه الاتحاد صعوبة كبيرة في التعافي بعد الأزمة المالية العالمية، في ظل سلسلة أزمات، تضمنت أزمة ديون منطقة اليورو، وغياب تنسيق السياسات بين الدول الأعضاء، والحاجة إلى دعم الدول الأقوى للدول الأضعف اقتصادياً، وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد في عام 2016، وارتفاع متوسط أعمار سكان القارة العجوز، وارتفاع الأجور، مع جمود نسبي في صناعة التكنولوجيا؛ وجميعها عوامل واصلت الضغط على الأداء الاقتصادي للاتحاد الأوروبي. وكانت بداية أزمة ديون أوروبا بانهيار النظام المصرفي في أيسلندا خلال الأزمة المالية 2007 – 2008، ما أدى إلى تآكل الثقة في المؤسسات والشركات الأوروبية ومكونات الاقتصاد الأوسع نطاقاً. وإضافة إلى ذلك، ساهم نقل النشاط التصنيعي إلى الصين منذ الثمانينات، بالتزامن مع تراجع أداء قطاعات التصنيع والخدمات في أوروبا، في مشاكل اقتصادية أكبر للمنطقة.

الاقتصاد الصيني

وتناول التقرير الاقتصاد الصيني الذي حقق نمواً سريعاً على مدى العقود الماضية، ما حوله إلى قوة اقتصادية كبرى. وارتفعت حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية (PPP) من %2.3 في عام 1980 إلى %18.7 في عام 2023، متجاوزة حصة الولايات المتحدة من حيث تعادل القوة الشرائية منذ عام 2017. ويُعزى هذا الازدهار الاقتصادي إلى إصلاحات الصين التي حررت التجارة والاستثمار الأجنبي، وخففت من سيطرة الدولة على الأسعار، واستثمرت بكثافة في الإنتاج الصناعي وتأهيل قوة العمل.

وبين ان الاستثمارات المتزايدة شكلت نحو ثلثي نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بين عامي 2009 و2010. وهكذا، شهد الاقتصاد الصيني نمواً مطرداً على مر العقود، مدفوعاً بارتفاع الاستهلاك الأسري وزيادة حصة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي. وسمح ذلك للصين بالحفاظ على معدل نمو مرتفع.

الاقتصاد الهندي

واضاف: وفي خضم هذه التطورات، تتزايد حصة الهند في الاقتصاد العالمي باطراد. وسجل الاقتصاد الهندي نمواً كبيراً في العقود الأخيرة، حيث ارتفعت حصته من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من %3 في عام 1980 إلى %7.6 في عام 2023. ويُعزى هذا التقدم إلى طفرة في قطاع الخدمات، وسياسات التحرير الاقتصادي، وتحسن الإنتاجية، والديموغرافية الشابة، والاستثمارات في البنية التحتية. وعلاوة على ذلك، فإن توسيع مجموعة بريكس في الأول من يناير 2024 ليشمل خمسة بلدان جديدة (الأرجنتين، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات) عزز الوزن الاقتصادي والديموغرافي لكتلة الاقتصادات الناشئة. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تشكل مجموعة «بريكس+» نحو %37.6 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمعايير تعادل القوة الشرائية في عام 2027، مقارنة بـ%28.2 لمجموعة الدول السبع.

تقدم الصين والهند بثبات

توقع تقرير ABK Capital أن تواصل الصين والهند التقدم بثبات على الولايات المتحدة وأوروبا بحلول عام 2050. في حين تشير توقعات برايس ووترهاوس كوبرز إلى أن حصة الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي ستنخفض إلى %12 من حيث تعادل القوة الشرائية، بينما ستنخفض حصة أوروبا إلى %9. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تصل حصة الهند إلى %15 من حيث تعادل القوة الشرائية، متجاوزة الولايات المتحدة وأوروبا. ومن المتوقع أن تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030. ومن المحتمل أن يؤدي صعود الصين والهند إلى تراجع حصة أوروبا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع توقع تجاوز الهند للاتحاد الأوروبي بحلول العام 2035.

الدول النامية تقود الاقتصاد العالمي

بين التقرير ان التوقعات تشير إلى تجاوز الهند الولايات المتحدة من حيث تعادل القوة الشرائية بحلول عام 2040. وبوجه عام، من المتوقع أن تقود الدول النامية الناشئة النمو الاقتصادي العالمي، في ظل نمو اقتصادات الدول الناشئة السبع (البرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وروسيا، وتركيا) بمتوسط سنوي قدره %3.5 ما بين 2016 و2050، مقارنة بـ%1.6 لمجموعة الدول السبع. وبحلول عام 2050، قد تتفوق اقتصادات ناشئة مثل المكسيك وإندونيسيا حتى على المملكة المتحدة وفرنسا من حيث حجم الاقتصاد.

تقليل الاعتماد على الصين

ذكر التقرير أن النمو الاقتصادي للصين في السنوات الأخيرة تأثر بعدة عوامل، مثل تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، والتوتر الجيوسياسي، وتزايد مستويات الديون، وأزمة القطاع العقاري،لافتا الى انه استجابةً لذلك، بدأت الولايات المتحدة وأوروبا تنفيذ سياسات لتقليل اعتمادهما على الصين. ويشمل ذلك فرض رسوم جمركية وتشجيع الشركات على اتباع استراتيجية «الصين زائد واحد» من خلال التنويع إلى وجهات أعمال بديلة. ويعود هذا التحول جزئياً إلى تراجع ميزة الصين المتمثلة في التكلفة المنخفضة مع زيادة التوتر الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى