اقتصاد كويتي

«الوطني»: مؤشرات مبكّرة على انتعاش الاقتصاد المصري

قال تقرير بنك الكويت الوطني إن الأمر لم يستغرق وقتاً طويلاً، حتى بدأت السلطات المصرية الاستفادة من الإصلاحات الاقتصادية، التي طرأت في شهر مارس الماضي، في حين أن خطوة تعيين الحكومة الجديدة في يوليو لاقت ترحيباً واسعاً على الصعيدين المحلي والإقليمي، الأمر الذي بعث معنويات التفاؤل مرة أخرى لأول مرة منذ سنوات.

ويرى «الوطني» على وجه الخصوص إمكانية اتساق ومواءمة السياسات الخاصة بثلاث وزارات رئيسية، تركز على التنمية الاقتصادية (وهي تحديداً وزارات المالية والاستثمار، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي التي تم دمجها حديثاً)، حيث يتولى زمام إدارتها جيل من الشباب (يبلغ من العمر 50 عاماً في المتوسط)، من المسؤولين ذوي الخلفيات المهنية في عدد من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للمساهمة في تطوير السياسات، وإن كان ذلك استناداً إلى خطة متوسطة الأجل لم يتم الإعلان عنها بعد.

مؤشرات مبكّرة

وأوضح التقرير أن الاقتصاد بدأ في إظهار مؤشرات مبكرة على الانتعاش في ظل تباطؤ وتيرة التضخم، وارتفاع مقاييس النمو، واستقرار الجنيه المصري، وتصحيح أوضاع المالية الخارجية. ومن غير المرجح أن يؤدي خفض الدعمن المتوقع تطبيقه خلال الأشهر المقبلة، إلى تعطيل اتجاه تراجع معدلات التضخم، الأمر الذي سيساهم في إفساح المجال أمام خفض أسعار الفائدة اعتباراً من سبتمبر.

وزاد: في حين تخرج مصر الآن من مرحلة الأزمة، بفضل التحركات الجوهرية على صعيد السياسيات الاستثنائية، بما في ذلك خفض قيمة الجنيه المصري، والاستثمارات الإماراتية الضخمة في مشروع رأس الحكمة، التي ساهمت في تأمين تدفقات هائلة من رأس المال، لا تزال هناك تحديات اقتصادية كبرى قائمة. وستترقب الأسواق والمستثمرون ووكالات التصنيف الائتماني الأحداث المقبلة، خصوصاً ما إذا كانت الحكومة ستشرع في المرحلة الثانية من عملية الإصلاح المتعلقة بتعزيز بيئة الأعمال وإدارة التواصل الفعّال فيما يتعلق بأجندة الإصلاحات الجديدة.

النمو إلى أدنى مستوياته

لفت التقرير الى ان أحدث البيانات يشير إلى مواصلة النمو الاقتصادي لمساره الهبوطي، إذ تباطأت وتيرته للربع الخامس على التوالي إلى %2.2 على أساس سنوي في الربع الثالث من السنة المالية 2023/2024 (يناير – مارس 2024)، مقابل %2.3 في الربع السابق. ونتوقع أن يقترب نمو الربع الرابع من %2.5، مع وصول المعدل المسجل للعام بأكمله إلى %2.4 مقابل %3.5 في العام السابق.

وبيّن أن عجز الحساب الجاري اتسع خلال فترة الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2023/2024 (يوليو إلى مارس) إلى 17.1 مليار دولار، مقابل 5.3 مليارات دولار في الفترة المماثلة من السنة المالية 2022/2023، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى الانخفاض الشديد في إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، الأمر الذي دفع الميزان التجاري النفطي إلى تسجيل عجز قدره 5.1 مليارات دولار.

من جهة أخرى، تحسّن العجز التجاري غير النفطي بمقدار 1.5 مليار دولار إلى 23.7 مليار دولار، الأمر الذي يرجع أساساً إلى انخفاض الواردات بنسبة %3 بسبب القيود المفروضة عليها، كما تباطأت تحويلات المصريين المقيمين في الخارج إلى 14.5 مليار دولار (%-17 على أساس سنوي). أما على الصعيد الإيجابي، فظلت عائدات السياحة قوية، إذ نمت بنسبة %5.3 على أساس سنوي، على الرغم من التوترات التي تشهدها الساحة الإقليمية في الوقت الحالي.

رفع التصنيف الائتماني

لفت التقرير إلى أن السلطات المصرية تلقت في مايو الماضي الدفعة الأخيرة من صفقة رأس الحكمة الاستثمارية من الإمارات، بقيمة 14 مليار دولار (بالإضافة إلى 11 مليار دولار في هيئة ودائع إماراتية، سيتم تحويلها إلى الجنيه المصري)، مما دفع احتياطيات العملات الأجنبية إلى أعلى مستوياتها المسجلة على الإطلاق عند 46.3 مليار دولار كما في يونيو 2024. وتحوّل صافي الأصول الأجنبية في البنوك (البنك المركزي والبنوك التجارية على حد سواء) إلى وضع إيجابي بلغ 14 مليار دولار في مايو، مقارنة بالمركز السلبي الذي بلغ -3.7 مليارات دولار في أبريل. ومن الواضح أن السلطات أوفت بوعدها باستخدام أغلبية عائدات صفقة رأس الحكمة لتعزيز احتياطيات العملات الأجنبية، لكننا نعتقد أننا تخطينا غالباً مرحلة التحسن الاستثنائي.

من جهة أخرى، تشير توقعاتنا لديناميكيات ميزان المدفوعات إلى أنه سيكون من الصعب الحفاظ على الارتفاعات المستمرة، التي تشهدها الاحتياطيات الأجنبية، بسبب صافي فجوة التمويل التراكمية البالغة 10 مليارات دولار على مدى العامين المقبلين، حتى نهاية السنة المالية 2025/2026. بالإضافة إلى ذلك، لا نرى أي رغبة رسمية في زيادة الاحتياطيات الأجنبية، لأنها بالفعل أكثر من مرضية، وتغطي نحو 7 أشهر من الواردات.

وأضاف: استمر تقلص عائدات السندات المصرية المقوّمة باليورو لأجل 5 سنوات على مدار الأشهر الماضية، لتصل إلى %9.5 في منتصف يوليو، مقابل %15 قبل خفض قيمة الجنيه المصري في فبراير، في حين تقلصت مستويات عقود مبادلة مخاطر الائتمان لأجل 5 سنوات (مقياس مخاطر التخلف عن السداد) إلى نحو 570 نقطة أساس من 1100 نقطة أساس وأكثر. ويمكن أن يتبع تراجع المخاطر قريباً رفع التصنيف الائتماني لمصر من المستوى الحالي بدرجة B-/Caa1 بمقدار درجتين على الأقل، إلى B+/B2، من قبل وكالتي التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز وموديز. وتم تحديد العوامل الرئيسية اللازمة، لرفع التصنيف الائتماني لمصر، بما في ذلك الحفاظ على سعر صرف أكثر مرونة للجنيه المصري، وقوة الدعم الخارجي، والتحسن الكبير لوضع صافي الأصول الاجنبية.

صفقة رأس الحكمة

قال «الوطني» ان الحكومة استخدمت %50 من عائدات صفقة رأس الحكمة (12 مليار دولار بمجرد استبعاد الودائع المصرفية الإماراتية – التي لم تكن أموالا «جديدة» – / 580 مليار جنيه مصري)، لخفض العجز المالي المسجل خلال الفترة الممتدة، ما بين يوليو – مايو للسنة المالية 2023/2024، الذي بلغ %3.6 من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل %7.7 من دون عائدات رأس الحكمة)، إلى جانب رصيد أولي متضخم بنسبة %5.9 (%1.7 باستثناء صفقة رأس الحكمة)، متوقعاً أن يسجل عجزاً بنسبة %4 من الناتج المحلي الإجمالي، ورصيداً أولياً بنسبة %6.2 من الناتج المحلي الإجمالي للعام بأكمله.

خفض سعر الفائدة

أوضح التقرر أن البنك المركزي أبقى على سعر الفائدة من دون تغيير طوال الربع الثاني من العام (من أبريل إلى يونيو)، وظل سعر الخصم عند %27.75، في حين انخفض متوسط معدل أذون الخزانة لأجل عام بنسبة %2 منذ مارس إلى %26، مما يعني أن الأسواق تتوقع خفض سعر الفائدة بنسبة %1 – %2 خلال الفترة المقبلة. وفي ظل تباطؤ وتيرة التضخم خلال الأشهر الماضية (%27.5 كما في يونيو)، أصبحت أسعار الفائدة الحقيقية إيجابية لأول مرة منذ يناير 2022. ومع استمرار انخفاض التضخم خلال عام 2024، نتوقع أن يبدأ البنك المركزي المصري دورة التيسير النقدي في الفترة المقبلة، التي من المحتمل أن تبدأ في سبتمبر، على أن يقوم بخفض أسعار الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس بنهاية العام.

انخفاض الجنيه

ذكر التقرير أن وضع الحساب الرأس مالي كان إيجابياً، حيث أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري في مارس إلى تسلّم مصر الشريحة الأولى بقيمة 15 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة، إلى جانب حصولها على تدفقات كبيرة من استثمارات اجنبية في أدوات الدين المحلية. وانعكست تلك التطورات في وصول الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 23.7 مليار دولار (من 7.9 مليارات دولار)، فيما بلغ صافي التدفقات المرتبطة بمحفظة الاستثمارات 14.6 مليار دولار (مقابل صافي تدفقات خارجية قدرها 3.4 مليارات دولار)، وسجل ميزان المدفوعات فائضاً قدره 4.1 مليارات دولار (من عجز قدره 0.3 مليار دولار)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى