كأس أمريكا .. الرياضة المفضلة للمليارديرات وأقدم بطولة دولية في العالم
فازت نيوزيلندا للتو على بريطانيا في نهائي بطولة كأس أمريكا، لتسجل رقمًا قياسيًا في عدد مرات الظفر باللقب بعدما حصلت عليه في عامي 2017 و2021، وهو إنجاز لم تحققه إلا الولايات المتحدة.
وإن كنت تتساءل ما هي علاقة نيوزيلندا وبريطانيا بـ “كأس أمريكا”، فهذا يرجع إلى حقيقة أنها ليست بطولة رياضية محلية في الولايات المتحدة، وإنما منافسة دولية في سباقات القوارب الشراعية الفاخرة، والتي عادة ما يمثل الدول فيها مليارديرات وشخصيات فائقة الثراء.
بطولة كأس أمريكا، التي انطلقت النسخة الـ 37 منها في برشلونة الإسبانية قبل شهرين، قامت بالأساس على مبدأ الجائزة المعنوية لا المادية، ويتبارى الأثرياء خلالها منذ منتصف العقد التاسع عشر باعتبار الفوز بها شرفًا رياضيًا ورمزًا للقوة والتفوق في التكنولوجيا والإبحار.
ومع ذلك، ورغم عدم اليقين بشأن الجائزة المادية المباشرة للفوز بهذا اللقب اليوم، فقد تحصل الفرق على الكثير من الدعم المالي عبر الرعاة والشركات الداعمة، كما أنه في كثير من الأحيان يقف وراء هذه الفرق مليارديرات وعائلات ثرية للغاية.
ما هو كأس أمريكا بالضبط؟
– تأسست كأس أمريكا عام 1851، وتعدم أقدم بطولة نشطة في الرياضات الدولية ومنافسات الإبحار، حيث تتنافس أندية اليخوت التي تمثل دولًا مختلفة على اللقب.
– يقوم نظام البطولة على تحدي جميع الفرق الدولية المشاركة، والتي تحمل اسم “منافس”، لحامل اللقب السابق، والذي يُطلق عليه اسم “المدافع”، والذي يتمتع بسلطة اختيار الموقع والتاريخ والقواعد وتصميم القارب.
– سميت في البداية بكأس “RYS £100” ببساطة لأن قيمة الكأس كانت تساوي 100 جنيه إسترليني، ثم أعيد تسميتها تيمنًا باليخت الفائز في أول سباق للبطولة حول جزيرة وايت الإنجليزية “أمريكا”.
– خلال البطولة يتعين على الفرق أولاً التنافس في سلسلة من السباقات الأولية، والتي تنتهي بما يعرف بـ “كأس لوي فيتون”، والتي تحدد المنافس الرئيسي في الحدث.
– الفرق المتنافسة ليست متكافئة تاريخيًا، ففي حين فازت نيوزيلندا بالكأس خمس مرات (1995 و2000 و2017 و2021 و2024) فإنها تأتي مباشرة خلف الولايات المتحدة صاحبة الثلاثين لقبًا، فيما حققت سويسرا لقبين، وأستراليا لقبًا واحدًا.
– رغم تاريخها، فقلة من الناس يعرفون بهذه المنافسة، ناهيك عن نخبة من أثرياء العالم يقودونها سواء من الناحية التنظيمية، أو بالمشاركة الفعلية، حيث ينفقون مئات الملايين من الدولارات على تحويل القوارب الشراعية إلى شيء يشبه سيارات سباق “فورمولا وان”، على حد تعبير أغنى رجل في سويسرا “إرنستو بيرتاريلي”.
هواية المليارديرات المفضلة
– كشفت تقارير مؤخرًا عن أن الملياردير “جيم راتكليف”، أحد ملاك نادي مانشستر يونايتد، استثمر نحو 110 ملايين إسترليني (142 مليون دولار) في فريق “إينيوس بريتانيا” البريطاني للإبحار.
– كان هذا أكبر عقد رعاية من نوعه في تاريخ رياضة الإبحار البريطانية، ووفر الدعم المالي لبناء واختبار قاربين متقدمين، وسمح للفريق بالاحتفاظ بالأعضاء الرئيسيين، وربما ساعد ذلك في وصوله إلى نهائي بطولة هذا العام، قبل أن يخسر أمام منافسه النيوزيلندي.
– بالنسبة لـ “بيرتاريلي” الذي تبلغ ثروته وعائلته نحو 28 مليار دولار، أمضى السويسري السنوات الثلاث الماضية في إعادة بناء فريق “ألينغي ريد بول ريسينج” بعد أكثر من عقد من الابتعاد عن المنافسة، وأنفق عليه نحو 135 مليون دولار.
– في منافسات برشلونة هذا العام، لم يكن فريقا “ألينغي” و”إينيوس” هما الوحيدان المدعومان من مليارديرات، حيث قدم “باتريزيو بيرتيلي”، رئيس شركة “برادا”، و”دوج ديفوس” سليل مؤسسي شركة “أمواي- Amway”، الدعم لفرق أخرى.
الأثرياء يبحثون عن الأضواء
– يقول “بيرتاريلي”، وهو من عشاق الإبحار وأول أوروبي يفوز بالكأس في تاريخها الممتد 173 عامًا، إنه يأمل أن يشاهد الجميع يومًا ما عرض وثائقي عن الإبحار يشبه ذلك الذي أنتجته “نتفليكس” وجذب الجماهير الأمريكية إلى منافسات “فورمولا وان”، مضيفًا أنه لا أحد يعرف عن البطولة شيئًا.
– تبلغ سرعة قوارب “كأس أمريكا” ما يقرب من 50 عقدة، أو نحو 100 كيلومتر في الساعة، وتمثل الآن قمة تكنولوجيا الإبحار، ويشبه كثيرون البطولة بالفعل بأنها منافسة تشبه “فورمولا وان لكن على المياه”.
– شارك الملياردير “لاري إليسون” المؤسس المشارك لشركة “أوراكل” في خمس مسابقات للبطولة ويُقدر أنه أنفق حوالي 750 مليون دولار على فريقه، وفقًا لتقديرات وكالة “أسوشيتد برس”.
– على الرغم من موجة النمو السريع، لا تزال نسبة مشاهدة البطولة ضعيفة للغاية، حيث بلغ عدد المشاهدين على شاشات التلفزيون المجانية وعلى الإنترنت للبطولة الـ 36 في عام 2021 نحو 68 مليون، بزيادة ثلاثة أمثال عن النسخة السابقة.
– يقارن ذلك بسباقات “فورمولا وان”، التي سجلت عدد مشاهدين تراكمي يبلغ 1.46 مليار شخص في عام 2023، أي ما يعادل جمهورًا قدره 67 مليون شخص لكل سباق، وفقًا لتقديرات “نيلسن” و”فورمولا وان”.
– رغم “بيرتاريلي” امتلك في السابق شركة للأدوية، ويمتلك الآن حصة في “أستون مارتن”، وثروته عند مستوى غير مسبوق، فإنه يركز على الإبحار ويأمل أن تنافس “كأس أمريكا” الأحداث الرياضية الأكثر شهرة، وأن تحظى باهتمام مماثل لبطولة ويمبلدون للتنس والألعاب الأولمبية.. فهل تتحقق آماله؟
المصادر: أرقام- بي بي سي- بلومبرج- سبورتينج نيوز- موقع بطولة كأس أمريكا- الجارديان- توب إيند سبورتس