مقالات اقتصادية

قفزت تراخيصها 1700%.. نظرة على صناديق الاستثمار الوقفية السعودية

كتب أسامة صالح

تعرف الصناديق الوقفية بأنها صناديق تستثمر أصول الوقف، وهي الأصول التي يتم تخصيصها لتحقيق منفعة عامة أو خاصة، مع الحفاظ على الأصل والاستفادة من عوائده.

ويقوم مبدأ الوقف على الاستدامة، حيث يُشترط بقاء الأصل على حاله دون بيع أو تحويل، في حين يتم استثمار العوائد المحققة من الأصول لتمويل المشاريع المختلفة، سواء كانت تعليمية أو صحية أو اجتماعية.

الصناديق الاستثمارية

شهدت الصناديق الوقفية تطوراً ملحوظاً في السعودية، خلال السنوات الأخيرة، بفضل الاهتمام المتزايد من الجهات الحكومية والخاصة على حد سواء.

ويهدف هذا النوع من الصناديق إلى تعزيز دور الوقف في المجتمع واستثماره بما يحقق التنمية المستدامة، وذلك من خلال إنشاء كيانات استثمارية منظمة ومدروسة تسهم في تحقيق عوائد منتظمة تُستخدم لخدمة مختلف القطاعات الحيوية.

وبدأت الهيئة العامة للأوقاف السعودية بتنفيذ أولى مبادراتها التنموية من خلال مشروع الصناديق الاستثمارية الوقفية، وذلك في إطار سعيها لتنظيم وإدارة الأوقاف، وضمان تطويرها والحفاظ عليها.

كما تهدف الهيئة من خلال هذه الخطوة، إلى دعم الاستدامة المالية للجهات الوقفية والقطاعات غير الربحية، وزيادة مساهمة قطاع الأوقاف في تلبية الاحتياجات التنموية بشكل فعّال.

وتعد الصناديق الاستثمارية الوقفية وفق الشروط والضوابط التي تضعها الهيئة العامة للأوقاف:

  • صناديق غير محددة المدة.
  • جميع وحداتها موقوفة وغير متداولة.
  • المساهمة متاحة للجميع.
  • يصرف ريعها للجهات المستفيدة من الصندوق وفق شرط الواقف؛ لتستفيد منها الجهات غير الربحية المؤهلة.

بدايتها

وفي عام 2018 أطلقت الهيئة العامة للأوقاف أولى مبادراتها التنموية المتمثّلة في مشروع الصناديق الاستثمارية الوقفية، بهدف تنظيم الأوقاف والمحافظة عليها وتطويرها والإشراف عليها وتنميتها وصرف غلالها.

وحينها اعتبر وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي ورئيس مجلس إدارة الهيئة، أحمد الراجحي، أن هذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو تطوير وتحسين قطاع الأوقاف في المملكة، بناءً على الرؤى والأهداف المستقبلية للهيئة.

كما شدد أيضاً محافظ الهيئة عماد الخراشي، على أن “المشروع يسهم في تجديد الدور التنموي للأوقاف من خلال منتج وقفي استثماري مبتكر، يسهم في تحقيق الاستدامة المالية للجهات غير الربحية والكيانات الوقفية وفق إطار تنظيمي متكامل، ويمكّن القطاع غير الربحي ويعزز إسهاماته التنموية”.

كما أشار إلى أن هذه الصناديق “تخلق فرصاً للمشاركة المجتمعية والمساهمة في الأوقاف وإدارة مشروعاتها، وتلبية احتياجات المجتمع التنموية الاقتصادية والاجتماعية من خلال استثمار أموال الصندوق الوقفي والاستفادة من عوائدها”.

وتتعدد الصناديق الوقفية في المملكة بين صناديق عامة تخدم مجالات متعددة وصناديق متخصصة تركز على مجالات معينة، من بينها:

  • صندوق الوقف التعليمي: يهدف هذا الصندوق إلى دعم التعليم والبحث العلمي من خلال تمويل بناء المدارس والجامعات ودعم المنح الدراسية، ويتميز هذا الصندوق بتركيزه على تطوير التعليم العالي، وتحقيق التميز الأكاديمي عبر توفير مصادر تمويل مستدامة.
  • صندوق الوقف الصحي: يعنى هذا الصندوق بتمويل المشاريع الصحية وتطوير البنية التحتية للقطاع الصحي. من بين المبادرات التي يدعمها الصندوق: بناء المستشفيات، وتوفير المعدات الطبية، ودعم الأبحاث العلمية في المجال الطبي.
  • صندوق الوقف الخيري العام: يشمل هذا الصندوق مجموعة من المشاريع التي تستهدف دعم الفئات المحتاجة في المجتمع. يتم توجيه العوائد المحققة نحو توفير المساعدات الاجتماعية، وكذلك دعم المشاريع السكنية والصحية والتعليمية التي تخدم الطبقات الفقيرة.

إبداعات الاستثمارات الجديدة

وحتى نهاية العام 2023، شهد منح التراخيص للصناديق الاستثمارية الوقفية زيادة بنسبة 1700%، حيث بلغ عددها 18 ترخيصاً، في حين صدرت 4918 شهادة أوقاف، بزيادة بلغت 138%.

كما ارتفع عدد التراخيص لإنشاء الأوقاف من خلال جمع التبرعات إلى 15 ترخيصاً بزيادة 400%، وتم تلقي 664 استفساراً من إدارة الترخيص، بزيادة 273%، في حين بلغ عدد المساعدات الفنية والاستشارية المقدمة للأوقاف 697 بنسبة زيادة 43%.

ووفقاً لتقرير الهيئة العامة للأوقاف لعام 2023، فقد أشرفت الهيئة على 32 وقفاً بزيادة 52%، وتم إعداد 4 بحوث بزيادة 300%، كما وصل عدد الصناديق الاستثمارية الوقفية إلى 29 صندوقاً بزيادة 85%، مع قيمة أصول بلغت 691 مليون ريال بزيادة 40%.

وحقق متوسط أداء الصناديق الاستثمارية الوقفية نسبة 3.8%، في حين بلغ عدد المحافظ الوقفية للأفراد 4190 محفظة، بقيمة أصول بلغت 3 ملايين ريال لصغار الواقفين.

ووصل عدد الجهات المستفيدة من الصناديق الاستثمارية الوقفية إلى أكثر من 80 جهة، تغطي مجموعة متنوعة من الاحتياجات المجتمعية، من ضمنها خدمات ضيوف الرحمن، والعناية بالمساجد، ورعاية الأيتام، وتقديم الخدمات الصحية، وغيرها.

وبنهاية عام 2023، تجاوزت الأصول الوقفية لهذه الصناديق نحو 226.5 مليون دولار، محققةً متوسط عوائد سنوية يقدر بأكثر من 10.6 ملايين دولار.

ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن إنشاء الصناديق الاستثمارية للأموال والموجودات الوقفية يعد من إبداعات الاستثمارات الجديدة؛ لأنها تتعلق بالأموال والموجودات الوقفية، لإدارة استثمارها بشكل علمي وحرفي وعلى قواعد وصول استثمارية متقدمة ووفق متطلبات الهيئة العامة للأوقاف حتى تبقى متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مضيفاً لـ”الخليج أونلاين”:

  • المشرّع لهذه الصناديق الاستثمارية الوقفية حدد لها شروطاً ومتطلبات تستند إلى مجموعه من الاعتبارات المهمة، أبرزها توافقها مع الشريعة الاسلامية، ومع الجانب العلمي والحرفي في إدارة أصولها، وكذلك توافقها مع أنظمة السوق المالي ولوائحه.
  • من الشروط أيضاً، أن تكون تحت مراقبة ومحاسبة كل الجهات المنظمة لإنشائها وعملها من أيه شوائب، كما أن تحقق عائداً مناسباً حتى يمكن استثمار جزء من عوائدها في الإنفاق على أهداف الواقفين، والباقي لتعزيز وتعظيم رأس المال المستثمر.
  • إدارة هذه الأموال والممتلكات الوقفية تأتي بهدف المحافظة عليها من أجل استدامة عملها بشكل علمي وحرفي، وألا تبقى عرضة للخسائر وسوء الإدارة والتصرف بها.
  • الهدف من الوقف والصناديق الوقفية هو عمل إنساني وخيري يتوجب استمراره بالشكل الصحيح؛ لكي تبقى وتستمر في مساهمتها في عملها الخيري والإنساني والتنموي.
  • من أهم أهداف هذه الصناديق، تحقيق قدر من الربح الحلال، وكذلك العمل على زيادة أصول هذه الصناديق الوقفية لتظل تعمل وفق الأهداف التي أنشئت من أجلها، ولاستمرارها في مساهمتها الاقتصادية التنموية في مختلف الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وفي مقدمتها المنظمات غير الربحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى