اقتصاد دولي

النقد والبنك الدوليان يدعمان رفع الفائدة لحين كبح التضخم

ناقشت الندوة المشتركة التي افتتح بها اليوم الأول لاجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين الشكوك والمخاطر التي لا تزال تثقل كاهل الاقتصاد العالمي. كما استعرضت سبل تمويل المنافع العامة العالمية بشكل أفضل ومعالجة هذه التحديات معاً.
استضافت الندوة، التي تستمر لأسبوع في واشنطن تحت عنوان «الطريق إلى الأمام: بناء القدرة على الصمود وإعادة تشكيل التنمية»، المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، ورئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس، اللذين تناولا معضلة ارتفاع الديون ودورها في إعاقة البلدان النامية، إلى جانب التهديدات التي يشكلها التغير المناخي، والتضخم المستعصي، وأزمة تكلفة المعيشة، والنمو البطيء الذي يؤذي الفئات الأكثر فقراً في العالم، وتداعيات استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية.
التجارة مهمة للإنتاجية:- تحدث مالباس عن أهمية التجارة ووصفها بالحيوية لتعزيز الإنتاجية داخل العالم، حيث يقوم الناس بتبادل السلع في قراهم وبلدانهم وعبر الحدود. وعبر مالباس عن قلقه من نهج الحمائية التي تنتهجها بعض مناطق العالم التي قد تتسبب في الكثير من المشكلات للعالم على حد قوله، والتي قال أنها تهدد أيضاً بإنهاء العولمة والخطر من الهياكل غير المنتجة التي ستكون لها تدعيات على النمو العالمي.
خفض التضخم أولوية :- وتطرق رئيس البنك الدولي للحديث عن ارتفاع الفائدة وتداعياتها حيث قال، إن قرارات المستثمرين كانت قائمة على فائدة صفرية لفترة طويلة جداً مما تسبب في سوء تخصيص رأس المال. وأضاف إذا ما قيل إن الفائدة ستبقى مرتفعة على ما هي عليه اليوم فهذا يعني خسائر للبنوك وهو ما رأيناه في انهيار بنك «وادي السيليكون» الذي تضرر من الفائدة المرتفعة. وتابع، «علينا أن نأخذ في الاعتبار أنه في حال خفضت البنوك المركزية سعر الفائدة الآن فإن ذلك لن يحل المشكلة حيث سيعاني الناس التضخم وسيضعف الدولار الأميركي كما سيؤذي التضخم المرتفع الفقراء، بالتالي أرى أنه يجب أن يكون هناك هدف وهو إيجاد بيئة ذات فائدة منخفضة ودولار أميركي مستقر مستقبلاً.
تقييم مالباس اتفقت معه بالكامل قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وشددت غورييغا على أهمية خفض معدلات التضخم فمن دون هذا الخفض لن يكون هناك أساس قوي للاستثمار. واعترفت بأن عمل البنوك المركزية في العالم اليوم أصبح أكثر صعوبة بسبب الانكشاف على الضعف في القطاع المالي، وهذا يدفع، على حد قولها، إلى ضرورة تكثيف الانتباه والتركيز على الاستقرار المالي. وأوضحت، هناك العديد من الأدوات لتحقيق الاستقرار المالي عبر محاربة التضخم والإبقاء على معدل فائدة أعلى لفترة أطول وكذلك توفير السيولة المستهدفة إذا ما أرادت البنوك المركزية خفض المخاطر في الاستقرار المالي.
وأضافت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي «ما رأيناه هو تدخل سريع ورائع من قبل صناع السياسات والبنوك المركزية والسلطات المالية والمنظمين الماليين. فعندما تكشف أن هناك مشكلة كما رأينا في بعض البنوك الأميركية تحركوا بشكل سريع وهو مختلف عما رأيناه إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2008، بالتالي لدينا ما نحتفل به وهي الاستجابة السريعة في حل المشكلات.
تابعت بالنظر إلى المستقبل في ما يتعلق بتخصيص رؤوس الأموال فقد أدركنا أن الإنتاجية يجب أن ترتفع والسؤال هنا كيف سترتفع تلك الإنتاجية؟ والجواب هو وجود استثمارات نافذة في التعليم وتطوير المهارات والقدرة على التغيير في ما يتعلق بما تحتاجه السوق العالمية، كما سترتفع الإنتاجية أيضاً عندما تضخ الاستثمارات في البحث والتطوير.
تعزيز الاستقرار المالي والعودة للتمويل
وأعربت غورغييفا عن أملها في أن تسهم اجتماعات واشنطن التي تناقش تعزيز الاستقرار المالي في تعزيز الانتباه في كيفية سير العالم في طريق مزيد من النمو.
وعلق مالباس على حديث غورغييف بالقول، «تعزيز النمو يتطلب خلق وظائف جديدة وأيضاً تيسير الهجرة عبر الحدود بين الدول لتيسير حركة رؤوس الأموال والتي وصفها بأنها تشكل تحدياً. وأضاف، أن هناك الكثير من دول العالم تواجه ديوناً متعاظمة وتعاني تداعيات التغير المناخي. وكلها مشكلات تواجه العديد من الدول مما يتطلب تغييراً في السياسات.
واضاف مالباس، «عندما ترفع البنوك المركزية سعر الفائدة فهي ترفعه بداعي أنه مطلب اقتصادي، وباعتقادي أنه يجب أن تكون هناك دراية أكبر بأن الحل على المدى البعيد هو تمويل الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وأرى أننا سقطنا خلال السنوات العشر الماضية في دائرة شراء البنوك المركزية الأصول طويلة الاستحقاق وهذا غير اتجاه العالم بشكل جذري، حيث يمكن للحكومات شراء السندات ذات الاستحقاق خلال 10 سنوات ولكن الأعمال لا تستطيع ذلك، بالتالي أحد الاشياء التي أتمنى أن نقوم بها هي أن يكون لدينا رؤية واضحة في كيفية جعل العالم يعود إلى التمويل قصير الأجل للقيام بالأعمال. وعلقت غورغييفا على حديث مالباس بالقول، «أتفق معك تماماً في هذه الرؤية» وتابعت، «أن الإقراض قصير الأجل مهم للجميع خصوصاً للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية». وتحدثت مديرة الصندوق عن اختناق الأعمال الصغيرة في الأسواق الناشئة، قائلة إنه أصبح من الصعب جداً خلق وظائف في الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة، بالتالي السؤال الأبرز هو كيف يتم تأمين التمويل لهذا النوع من الأعمال؟ .
وانتقدت غورغييفا تجاهل حكومات في العالم لهذا النوع من القضايا من على أجندات أولوياتها بسبب الصدمات المتتالية التي يشهدها العالم اليوم، ومن أبرز تلك الصدمات الحرب الروسية – الأوكرانية التي يمكن أن تنتهي على حد قولها ببساطه عندما تنسحب الدولة التي هاجمت الدولة الأخرى (تجنبت ذكر روسيا)، وقالت إن أهمية ذلك تكمن في أن هذه الحرب غيبت انتباه العالم عن مشكلات أخرى كبيرة.
وأضافت أن الحرب الروسية – الأوكرانية لم تخلف قتلى فحسب ولكنها تسببت في رفع أسعار الغذاء في العالم إضافة إلى أنها خلقت المزيد من التوترات الجيوسياسيه، كما أنها قللت من قدرة العالم للعمل في مجسد واحد، مشددة على أن انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية من شأنها تخفيف الضغوط التي يعيشها العالم اليوم. جهود الصندوق والبنك الدوليين:- تطرق مالباس إلى حديث عن جهود البنك الدولي خلال السنوات الأربع الماضية من رئاسته، قائلاً، هناك دول مثل إثيوبيا وتركيا ومصر وغيرها من الدول التي ننظر في كيفية العمل معها لإيجاد طريقة للعودة باقتصاداتها للنمو، ولكنه أشار إلى أن معضلة تراكم الديون لبعض الدول وارتفاع الأسعار والتغير المناخي وهي مشكلات تحد من عودة هذا النمو على حد قوله. من جانبها، قالت غورغييفا مخاطبة ديفيد مالباس ما أنجزناه خلال السنوات الثلاث الماضية كثير، وأتذكر تحركنا السريع خلال الجائحة، وتوفير التمويل للدول التي عجزت عن ذلك، لقد مولنا 96 دولة وهذا لم يحصل في تاريخ المؤسستين. وتابعت موجهة كلامها إلى مالباس، «أريد أن أعطيك الفضل في هذا الجانب، وأنا سعيدة بإخبار الحضور هنا أننا لم نخذل خالقنا، وبأننا نجمع اليوم هنا في واشنطن للمرة الأولى المقرضين من القطاعين العام والخاص ونجلس معاً لإيجاد حلول لما يمكن أن يكون مدمراً لبعض الدول.

وقال مالباس، «الأربع سنوات التي عملت فيها رئيساً للبنك الدولي، كان لمساعدة الدول على حل العديد من الأزمات بما فيها جائحة كوفيد وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وارتفاع الفائدة وبالتالي كانت أربع سنوات مزدحمة بالنسبة لي وعملنا عن قرب مع الخزانة الأميركية ومع الصندوق. ولم يخف مالباس، الذي قدم استقالته في فبراير( شباط) الماضي، حيث سيغادر منصبه بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل أي قبل عام من انتهاء ولايته، قلقه الشديد على الدول النامية، قائلاً، «هناك رؤوس أموال كبيرة في العالم قادرة على حل مشكلات العالم».

وعلقت غوراغييفا على قول مالباس بالسؤال: هل لنا أن نتخيل عالماً فيه رؤوس أموال كبيرة يتم وضعها لمصلحة العالم فنحن نواجه تحدياً كبيراً في التغيير المناخي وتحديات جساماً أخرى. وتابعت، أود أن أقول جملة كان يرددها الراحل نيلسون مانديلا، «دائما ما يبدو الشيء مستحيلاً حتى يتم فعله».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى