أخبار عاجلةشات جي بي تيمنوعات اقتصادية

عن السوق السعودي وأشياء أخرى .. تسأل و ChatGPT يجيب

«لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي كان مسؤولا وحده، ولا أجد سببا للربط بينه وبين العطل الذي حدث في ذلك اليوم»، كانت تلك الكلمات الافتتاحية لآلة الذكاء الاصطناعية ChatGPT ردا على سؤال لـ»أرقام» حول مسؤولية الذكاء الاصطناعي عن محو ما قيمته نحو تريليون دولار من الأسهم الأمريكية في أحد أيام شهر مايو من عام 2010 ولمدة 39 دقيقة قبل أن تعود الأمور لطبيعتها.
كانت الأمور تسير على نحو هادئ في ذلك اليوم حتى تمام الساعة الثانية والنصف ظهرا بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، قبل أن تبدأ الأسهم على مؤشر داوجونز في الهبوط بنحو حاد غير مبرر لتفقد نحو 9% من قيمتها السوقية في 10 دقائق في ثاني أكبر هبوط افتتاحي لها بتاريخ «وول ستريت» فيما اصطلح على تسميته بـ»Flash Crash» أو «الانهيار اللحظي».
وعلى مدار أسابيع بعد الانهيار، أجرت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تحقيقات مستقلة لم تخلص إلى وقوف سبب بعينه وراء ما حدث ولكنه نسب إجمالا إلى خوارزميات وعمليات تداول كمبيوترية سريعة ربما يقف وراءها عنصر بشري.
ولا ينفي ChatGPT التهم الملقاة على عاتق الذكاء الاصطناعي ولكنه يقول إن خوارزميات عالية التردد تداخلت مع بعضها وتسببت في عمليات بيع تلقائية بالإضافة إلى ما يعتقد أنه عوامل أخرى تسببت في اندلاع شرارة بيع بالسوق محت نحو تريليون دولار.
وينفي ChatGPT عن نفسه الدفاع عن الذكاء الاصطناعي كونه الحلقة الأحدث والمنتج الجديد بالقطاع والذي قال عنه قطب الأعمال الأمريكي إيلون ماسك إنه «جيد بشكل مخيف».
وقبل الخوض في تفاصيل أكثر حول دور الروبوت الجديد في عالم المال والأعمال .. سألته «أرقام» عن تاريخ نشأته.
ما هو ChatGPT؟:- طرحت شركة أمريكية في ولاية فرانسيسكو في أواخر نوفمبر الماضي روبوتاً جديداً للدردشة أطلقت عليه اسم ChatGPT، وبلغ عدد مستخدميه أكثر من مليوني مستخدم منذ ذلك الحين وصنف بأنه أفضل ما طرح من نوعه على الإطلاق.
والشركة المطورة للروبوت هي OpenAI ومن بين داعميها شركة مايكروسوفت وإيلون ماسك وهو عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب على ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين. كما يسمح للمستخدم بتصحيحه إذا ما أخطأ، ويعتذر عن تلك الأخطاء. ويستخدم البرنامج كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر العامة، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، بحيث يستطيع أن ينتج نصوصا أشبه بالنصوص البشرية من خلال تعلم خوارزميات تقوم بتحليل عدد هائل من البيانات، ويعمل بصورة تشبه الدماغ البشري.
ويعرف «ChatGPT» نفسه على أنه آلة للتعلم جرى برمجتها بحيث تحلل البيانات استنادا على مصادر متعددة من بينها الكتب والمراجع العلمية ومواقع الإنترنت، مع توضيح أنه «كائن إلكتروني» لا يوجد لديه مشاعر مثل البشر أو يتمتع بتجارب إنسانية.
لاعب قديم. ومنذ عشر سنوات، تسيطر برمجيات تزداد تعقيدا على قاعات التداول مع آلاف الحواسيب التي تشتري وتبيع أوتوماتيكيا، أسهماً إذا تجاوزت أو نزلت تحت سعر معين أو بحسب بعض القرارات والأحداث المتوقعة.
وتتم تلك العمليات باستخدام آلية تداول إلكترونية يصطلح على تسميتها بالإنجليزية «التداولات عالية السرعة أو فائقة التردد The high-frequency trading (HFT) والتي تتم عن طريق حواسيب تجري آلاف الصفقات في الثانية للاستفادة من تقلبات طفيفة في الأسعار.
ويتحدث «ChatGPT» لـ»أرقام» عن الحضور القوي للذكاء الاصطناعي في عالم المال والأعمال، موضحا أن زيادة الاعتماد عليه يعود إلى الرغبة في الأساس لمنع عمليات الاحتيال وتقليل معدل المخاطرة داخل أروقة الصناعة.
ويضيف أن قاعدة البيانات التي تتمتع بها أجهزة الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تساعد في التنبؤ بحركات السوق المستقبلية، ولكنه لم يعفها أيضا من إمكانية الخطأ مع حقيقة مفادها أنه آلة للتعلم تعمل وفق ما يتاح لها من معلومات.
«بلاك روك» نموذجا:- وانتقلت «أرقام» في حديثها مع «ChatGPT» عن بعض النماذج لآلات الذكاء الاصطناعي في عالم الصناعة المالية. ويقول روبوت الذكاء الاصطناعي إن بلاك روك أحد النماذج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد المخاطر وبناء المحافظ المالية بآلية تسمح باستغلال الفرص السانحة لتحقيق الأرباح. ولدى بلاك روك تكنولوجيا «علاء الدين» وهي تكنولوجيا تعمل على تطويرها الشركة منذ تسعينيات القرن الماضي وتدير حاليا أصولا تقدر بنحو 18 تريليون دولار. ويتحدث عنها «ChatGPT» قائلا إنها تعتمد على خوارزميات أثبتت قدرتها على الاستثمار بشكل ناجع وتجنب عديد من المخاطر التي كانت تحدق بأموال المستثمرين. وفي 1994، عندما بدأ الفيدرالي الأمريكي، برفع أسعار الفائدة أكثر مما توقعته الأسواق، كشفت تحليلات المخاطر عن فقاعة محتملة في السوق؛ فصمدت أموال مستثمري «بلاك روك» بشكل جيد أمام العاصفة المالية، مع أدنى قدر من الخسائر مقارنة بالسوق كله.
وتكنولوجيا علاء الدين (Aladdin) وهو اختصار لحزمة مصطلحات اقتصادية بالإنجليزية للأصول والمطلوبات والدين والمشتقات الاستثمارية (Asset, Liability, Debt, and Derivative Investment Network).
انهيار FTX- الجانب المظلم:- ولكن آلة الذكاء الاصطناعي «علاء الدين» لم تتمكن من الكشف عن الأخطاء الجسيمة التي تضمنتها القوائم المالية لشركة «إف.تي.إكس» الحلقة الأحدث في عمليات الانهيار المروعة بالقطاع المالي للعملات المشفرة بعد الكشف عن اختفاء مليارات الدولارات من أموال العملاء، فيما يعتقد أنها أحد أكبر عمليات الاحتيال في تاريخ «وول ستريت». وعند سؤال «ChatGPT» عن السبب قال إنه «كآلة ذكاء اصطناعي لا يمكنه الولوج إلى أخبار متعلقة بعدم قدرة تكنولوجيا «علاء الدين» على الكشف عن عمليات الاحتيال التي تضمنتها القوائم المالية لشركة «إف.تي.إكس» المملوكة للشاب «سام بانكمان فرايد». وأسهب في شرح صعوبة الكشف عن بعض المخاطر المتعلقة بعملية الاحتيال فيما بدا أنه محاولة حثيثة لدرء الاتهامات التي طالت تكنولوجيا «علاء الدين» بسبب عدم قدرتها على كشف التلاعب في القوائم المالية للشركة.
«ChatGPT» والسعودية:- وتطرقت «أرقام» في حوارها مع «ChatGPT»، الذي استمر على مدار أكثر من 3 ساعات، للحديث حول سوق المال السعودي وكيف شهد السوق فورة بالطروحات الأولية العام الماضي، رغم الاضطرابات الجمة التي شهدتها الأسواق العالمية. وقال «ربما هناك سبب واضح لهذا الأمر هو الأداء القوي للسوق السعودي على مدار السنوات الماضية وهو الأمر الذي نجح في جذب فئات جديدة من المستثمرين، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية لتعزيز بيئة الاستثمار ومن بينها تطبيق قانون الاستثمار الجديد وإصلاح التشريعات المنظمة لعمليات الطروحات الأولية، ما عزز من جاذبية السوق للشركات».

 

ولم يقدم ChatGPT نصيحة المشورة والشراء لأي من أسهم الشركات المدرجة بالسوق، مطالبا بتوخي الحذر قبل اتخاذ أي قرار استثماري مع الاعتماد على تلقي النصيحة من الجهات المخول لها تقديم الاستشارات المالية.

 

وانتقالا إلى الاقتصاد الكلي، لم يستطع ChatGPT التنبؤ بأرقام النمو للإنتاج المحلي الإجمالي السعودي في 2023، ولكنه أشار إلى الدور الذي تلعبه رؤية 2030 نحو خلق اقتصاد سعودي متنوع وتقليل الاعتماد على القطاع الهيدروكربوني.

 

 

 

على المحك

 

إلى هنا وانتهت تجربة الحوار مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الجديدة والتي لم يستطع فيها القيام ببعض المهام البشرية القليلة ليبقى تساؤلا هاما، وهو إلى مدى قد تشكل تلك التكنولوجيا خطرا على مستقبل وظائف البشر بالقطاع المالي العالمي؟

 

فبالنسبة إلى «مونيكا كومار» والتي تعمل كمديرة لصندوق استثماري لدى «لازارد» لإدارة الأصول، فإن وجود العنصر البشري بالصناعة سيظل عامل أمان إضافياً مع حقيقة مفادها أن الذكاء الاصطناعي لديه قدرة أكبر على تحديد عمليات الاحتيال والمخاطر المحتملة.

 

وتضيف كومار «أنهم أكثر أمانا مع الوضع في الاعتبار أهمية التجرد من العاطفة عند اتخاذ القرارات الاستثمارية فأي من العمليات التي يجريها الإنسان قد تتأثر بالشعور بالذعر وبتصرفات الآخرين، ما يجعل القرار ليس هو الأمثل على وجه الدقة».

 

لكنها شددت أيضا على أن نظام الذكاء الاصطناعي يتطلب تدخلا بشريا لإزالة بعض الانحرافات والأخطاء التي تسببت عبر التاريخ في خسائر فادحة.

 

وتعتقد ورقة بحثية صادرة عن «بوسطن للأبحاث» أن نحو 23٪ من وظائف القطاع المالي في الصين على وجه التحديد ستتأثر سلبا بسبب موجة الأتمتة التي يشهدها القطاع مع استمرار ظهور خوارزميات وتكنولوجيا جديدة تُصعّب من مهمة البشر في الحفاظ على وظائفهم؟ فهل يحصل ChatGPT على وظيفة مستقبلا بالقطاع المالي ليقلل من تواجد البشر داخل القطاع؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى