اقتصاد دولي

«اليورو» يقفز لأعلى مستوياته في أكثر من عام.. هذه هي الأسباب؟

في منتصف أبريل، وصل اليورو إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام عند أكثر من 1.10 دولار، وفقا للعديد من الاقتصاديين، فإن هذه القوة مستدامة، بل إنهم يعتقدون أن العملة الأوروبية الموحدة يمكن أن ترتفع بثبات إلى 1.20 دولار أو حتى 1.30 دولار، كانت آخر مرة كان فيها اليورو يساوي هذا القدر في صيف عام 2014 أي منذ ما يقرب من عقد من الزمان، السبب الأكثر ترجيحا لهذه الارتفاعات القياسية هو توقع ارتفاع أسعار الفائدة في أوروبا، حيث من المتوقع أن تظل مرتفعة لفترة أطول مما هي عليه في الولايات المتحدة.
ما أسباب ارتفاع اليورو مقابل الدولار؟
يتم تحديد سعر العملة حسب العرض والطلب، يتم شراء العملات لدفع ثمن السلع والخدمات أو للحصول على الأصول بما في ذلك الاستثمارات، على المدى الطويل يتم تحديد قيمة العملة بشكل أساسي من خلال قوة منطقة العملة وآفاقها، على المدى القصير يكون للاختلافات في أسعار الفائدة والتطور المتوقع لأسعار الفائدة تأثير قوي بشكل خاص على أسعار الصرف، وكلا العاملين حاليا لصالح اليورو.
لفترة طويلة، كان الدولار الأميركي قد استفاد من حقيقة أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر وبشكل أكثر حدة من البنك المركزي الأوروبي (ECB)، كما أثار هجوم روسيا على أوكرانيا وعواقبه أيضا مخاوف بشأن اقتصاد منطقة اليورو، حينها كان يعمل الدولار أيضا كعملة ملاذ آمن، بالإضافة إلى ذلك، زاد الطلب على الدولار مع ارتفاع أسعار الطاقة، حيث تتم تسوية النفط والغاز والفحم بشكل أساسي بالعملة الأميركية.
نتيجة لهذا التطور، تعرض اليورو لضغوط كبيرة في سوق تداول الفوركس في عام 2022، ففي صيف العام الماضي انخفضت العملة الموحدة إلى ما دون مستوى الدولار لأول مرة منذ سنوات، حينها كان اليورو يساوي أقل من دولار واحد، انخفض إلى 96 سنتا ثم بدأ في التعافي المحدود.
ومع ذلك، تعاملت دول منطقة اليورو مثل ألمانيا وهي أكبر اقتصاد في المنطقة مع عواقب حرب أوكرانيا بشكل أفضل مما كان يخشى، حيث تم تجنب حدوث أزمة طاقة ما أدى إلى تجنيب المنطقة في الدخول في مرحلة الركود. في المقابل، فإن الاقتصاد الأميركي بدأ يضعف وانخفضت أسعار الطاقة في الأسواق العالمية.
من بين أهم الأسباب التي عززت من العملة الموحدة الفرق في سعر الفائدة بين الولايات المتحدة واليورو الآخذ في الانكماش، في الولايات المتحدة انخفض معدل التضخم أكثر من المتوقع من 6.0% إلى 5.0% في مارس، وهذا يغذي التوقعات بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد ينهي قريبا رفع أسعار الفائدة والبدء في خفض أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام.
أما في منطقة اليورو فانخفض معدل التضخم أيضا من 8.6% إلى 6.9% في مارس، ومع ذلك، فهو لا يزال أعلى بكثير مما هو عليه في الولايات المتحدة، وبالتالي تتوقع الأسواق المالية أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أو مرتين أكثر هذا العام ثم يتركها عند مستوى مرتفع لفترة طويلة، وتتوقع المعاهد الاقتصادية الألمانية الرائدة أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرتين أخريين بما مجموعه 0.5 نقطة مئوية.
يتراوح سعر الفائدة الرئيسي في الولايات المتحدة حاليا بين 4.75% و5.0%، في منطقة اليورو يبلغ معدل إعادة التمويل المقابل للبنك المركزي الأوروبي 3.5%، يمكن أن ينخفض الفارق البالغ 1.5 نقطة مئوية إلى نصف نقطة مئوية خلال فترة اثني عشر شهرا، ويفترض بنك DZ توقعا لمجريات الأحداث أن أسعار الفائدة الرئيسية في الولايات المتحدة ستنخفض إلى 4.5% إلى 4.75% خلال هذا العام بينما ستظل منطقة اليورو بين 4.0% و4.25%.
ما يأتي في صالح اليورو من النقاط الإيجابية يقوي من دعمه ومن ميول المستثمرين إليه، وبالتالي يزيد الطلب على العملة الموحدة ويتبع ذلك ارتفاع سعره أيضا.
اليورو القوي يسهم في مواجهة التضخم
يساعد اليورو القوى البنك المركزي الأوروبي في مواجهة التضخم، حيث يجعل الواردات من منطقة الدولار أرخص، هذا ذو أهمية خاصة بالنسبة لألمانيا التي تعد أكبر اقتصادات المنطقة لأن الطاقة في الأسواق العالمية يتم دفعها بالدولار الأميركي في الغالب، في المقابل، يجعل اليورو القوي الصادرات من ألمانيا إلى منطقة الدولار أكثر تكلفة، وتعتبر الولايات المتحدة أهم شريك تجاري لألمانيا خارج أوروبا متقدمة على الصين.
كان قد ارتفع اليورو بالفعل بنسبة 15% مقابل الدولار منذ انخفاضه في عام 2022، وهذا ملحوظ بالفعل في أسعار الواردات لألمانيا، ومع ذلك، فإن اليورو إذا ارتفع مرة أخرى بنسبة 10% إلى 15% مرة أخرى، فمن المفترض أن يشعر المصدرون الألمان بالتأثيرات التابعة لهذا الارتفاع.
قرارات سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي:- رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة تسع مرات على التوالي ولكن بوتيرة أبطأ مؤخرا، في الارتفاع الأخير في مارس رفع البنك الاحتياطي أسعار الفائدة بنسبة 0.25% لتصل إلى نطاق من 4.75% إلى 5.0%، بينما رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ست مرات متتالية كان آخرها 0.50 نقطة مئوية في منتصف مارس، معدل الفائدة الذي يمكن للبنوك أن تستثمر به أمواله مع البنك المركزي الأوروبي هو الآن 3.0%، معدل الفائدة الذي يمكن للبنوك من خلاله اقتراض الأموال من البنك المركزي الأوروبي هو الآن 3.5%.
في المقابل، يساعد اليورو الأقوى البنك المركزي الأوروبي في حربه ضد التضخم، يجعل الواردات من منطقة الدولار أرخص، هذا مهم بشكل خاص لألمانيا لأنه على سبيل المثال يتم دفع فاتورة الطاقة في الأسواق العالمية بالدولار الأميركي في الغالب.
كما أن قوة اليورو تجعل السفر إلى دول خارج منطقة اليورو أرخص، ويعتبر الفارق البالغ نسبته ما يقارب 15% منذ صيف 2022 بمنزلة توازن مع الارتفاع الحاد في الأسعار بشكل عام. يستفيد اليورو أيضا من حقيقة أن الاقتصاد في أوروبا يعتبر حاليا أكثر استقرارا مما هو عليه في الولايات المتحدة الأميركية، ويرى الاقتصاديون احتمال حدوث ركود طفيف هذا العام، وبالتالي، فإن التطور الإضافي لليورو سيكون مدفوعا بقوة في الأسابيع القادمة بأرقام النمو الاقتصادي والتضخم في الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك من خلال تصريحات البنوك المركزية.
هذا ما يتوقعه الاقتصاديون لسعر صرف اليورو مقابل الدولار:- يتوقع أغلب الاقتصاديين أن يرتفع سعر صرف اليورو إلى 1.15 دولار بحلول نهاية العام، وفي نهاية عام 2024 يتوقع أن يواصل الارتفاع ليصل إلى معدل 1.20 دولار لكل يورو، وقال أحد الخبراء إنه يرى القيمة العادلة طويلة الأجل لليورو والتي تعكس القوة الاقتصادية للولايات المتحدة ومنطقة اليورو عند 1.30 دولار.
وأيضا يتوقع الخبراء في دويتشه بنك ريسيرش أن يرتفع سعر اليورو إلى 1.20 دولار مع تضييق فرق سعر الفائدة، لهذا العام يرون أن نطاق اليورو مقابل الدولار من 1.15 إلى 1.20 وهو السيناريو الأكثر ترجيحا.
يتوقع بنك DZ أيضا أن يرتفع اليورو بشكل مطرد وإن كان ذلك ببطء إلى حد ما، يبني البنك استراتيجيته الاستثمارية على زيادة اليورو إلى 1.15 دولار خلال الاثني عشر شهرا المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى