مختارات اقتصادية

مراجعة كتاب: صعود الصين في عصر العولمة خرافة أم حقيقة؟

في كتابه «صعود الصين في عصر العولمة، خرافة أم حقيقة؟»، يتحدى جيانيونغ يوي الروايات التقليدية عن صعود الصين، ويقدم نظرة فاحصة ودراسة وافية لعملية الإصلاح والانفتاح منذ أواخر السبعينيات وما بعدها.
منذ عام 1978 صعد الاقتصاد الصيني فيما يمثل «معجزة اقتصادية» من مجرد دولة فقيرة ومعزولة في عالم تهيمن عليه الدول المتقدمة الأخرى إلى واحدة من أعظم القوى الاقتصادية في العالم.
والصين هي واحدة من الدول الاشتراكية القليلة في العالم وهي كبيرة المساحة وعدد السكان. من المحتمل أن يشكل صعودها تحديًا للنظام العالمي، ولكن لا يمكن إغفال حقيقة أن الصين تتأثر أيضًا بدول أخرى.
– يروي المؤلف كيف أن احتمالية أن تكون الصين ذاتية الاكتفاء تلاشى لأول مرة في عام 1840 عندما غزاها الغرب.
– ثم تأسس الحزب الشيوعي الصيني (CCP)، في وقت لاحق تحت القيادة الشيوعية التي تسيطر عليها روسيا السوفيتية (الكومنترن) في عشرينيات القرن الماضي، مما كان له تأثيرًا كبيرًا على مسار التنمية في البلاد.
– في الفترة ما بين عامي 1949 و1978، ركزت جمهورية الصين الشعبية إستراتيجيتها التنموية على الاستثمار في الصناعات الثقيلة.
– تم إنشاء 156 مشروعًا صناعيًا ثقيلًا أرست دعائم التصنيع الاشتراكي الصيني بنجاح تحت رعاية سوفيتية ضخمة.
– ولكن شهدت الصين في خمسينيات القرن الماضي واحدة من أكبر الكوارث التي شهدتها البشرية في القرن العشرين؛ والتي تجسدت في «القفزة الكبرى إلى الأمام»، والتي كانت محاولة من جانب الزعيم ماو تسي دونغ لتصنيع الاقتصاد الصيني الذي كان يعتمد على الزراعة.
– رغم ذلك فشل المشروع وأدى إلى موت من 10 إلى 40 مليون في الفترة بين عامي 1959 و1961، فيما تعتبر واحدة من أسوأ المجاعات في التاريخ الإنساني.
– ولكن، وبعد وفاة ماو في عام 1976، بدأت الإصلاحات التي قادها الزعيم دنغ شياوبينغ في تغيير وجه الاقتصاد الصيني. فقد فتح الأبواب للاستثمارات الأجنبية بعد أن أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في عام 1979. وتدفقت الأموال على الصين من قبل المستثمرين الذين كانوا يتوقون للاستفادة من العمالة الرخيصة والإيجارات المنخفضة في الصين. – صاحب إصلاح الشركات المملوكة للدولة عملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية (WTO). تم تسريح عدد هائل من العمال من الشركات المملوكة للدولة أثناء حملة الإصلاحات التي بدأت في عام 1995. وللمرة الأولى، تعرضت الشركات المملوكة للدولة في جميع الصناعات لخسائر صافية.
– بعد ذلك، منذ عام 1998، بدأت الشركات متعددة الجنسيات (MNCs) في التحول لإنتاج متزايد للأسواق العالمية وتم دمجها بشكل أكبر في سلسلة التوريد العالمية. ولكن اكتسبت الشركات متعددة الجنسيات سيطرة فعلية على 21 من أصل 28 قطاعًا صناعيًا رئيسيًا في الصين.
– على الرغم من أن إجمالي إنتاج الشركات المملوكة للدولة نما بسرعة، إلا أن النسبة المئوية للقيمة الصناعية المضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي من قبل الشركات المملوكة للدولة استمرت في الانخفاض.
– والأسوأ من ذلك، تراكم المنتجات غير المرغوب فيها للشركات المملوكة للدولة. بسبب هذا الوضع المقلق، بدأ القادة الصينيون في تقديم مجموعة من السياسات الصناعية لتعزيز الابتكار المحلي من عام 2006 فصاعدًا.
– يجادل يوي بأنه لا يزال أمام الصين طريق طويل لتقطعه من الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة إلى الابتكار الأصلي.
– على سبيل المثال، مقارنةً باليابان وكوريا الجنوبية، استثمرت الشركات الصينية المملوكة للدولة عبر القطاعات الصناعية في البلاد أقل بكثير في استيعاب التكنولوجيا وأكثر بكثير في الواردات. – يمكن للمرء أن يتخيل عدد الأشخاص الذين تأثروا في عملية التنمية والصعوبات التي واجهها الإصلاحيون الصينيون.
– وكان من المتوقع أن يؤدي الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية إلى تمكين الصين من المضي قدمًا في الإصلاحات المحلية التي واجهت صعوبات كبيرة وإعادة تشغيل النمو الاقتصادي المحلي. – يجادل يوي بأن التزامات الصين الواسعة للوصول إلى الأسواق، بالإضافة إلى آليات المراقبة الروتينية لامتثال الصين التي تم إنشاؤها خصيصًا داخل الولايات المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، قد أضفت الطابع المؤسسي على التكامل العميق للصين.
– ومع ذلك، في مواجهة حالة عدم المساواة المتزايدة بين الطبقات الاجتماعية، تحتاج الصين إلى بناء أنواع جديدة من أنظمة الرعاية الاجتماعية واستيعاب المساعي السياسية لمجموعات المصالح المختلفة.
– تطرح الحالة التي أثارها يوي تحديات أمام الحوكمة: إذا كان الاعتماد المتبادل بين البلدان هو الاعتماد المتبادل بين الأثرياء. – وتكمن قيمة الفقراء فقط في انخفاض تكلفة العمالة وأعدادهم الكبيرة، يمكن أن تسهم الأرقام كميزة لإمكانات السوق في عدم الاستقرار.
– إذا فشلت النخب الحاكمة في الدول في الإصلاح واعتبار معايير العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة للجميع أولوية لها، فيمكن توقع حدوث ثورة في أماكن متفرقة، يتبعها تعاون البروليتاريا في جميع أنحاء العالم، متشابكًا مع الصراعات بين الدول. – يساهم صعود الصين في عصر العولمة في البحث حول التاريخ الاقتصادي للصين بعد اعتمادها لسياسة الإصلاح والانفتاح في عام 1978 من خلال دراستها بشكل نقدي من منظور العلاقة التفاعلية بين النمو الاقتصادي المحلي للصين والسياسة الداخلية وديناميكيات العلاقات الدولية في عصر العولمة.
– لذا سيكون هذا الكتاب موضع اهتمام القراء في التاريخ الاقتصادي ودراسات التنمية والعلاقات الدولية والاقتصاد السياسي بالإضافة إلى أولئك الذين يدرسون المنظمات الدولية والحوكمة العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى