أخبار عاجلةاقتصاد دولي

من أين تستورد أوروبا نفطها بعد حظر الواردات الروسية؟

زادت الدول الأوروبية وارداتها من النفط الخام المشحون بحراً بواسطة الناقلات لتعويض واردات الخام الروسي التي دخل قرار حظرها أوروبياً حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتزامن ذلك أيضاً مع بدء تنفيذ قرار مجموعة الدول السبع فرض سقف لسعر النفط الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.
وكانت الدول الأوروبية بدأت بخفض وارداتها من النفط الروسي منذ بداية الحرب في أوكرانيا نهاية فبراير (شباط) الماضي، بينما يُعرف أن أغلب مصافي التكرير الأوروبية صممت للعمل على خام الأورال بشكل أساسي وبعض أنواع الخام الروسي الأخرى وما يماثلها من حيث مدى كثافة الخام ونسبة الكبريت فيه.
لذا، كان على الدول الأوروبية حتى من قبل فرض الحظر الأخير أن تسعى لاستيراد أنواع الخام القريبة من مواصفات الخام الروسي. وتشير أرقام شركات مراقبة ناقلات النفط، وبيانات شركة «غلوبال كوموديتيز آت سي» التابعة لمؤسسة «ستاندرد أند بورز» عن الأسابيع الأخيرة، إلى أن دول أوروبا زادت وارداتها النفطية من النرويج والولايات المتحدة والسعودية وغويانا وأذربيجان لسد احتياجاتها. الزيادة الأكبر للشهر الماضي كانت من النرويج، حيث وفر حقل «يوهان سفيردروب» النرويجي العملاق الزيادة الأعلى في التصدير إلى الدول الأوروبية. وزادت الواردات الأوروبية من الحقل النرويجي بمعدل 340 ألف برميل يومياً عن مستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا. الخام المماثل:- وينتج الحقل النرويجي خام نفط متوسط الحموضة، وهو أثقل وأعلى محتوى من الكبريت عن بقية خامات بحر الشمال، وبالتالي فهو مماثل في مواصفاته لخام الأورال الروسي تقريباً. ويرقد الحقل العملاق على احتياطي مثبت قابل للاستخراج يقدَر بنحو 2.7 مليار برميل، وينتج بحد أقصى بمعدل 720 ألف برميل يومياً، من المستهدف زيادتها إلى 755 ألف برميل يومياً. ويأتي في المرتبة الثانية لتعويض النفط الخام الروسي إلى أوروبا، الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس). وتظهر بيانات الشركات أن الصادرات الأميركية منه إلى أوروبا زادت بمعدل 200 ألف برميل يومياً. أما الزيادة في الصادرات إلى أوروبا من خامات «يونيتي غولد» من غويانا، والخام العربي الخفيف من السعودية والخام الأذري الخفيف من أذربيجان فزادت بمعدل 393 ألف برميل يومياً مجتمعة. ويتم تداول العقود الآجلة لخام الأورال الروسي عند سعر أقل بكثير من سقف السعر المفروض من قبل مجموعة السبع عند 60 دولاراً للبرميل. وقدرت شركة تحليل معلومات الطاقة «بلاتس» سعر خام الأورال منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بنحو نصف سعر خام برنت القياسي، وفي الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، كان سعره عند 37.63 دولار للبرميل. وانخفضت واردات الخام الأوروبية المشحونة بحراً بالناقلات من روسيا بنحو 1.36 مليون برميل يومياً خلال الشهرين الماضيين. أي بنسبة 80 في المئة تقريباً عما قبل الحرب في أوكرانيا حين كانت في المتوسط عند 1.71 مليون برميل يومياً. وما زالت بعض المصافي في أوروبا تستورد الخامات الروسية، حيث إن العقوبات الأوروبية تستثني واردات النفط الروسي عبر خط أنابيب «دروجبا» الذي ينقل النفط إلى أوروبا الوسطى. أما ما تبقى من الواردات بالشحن البحري من روسيا فتصل إلى بلغاريا، التي حصلت على إعفاء من الحظر الأوروبي على استيراد النفط من موسكو. وأيضاً إلى جبل طارق واليونان، اللتين تعدان في الأغلب محطات نقل الخام من الناقلات إلى سفن أخرى في البحر. وينقل خط أنابيب النفط «دروجبا» الخام الروسي إلى المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وبولندا. ويستمر الإعفاء من الحظر الأوروبي على استيراد النفط الروسي المشحون بحراً بالناقلات انطلاقاً من بلغاريا، حتى عام 2024 المقبل. انخفاض الصادرات الروسية:- مع الحظر الأوروبي وفرض سقف السعر على النفط الروسي، تراجعت الصادرات الروسية من النفط الخام الشهر الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ سنتين. وبحسب بيانات ناقلات النفط والشحن البحري، وصل حجم تحميل النفط الخام من المنافذ الروسية في ديسمبر (كانون الأول) إلى معدل 2.65 مليون برميل يومياً. ويقل ذلك بنحو 432 ألف برميل عن معدلات الشحن في نوفمبر (تشرين الثاني)، أو أقل بنسبة 14 في المئة. أما الصادرات الروسية من مشتقات النفط المشحونة بحراً بالناقلات، فلم تتغير تقريباً الشهر الماضي، حيث كانت بمعدل 2.69 مليون برميل يومياً مقارنة مع معدل 2.71 مليون برميل يومياً في الشهر الذي سبقه. وأصبحت تركيا في المرتبة الأولى من مستوردي مشتقات النفط الروسية بدلاً من اليونان. يذكر أن الحظر الأوروبي على واردات المشتقات النفطية المكررة يدخل حيز التنفيذ في الخامس من فبراير (شباط) المقبل. ويتواصل ضخ النفط الخام الروسي عبر خط الأنابيب إلى وسط أوروبا «دروجبا» وكذلك عبر خط أنابيب كازاخستان. ورغم تراجع الصادرات الروسية من النفط الخام فإن كثيراً من المحللين لا يرون تأثيراً كبيراً للعقوبات الأوروبية على معدلات إنتاج موسكو من النفط. وتشير التقديرات الرسمية الروسية إلى انخفاض الإنتاج ربما بنسبة ما بين خمسة وسبعة في المئة في العام الحالي نتيجة العقوبات. وتقدر شركة «غلوبال كوموديتيز إنسايتس» تراجع الإنتاج الروسي من النفط الخام والمشتقات المكررة بنحو 160 ألف برميل الشهر الماضي. وتتوقع أن يصل التراجع إلى ذروته عند 930 ألف برميل يومياً دون مستويات ما قبل حرب أوكرانيا، في مارس (آذار) المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى