اقتصاد دولي

هل اقتربت القوة النفطية الأميركية من الذروة؟

,,
تتراجع طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة التي ساعدت في كبح ارتفاعات أسعار النفط على مدى العامين الماضيين، ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج البلاد من النفط الخام بمقدار 170 ألف برميل فقط يومياً في عام 2024 مقارنة بالعام الماضي، بخفض مليون برميل يومياً في عام 2023، هي أصغر زيادة سنوية منذ عام 2016، من دون احتساب حقبة الوباء، وفقاً لمسؤولي السجلات الفيدرالية.

,,
وساعد تدفق الخام الأميركي الجديد في الحد من ارتفاع أسعار النفط، على رغم تخفيضات إنتاج «أوبك» والاضطرابات العالمية، بما فيها حرب غزة الأخيرة. وكانت المكاسب مدفوعة بالمنتجين من القطاع الخاص، الذين استولوا على منصات الحفر بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 120 دولاراً للبرميل في أوائل عام 2022.

,,
هجر منصات الحفر:- اليوم، من المتوقع أن يتباطأ هذا النمو بصورة كبيرة، إذ دفع خفض أسعار النفط المنتجين إلى ترك منصات الحفر العام الماضي، وبعد ذلك، جرى الاستحواذ على عديد من المشغلين الذين كانوا يحفرون من دون توقف، من قبل لاعبين أكبر يبحثون عن طرق للتوسع في الولايات المتحدة، وأعطت تلك الشركات العامة الكبرى الأولوية لإعادة الأموال النقدية إلى المساهمين بدلاً من حفر آبار جديدة.

وقال رئيس أبحاث السلع في بنك «ستاندرد تشارترد»، بول هورسنيل، لـ»صحيفة وول ستريت جورنال»، «انتهت السهولة في النمو، ما لم يأت شخص ما بابتكار تقني جديد مثير للغاية».
وفي الأسبوع الماضي، خفض محللو «مورغان ستانلي» تقديراتهم لإنتاج النفط الأميركي هذا العام، ورفعوا توقعاتهم لخام برنت إلى نطاق يتراوح بين 80 و85 دولاراً للبرميل، من 75 و80 دولاراً. وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من إعلان شركة «دايموندباك إنيرجي» أنها ستشتري شركة «إنديفور إنيرجي» المملوكة للقطاع الخاص. وأشارت إلى أنها ستعطي الأولوية للسيطرة على الكلفة. وكانت الشركات الخاصة، مثل «إنديفور»، هم المنتجين المتأرجحين في البلاد في السنوات الأخيرة، واستحوذت 10 شركات من القطاع الخاص، بما في ذلك شركة «إنديفور»، على نصف الزيادة في إنتاج حوض بيرميان بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 ومارس (آذار) 2023، وفقاً لشركة «أس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايت».
ويمثل حوض بيرميان، الذي يمتد بين غرب تكساس وجنوب شرقي نيو مكسيكو، كل نمو إنتاج النفط في البلاد تقريباً منذ الوباء، وفي العام الماضي، أنتجت الولايات المتحدة ما يقدر بنحو 12.9 مليون برميل من النفط يومياً، وهو رقم قياسي أكثر من أي دولة أخرى.
تراجع منصات النفط الأميركية:- وانخفض عدد منصات النفط العاملة في الولايات المتحدة بنسبة 20 في المئة تقريباً منذ نهاية عام 2022 إلى نحو 500، وفقاً لشركة خدمات حقول النفط «بيكر هيوز».
وقال هورسنيل من بنك «ستاندرد تشارترد» إن هذا الخفض يشير إلى احتمال حدوث تباطؤ كبير في النمو، إذ حفر كثير من الآبار في الآونة الأخيرة، لأن إنتاج بئر الصخر الزيتي يتراجع بسرعة أكبر في وقت مبكر من عمره.
واستحوذت الشركات العامة أيضاً على 39 شركة خاصة للتنقيب والإنتاج في عام 2023، وفقاً لشركة التحليلات «إنفيروس»، ويتضمن ذلك أربعة من الـ10 الكبار الذين عززوا عودة العصر البرمي بعد الوباء.
وأدى هوس عقد الصفقات إلى استنفاد إمدادات البلاد من الآبار غير المستغلة، وتتطلع الشركات إلى بيع نفسها غالباً ما تكسر الآبار المحفورة مسبقاً لتعزيز الإنتاج، والظهور أكثر جاذبية للمشترين، فعلى سبيل المثال، كثفت شركة «هيس»، عمليات التكسير الهيدروليكي في منطقة باكين في ولاية داكوتا الشمالية، قبل الإعلان عن استحواذ شركة «شيفرون» عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً لشركة الأبحاث «إنرجي أسبكتس».
وفي الوقت نفسه يتعين على اللاعبين الكبار العمل على دمج عمليات الاستحواذ الخاصة بهم. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «تول سيتي إكسبلوريشين»، مايكل أوستمان، وهي شركة تشغيل خاصة مقرها في بيرميان، إنهم يميلون أيضاً إلى تضييق نطاق تركيزهم على أفضل الآفاق للشركات المندمجة.
مع ذلك، يعتقد بعض المحللين أن صناعة النفط الأميركية يمكن أن تفاجئ السوق مرة أخرى، إذ يتوقع استراتيجي الطاقة في شركة «ماكواري»، والت تشانسلور، أن تنتج الشركة 660 ألف برميل يومياً في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أكثر مما كانت عليه في الشهر نفسه من عام 2023 نظراً إلى أن كفاءة الحفر تميل إلى الارتفاع مع خفض عدد منصات الحفر، وأن الشركات الخاصة المتبقية -إلى جانب الشركات الجديدة- يمكنها أيضاً زيادة الإنتاج. وأضاف «رأينا هؤلاء الأشخاص يعودون إلى الظهور مراراً وتكراراً، لذا فهذا أحد الأشياء الرئيسة التي يجب مراقبتها في عام 2024».
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي إنيرجي» للتكسير الهيدروليكي، كريس رايت، إنه حتى الشركات العامة الكبيرة ستجد طريقة لزيادة الإنتاج، إذا كانت الأسعار مرتفعة بما يكفي لفترة كافية. وأضاف رايت «لن يغير الناس خططهم للتقلبات قصيرة المدى، لكن قدرة الولايات المتحدة على زيادة إنتاج النفط لم تنتهِ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى