اقتصاد دولي

هل من علاقة بين انقطاع الكهرباء وحقل ظهر في مصر؟

مع الانقطاع المتكرر للكهرباء في أنحاء مصر تعددت تفسيرات العامة لما يمكن أن يقف وراء الظاهرة بعيداً من التبرير الحكومي القائل بتخفيف الأحمال على شبكات الطاقة.

ومع إعلان خريطة عمل رسمية لتخفيف الأحمال عبر تحديد مواعيد انقطاع الكهرباء تجاوز الأمر إلى ما وصفه البعض بالتسريبات، وآخرون بالتفسيرات العلمية، التي تمثلت في الحديث عن مشكلة تقنية بحقل ظهر قبالة سواحل البحر المتوسط، مما أسفر عن تراجع الإنتاج اليومي، ومن ثم عدم توفر الغاز الكافي لتشغيل محطات الطاقة بكامل طاقتها.

الحديث الأكثر تداولاً يتعلق بحدوث تشققات في بئر بحقل ظهر يجري استخراج الغاز عبرها، مما أدى لتسرب مياه البحر لداخلها، وهو ما أثر بدوره على عمليات إنتاج الغاز وتراجع المعدل اليومي، ومن ثم تقليص الكمية المخصصة للاستهلاك المحلي.

بالبحث وراء هذا السيناريو وجد أن الخبر يتعلق بتقرير نشره موقع “مييس” المتخصص بشؤون الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال أبريل (نيسان) الماضي. وأفاد الخبر بأن تسرب مياه البحر في البئر بحقل ظهر تسبب في انخفاض الإنتاج بمقدار مليار قدم مكعب يومياً ليبلغ 2.1 مليار قدم مكعب، وأن الشركة المشغلة الإيطالية “إيني” تقوم بحفر مزيد من الآبار في محاولة لوقف الخسائر.

تقرير “مييس” ليس الأول، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2020، أفاد الموقع نفسه بأن حقل ظهر الذي تم اكتشافه في 2015 يواجه خطر مصير مشروع “ويست دلتا ديب مارين”. وأوضح التقرير أن الإفراط في حفر الخزان تسبب في تسرب المياه، حيث تم رفع سقف الإنتاج البالغ 2.7 مليار قدم مكعب في اليوم إلى 3.2 مليار قدم مكعب بناءً على توجيهات حكومية.

وأضاف أنه خلال مؤتمر عقد بالقاهرة في يونيو (حزيران) 2020، حذر مندوبون – لم يحدد التقرير هويتهم – من أن الإفراط في الحفر يهدد بانهيار الخزان، وأنه تم حفر أربع آبار تطويرية أخرى منذ رفع العدد الإجمالي إلى 15 بئراً، حيث بلغت سعة الحقل 3.2 مليار قدم مكعب يومياً في مارس (آذار) 2020، وفق ما جاء في تقرير “مييس”.

نفى رسمي

“اندبندنت عربية” تواصلت مع شركة “إيني” الإيطالية المسؤولة عن تشغيل الحقل، التي رفضت الرد على أسئلتنا في شأن التعليق على تقارير “مييس” وشرح الأبعاد الفنية لاحتمال تسرب المياه. واكتفت الشركة الإيطالية في ردها عبر البريد الإلكتروني بالإشارة إلى تعليقات الحكومة المصرية التي نفت الإشاعات، فيما رفض أكثر من متخصص في الطاقة والتعدين بمصر الحديث في شأن الأمر باعتباره يحمل حساسية خاصة، وفق وصف أحدهم.

وفي رد لاحق آخر عبر البريد الإلكتروني، قالت شركة إيني تعليقاً على تقرير مييس، “هذه القصة قديمة للغاية، وتعود إلى عام سابق، وربما قبل ذلك. قمنا بالرد على هذا الأمر في عديد من المنشورات”.

كان المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري قد نقل عن وزارة البترول والثروة المعدنية نفيها للإشاعات الخاصة بوجود مشكلات تقنية بحقل ظهر تسببت في تراجع طاقته الإنتاجية بما يهدد بخروجه من الخدمة.

وقال المركز الإعلامي نقلاً عن وزارة البترول، الإثنين الماضي، إنه لا صحة لوجود مشكلات تقنية بحقل ظهر، بل إن الحقل يعمل بأعلى كفاءة وبكامل طاقته الإنتاجية، وفقاً لأحدث المعايير العالمية من دون وجود أي مشكلات تقنية.

وأشارت الوزارة إلى أنه تم بدء الإنتاج المبكر من الحقل عام 2017 بمعدلات نحو 350 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، واستمر في الزيادة تدريجاً كنتيجة لدخول الآبار على الإنتاج، حيث تم دخول عدد 19 بئراً على الإنتاج.

وأضافت الوزارة أن الشركاء في حقل ظهر “إيني” الإيطالية و”بي بي” الإنجليزية و”روزنفت” الروسية و”مبادلة” الإماراتية و”إيجاس” المصرية، لا يتوانون عن ضخ الاستثمارات منذ بدء الإنتاج، وذلك للحفاظ على معدلات الإنتاج للحقل، وأنه يجري حالياً حفر البئر الـ20 باستثمارات 70 مليون دولار، ويصل إلى متوسط إنتاج نحو 2.3 مليار قدم مكعب من الغاز يومياً، وبلغ إجمالي استثمارات الحقل حتى الآن 12 مليار دولار، ومتوقع أن تصل إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.

حقل ظهر هو الأضخم في اكتشافات مصر من الغاز الطبيعي قبالة سواحلها بالبحر المتوسط، حيث تبلغ توقعات الاحتياطي به نحو 30 تريليون قدم مكعب، ويمثل إنتاجه حالياً نحو 40 في المئة من إنتاج مصر من الغاز الطبيعي البالغ 6.54 مليار قدم مكعب في اليوم.

العمل من المنزل

أكد مصدر مطلع لـ”اندبندنت عربية” أن العمل في حقل ظهر جارٍ بكامل طاقته، وأرجع أزمة انقطاع الكهرباء إلى تخصيص حصص أكبر من إنتاج الغاز للتصدير في مقابل الاستهلاك المحلي. وأوضح المصدر أن الحديث عن وجود تشققات في الآبار هو أمر طبيعي لاستخلاص الغاز ولا يستدعي تعليق عمليات التنقيب.

وفي تصريحات تلفزيونية عقب اجتماع الحكومة أمس الخميس بمقرها بمدينة العلمين الجديدة، أرجع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أزمة انقطاع الكهرباء إلى الاحترار العالمي، مما يؤدي بدوره إلى زيادة استهلاك الطاقة.

وأعلن مدبولي عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء، وقال إن الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات، منها استيراد شحنات إضافية من المازوت، حيث يقدر حجم المستورد من اليوم، وحتى نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل، بـ250 – 300 مليون دولار إضافية لتحقيق توازن في الشبكة.

وتنطوي خطة الحكومة على ترشيد الإنارة العامة في الشوارع والمباني الحكومية والخدمية ومخاطبة وزارة الشباب والرياضة لجدولة المباريات لتلعب في أوقات النهار، وعمل موظفي الحكومة من المنزل يوم الأحد من كل أسبوع خلال شهر أغسطس المقبل، وينطوي القرار على موظفي المصالح الحكومية والمباني الخدمية غير المرتبطة بالتعامل المباشر مع الجمهور.

وبحسب رئيس الوزراء المصري فإنه تم التوافق على تخفيف الأحمال من ساعة لساعتين يومياً عندما تتجاوز الحرارة 35  درجة مئوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى