اقتصاد دولي

النفط يحبس الأنفاس وسط أخطار اضطرابات الإمدادات

لم يطرأ تغيير يذكر على أسعار النفط العالمية، إذ تأثرت الأسواق بمخاوف الطلب في الولايات المتحدة في مواجهة تعهد الصين بدعم النمو الاقتصادي. رغم أن أسعار العقود الآجلة لخام برنت تجاوزت 80 دولارا مدعومة بتوقعات مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأميركي” بأنه سيتوقف قريباً عن رفع أسعار الفائدة.

وقال محلل الأسواق لدى “سي إم سي” ليون لي، “في ظل التوقعات بأن يرفع المركزي الأميركي الفائدة لآخر مرة في يوليو (تموز)  الجاري، فإن المخاوف حيال الطلب في الولايات المتحدة التي تحد من مكاسب سعر النفط ستستمر على الأرجح”.

لكن على الجانب الإيجابي، تعهدت لجنة التنمية الوطنية والإصلاح المعنية بالتخطيط في الصين أمس الثلاثاء بوضع سياسات “لاستعادة وتوسيع نطاق” الاستهلاك في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الأمر الذي قد يعزز الطلب على النفط.
في الوقت نفسه قالت وزارة الطاقة الروسية إنه “من المتوقع أن تقلص روسيا صادراتها النفطية 2.1 مليون طن متري في الربع الثالث من العام، تماشياً مع خفض طوعي مزمع للصادرات بمقدار 500 ألف برميل يومياً في أغسطس (آب) المقبل”.

ومن غير المرجح أن يتراجع النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، لكن الأمر سيستغرق حدثاً “”جامحاً” لدفع الأسعار إلى ما فوق 90 دولاراً، كما قال الرئيس العالمي لأبحاث السلع الأساسية في “سيتي غروب إنك” إد مورس.

وأوضح مورس في مقابلة مع تلفزيون “بلومبيرغ” أن “أسعار خام برنت تجد دعماً قرب 70 دولاراً للبرميل بسبب عوامل أساسية عدة”، مضيفاً “بالنسبة إلى المبتدئين، لا تريد ’أوبك+‘ أن تنخفض أسعار النفط إلى ما دون هذا المستوى وقد أظهرت أنها ستقلص الإنتاج من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار”، وأشار إلى أن هناك عاملاً آخر وهو التزام الولايات المتحدة إعادة تعبئة احتياطها البترولي الاستراتيجي بأسعار تقارب 70 دولاراً للبرميل.

ومن غير المرجح أن يرتفع النفط فوق 90 دولاراً للبرميل مع مراعاة شح العرض، لكن مورس يلفت إلى أن الأحداث المناخية المتطرفة، بما في ذلك الأعاصير، يمكن أن تغير التوقعات، إضافة إلى ذلك، فإن العقبات التي تحول دون الاستثمار في الوقود الأحفوري وانخفاض الطلب يؤديان إلى مزيد من التقلبات في السوق.

وقال مورس إن “سوق النفط ستتحرك بين نقص الإمدادات وفائض العرض”، مستدركاً “لكن فائض العرض لن يكون كبيراً بما يكفي لخفضنا إلى 20 دولاراً، أو ناهيك عن الأسعار السلبية، ولن يكون نقص العرض كبيراً بما يكفي ليصل إلى أكثر من 100 دولار، ولكنه سيعني التقلبات في السوق”.

توقعات الأسعار

وبحسب مراقبي شؤون النفط في “وول ستريت” فإنهم كشفوا عن اعتقادهم بحدوث ارتفاع للأسعار خلال العام الحالي، إذ يشير “جي بي مورغان” في أحدث تقاريره ارتفاع أسعار خام برنت بـ11 في المئة للنصف الثاني إلى 82 دولاراً للبرميل.

ونقلت “بلومبيرغ” في تقرير لها عن المحللة ناتاشا كانيفا “بينما لا تزال هناك زيادة في الطلب، تتواصل الإمدادات بشكل سلس بفضل ارتفاع الاستثمار”، كما قلل البنك من الخطوة التي اتخذها تحالف “أوبك+” بقيادة السعودية الذي أعلن عن خفض آخر للإمدادات هذا الشهر، واعتبرها من دون تأثير يذكر.

ولطالما كان “جيه بي مورغان” متشككاً في عودة الأسعار لمستوى الأرقام الثلاثية، ولكن مزيداً من نظرائه المتوقعين للصعود غيروا لهجتهم أخيراً.

وبعيداً من أوساط “وول ستريت”، لا تزال بعض التقديرات الأخرى تشير إلى تضييق الأسواق بشدة خلال الأشهر المقبلة، ولا تزال الطاقة الدولية ترجح نفاد مخزونات النفط العالمية بسرعة في النصف الثاني بمعدل مليوني برميل في اليوم مع زيادة الطلب.

مع ذلك، فإن تراجع السوق يشكل انتصاراً من وجهة نظر إد مورس الذي حذر أواخر العام الماضي من أن التعافي المتأرجح للصين من الجائحة ووفرة الإمدادات من شأنهما أن يحولا دون تدهور أسعار الخام، ويضع هدفاً لسعره عام 2023 عند 80 دولاراً للبرميل.

وقال محللو “سيتي غروب” في مذكرة هذا الأسبوع “لا تزال احتمالات دورة السلع الفائقة في 2023 آخذة في التضاؤل”.

الطاقة الدولية

إلى ذلك قالت وكالة الطاقة الدولية اليوم إنها تتوقع تباطؤ نمو الطلب العالمي على الكهرباء في 2023 بفعل أزمة مستمرة في قطاع الطاقة وتراجع اقتصادي، لكن انتعاشاً محتملاً في 2024 يعني الحاجة إلى مزيد من مرافق الطاقة المتجددة.
وتشير الأرقام إلى تباطؤ معدل النمو العالمي لاستهلاك الطاقة إلى أقل قليلاً من اثنين في المئة في 2023، انخفاضاً من 2.3 في المئة في 2022 الذي شهد أيضاً تراجعاً عن متوسط الأعوام الخمسة السابقة لجائحة “كوفيد-19” البالغ 2.4 في المئة.
ورجحت بيانات الوكالة لعام 2024 أن يرتفع المعدل إلى 3.3 في المئة مع تحسن التوقعات الاقتصادية.
وقدرت الوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها بأن تغطي الطاقة المتجددة النمو المتوقع هذا العام والعام المقبل وأن الكهرباء من مصادر متجددة ستتجاوز ثلث إجمالي إمدادات الكهرباء العالمية للمرة الأولى في العام المقبل، غير أن هناك انخفاضاً في الطاقة الكهرومائية، إذ هبطت بنحو اثنين في المئة في الفترة من 2020 إلى 2022 مقارنة بالأرقام بين 1990 و2016 التي تمثل نحو 240 تيراوات/ ساعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى