اقتصاد دولي

مصر تكثف تحركاتها الأوروبية لدخول معركة الغاز العالمي

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية نحو مضاعفة صادراتها من الغاز الطبيعي في ظل الأزمة الأوكرانية التي تسبب فيها الهجوم الروسي، وما تبع ذلك من عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، فمن المرجح أن تسمح مذكرة التفاهم الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ومصر وإسرائيل خلال الصيف الماضي باستمرار مصر في إرسال «كميات مرتفعة نسبياً» من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، حسبما قالت مفوضة شؤون الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون في تصريحات على هامش معرض ومؤتمر مصر الدولي للبترول «إيجبس 2023».
كذلك، من المتوقع استقرار إنتاج مصر من الغاز الطبيعي المسال عند نحو 7.5 مليون طن خلال العام الحالي، وهو ما يقترب من مستويات عام 2022، حينما جرى تخصيص 80 في المئة من الإنتاج إلى أوروبا، وفق ما ذكره وزير البترول والثورة المعدنية المصري، طارق الملا.
ومن المقرر أن تعقد مفوضة شؤون الطاقة بدول الاتحاد الأوروبي، اجتماعات مع وزير البترول المصري ونظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال المؤتمر، لمتابعة الاتفاقية الإطارية البالغة مدتها تسع سنوات والموقعة بين الأطراف الثلاثة في يونيو (حزيران) الماضي.
وتمهد الاتفاقية الطريق لمزيد من الاستثمار في استكشاف الغاز والبنية التحتية في إسرائيل ومصر، في محاولة لزيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي من إسرائيل عبر محطات الإسالة المصرية. وتمثل الاتفاقية حجر الزاوية في جهود الدولة لزيادة صادرات الطاقة إلى أوروبا، مما يساعد على سد الفجوة التي خلفها فقدان الإمدادات الروسية ويجعل مصر بمثابة «ممر غاز رئيس» في شرق المتوسط.
شركات عالمية تخطط لزيادة استثماراتها في مصر:- في الوقت نفسه، كشف رؤساء تنفيذيون لشركات عالمية عاملة في صناعة الطاقة، أن مصر أصبحت وجهة مثالية للاستثمار، خصوصاً في مجال الطاقة، بفضل توجه الحكومة المساند للاستثمار، وشددوا على أن الآن هو الوقت الأمثل للاستثمار في قطاع الطاقة المصري.
وخلال فعاليات معرض ومؤتمر مصر الدولي للطاقة، قال رئيس شركة «أباتشي» العالمية، جون كريستمان، إن «المؤتمر يفتح آفاقاً للنقاش حول قضايا الطاقة التي أصبحت ملحة جداً في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن «مصر فيها تنوع كبير في مصادر الطاقة، وأن الاستثمارات بها واعدة جداً»، لافتاً إلى أن «استثمارات الشركة في مصر تضاعفت ثلاث مرات خلال 18 شهراً».
هل تصارع مصر والجزائر «الدب الروسي» في حلبة الغاز؟:- ووصف الرئيس التنفيذي لشركة «فينترسال ديا» الألمانية، ماريو مهرين، الاستثمار في مصر بالجيد جداً، مشيراً إلى أن «الحكومة لديها خطة واضحة، كما أن المناخ مناسب تماماً للاستثمار خصوصاً في قطاع الغاز»، مؤكداً أن «البنية التحتية التي تتمتع بها مصر، فضلاً عن مصادر الطاقة المتجددة تمكن الشركات من إنتاج وتصدير الغاز».
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لشركة «بيكر هيوز»، لورينزو سيموليني، إلى أن «مصر تتمتع بكل المؤهلات لتصبح أحد اللاعبين الأساسيين على خريطة الطاقة العالمية، خصوصاً بعد تحولها من مستورد للغاز إلى مصدر»، موضحاً أن «العالم يحتاج لكافة أشكال الطاقة، والهدف الأساسي هو خفض الانبعاثات الكربونية، لذا نحتاج لاستخدام التكنولوجيا بشكل أسرع وتعزيز التعاون».
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة «مبادلة» الإماراتية، منصور محمد، إن «الشركة تستثمر في كبرى مشروعات الغاز في مصر»، مؤكداً أن «الحكومة المصرية لديها استراتيجية واضحة لجذب مزيد من الاستثمارات»، مشيراً إلى أن «الشركة قامت بتعديل استراتيجيتها للتوافق مع المتغيرات العالمية، إذ تعتقد أن الغاز الطبيعي له دور كبير في خريطة الطاقة العالمية، وتركز على الاستثمار في الهيدروجين الأزرق والتقاط الكربون». لايزال هناك فائض للتصدير:- لكن لا يزال لدى مصر فائض سعة في محطتي الإسالة في إدكو ودمياط، وفقاً لما ذكره وزير البترول المصري، الذي أضاف «إنهم مستعدون هناك للوقت الذي نتخذ فيه قراراً بزيادة قدرتهم إلى الضعف أو ثلاثة أضعاف». وكان الوزير المصري قد قال في وقت سابق إن «بلاده تخطط لتشغيل محطتي إسالة إدكو ودمياط بكامل طاقتيهما على مدار العام»، مشيراً إلى أن «القدرة التصديرية القصوى للغاز الطبيعي المسال قد تصل إلى 12 مليون طن سنوياً بحلول عام 2025».
وحول موانع قيام مصر بزيادة صادراتها، قالت مفوضة شؤون الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، إنه «يتعين علينا الآن حل بعض المشكلات المعطلة»، مرجحة أن الحل يكمن في أيدي الإسرائيليين، وقالت إن «هذا يعتمد على القرارات الوطنية وبالطبع إسرائيل هي التي يجب أن تقرر الكميات التي ترغب في تصديرها».
وتابعت، «نرى أن هناك فائض سعة في محطات الإسالة في مصر، لكن الكميات المحددة لم تكن جزءاً من مذكرة التفاهم بيننا».
و في الوقت الحالي ستكون هناك حاجة إلى دفعة كبيرة للبنية التحتية، بما في ذلك مزيد من الاستكشافات وإنشاء محطات وخطوط أنابيب جديدة للغاز الطبيعي المسال، من أجل زيادة صادرات البلاد من الغاز المسال إلى أوروبا، بحسب ما قاله مسؤولون. وخلال العام الماضي، توقع الوزير المصري، أن يستغرق الأمر عامين أو ثلاثة أعوام قبل أن تتمكن مصر من زيادة صادراتها إلى أوروبا.
وبالفعل، قامت الحكومة المصرية بترشيد الاستهلاك على الصعيد المحلي، إذ تعمل منذ العام الماضي على ترشيد استخدام الغاز الموجه لتشغيل محطات الكهرباء والتحول إلى بدائل أخرى كالمازوت من أجل توفير مزيد من الغاز الطبيعي للتصدير، في ظل نقص العملة الأجنبية الذي دفع الحكومة إلى البحث عن مصادر لتعظيم الصادرات الممكنة من جميع القطاعات.
مذكرات تفاهم مع شركات طاقة عالمية:- أما في ما يتعلق بالاستثمارات، فتخطط شركة «دانة غاز» الإماراتية لاستثمار 100 مليون دولار في قطاع النفط والغاز في مصر خلال عامين، حسبما قال الرئيس التنفيذي للشركة باتريك ألمان، وتفاوضت الشركة على «مجموعة جديدة من الشروط» مع «إيغاس» المملوكة للدولة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التي ستسمح لها بالاستثمار وإطالة عمر حقول الغاز المحلية لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام أخرى، حسبما قال ألمان وارد. وأعلنت الشركة أنها مهتمة بتقديم عروض في المزايدات الثلاث للنفط والغاز الجديدة التي تخطط مصر لإطلاقها هذا العام، وفقاً لوارد.
ووقعت شركات النفط والغاز العملاقة «شيفرون» و»شل» و»أباتشي» وشركة التكنولوجيا متعددة الجنسيات «آي بي أم»، اتفاقيات بشأن مشروعات منخفضة الكربون وتصدير النفط والتحول الرقمي مع وزارة البترول المصرية والشركات التابعة لها، في حين وقعت «شيفرون» مذكرة تفاهم مع الوزارة المصرية للتعاون في مشروعات منخفضة الكربون بما في ذلك خفض انبعاثات غاز الميثان. في غضون ذلك وقعت شركة «شل» اتفاقية مع تحالف تقوده شركة «بكتل» ويشمل شركتي «إنبي» و»بتروجيت»، لتقليل انبعاثات الكربون في منشآت الغاز التابعة لـ»شل»، وبدء مشروع لتوحيد نظام الطاقة لمجمع تصدير الغاز الطبيعي المسال المصري في «إدكو» ومنشأة قريبة لمعالجة الغاز.

كما وقعت شركة «أباتشي» مذكرة تفاهم مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتصدير حصة الهيئة من النفط الخام من منشآتها المشتركة إلى السوق العالمية، كما وقعت شركة «آي بي أم» مذكرة تفاهم مع وزارة البترول لدعم التحول الرقمي والاستدامة في الشركات التابعة للوزارة،

وخلال الجلسات، وقع منتدى غاز شرق المتوسط مذكرتي تفاهم مع المنتدى الدولي للطاقة ومرصد البحر الأبيض المتوسط للطاقة للعمل المشترك على تطوير قطاع الغاز الطبيعي، وتسريع التحول الأخضر مع التركيز على تعزيز صناعة الهيدروجين الأخضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى