أخبار عاجلةاقتصاد كويتي

الشال: اقتصاد الكويت مجرد خيمة في طقس عاصف

افاد التقرير الاسبوعي لمركز الشال الاقتصادي انه وحتى صدور برنامج الحكومة في 28 نوفمبر 2022، ليس في الكويت اقتصاد، فمساهمة القطاع العام بشكل مباشر نحو 70% في ناتجها المحلي الإجمالي، وتوظف الحكومة أكثر من 83% من المواطنين وتدعم ما عداهم، وكل ذلك يعتمد على إيرادات النفط بشكل مباشر أو غير مباشر، أي مدخراته، والتي استمرت تمول نفقات الموازنة العامة بنحو 90% على مدى 60 عاماً، وذلك يحصر الاهتمام “بالمال” أو الشق الثاني في المحور.
وفي الوقت الذي فيه اقتصاد الكويت مجرد خيمة في طقس عاصف، عمود تلك الخيمة الوحيد هو المالية العامة، وحتى ننجح في بناء اقتصاد في المستقبل، لابد من الحرص الشديد على سلامة ذلك العمود، ومحتوى أهداف برنامج الحكومة الحالية، وسيل المشروعات الشعبوية النيابية، يحمّلان ذلك العمود أكثر بكثير مما يحتمل.
من أمثلة تلك الضغوط، ضرورة توظيف 96 ألف خريج خلال 4 سنوات، 85% منهم في القطاع العام أو نحو 82 ألف مواطن، على أمل أن يستوعب القطاع الخاص 14 ألف مواطن مع مخصصات دعم العمالة، وذلك بغض النظر عن توفر الوظيفة أو حتى السعة المكانية، وكان من أبسط المتطلبات في البرنامج احتساب إمكانات استدامة سوق العمل لأن القادمون إليه في تزايد، واستدامة المالية العامة معه.
وتنوي الحكومة تذويب القضية الإسكانية وفق سياسة التوسع الأفقي وبنسبة 75% بحلول عام 2026، أي بناء نحو 80 ألف مسكن، ولمثل هذا التوسع احتياجات مالية مباشرة مثل القروض السكنية، واحتياجات مالية غير مباشرة مثل البنى التحتية، وأبسط وظائف الحكومة هي حساب الإسقاط المالي على النفقات العامة وتأثيره المتبادل على تحقيق المستهدف اسكاناً.
ولدى الحكومة هدف معلن لتعديل التركيبة السكانية، وإلى جانب أن تحقيقه مستحيل مع وضع التمدد الأفقي الإسكاني، ما سوف تحصده من تناقض سياساتها هو تضخم غير محتمل في أجور العمالة يخلق ضغوطاً مالية في قطاع الإنشاءات وغيره وتأثيره على استدامة الماليات الخاصة للأسر سلبية وكبيرة.
وترغب الحكومة في التوسع في تقديم خدمات التعليم، وتكلفة التعليم الحكومي في الكويت باهظة، سواء في بناه التحتية، وجامعة الكويت مثال، أو تكلفة الطالب الجارية، ومثلها الخدمات الصحية مع وعد بالتوسع في إنشاء المدن الصحية وزيادة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات القائمة، واستضافة مستشفى عالمي واحد على الأقل، وفي الوقت نفسه تتوسع في اشراك المواطنين في مشروعات التأمين الصحي في بلد فيه الخدمات الصحية مجانية، ورغم ذلك لا نجد معها أي اسقاط لمعرفة إمكانية تحقيق تلك الأهداف وضمان استدامة المالية العامة.
وتنوي زيادة جرعات الاستثمار لتنويع مصار الدخل في صناعات بتروكيماوية ومصاهر المنيوم ومشروع السكة الحديد واستكمال ميناء مبارك…إلخ، وكلها ضغوط على المالية العامة، يقابلها هدف متواضع بزيادة الإيرادات غير النفطية من 2.396 مليار دينار، في الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة، إلى 3.500 مليار دينار، ولا نعرف متى.
ولعل أكثر المؤشرات خطورة، هو تبني الحكومة لمشروعات شعبوية مثل شراء الإجازات ومكافآت الصفوف الأمامية، وقبلها تأجيل سداد أقساط القروض، ما شجع على التقاط بعض النواب قصب السبق ليفتح باب جهنم على المالية العامة، وأبدى نواب آخرون وعي وغيرة على مستقبل البلد من ضياع مؤكد، ونقدر لهم تقديم استدامة وطن على استدامة كراسيهم.
وما ينطبق على ما ذكرناه من مستهدفات متناقضة، ينطبق على كل مستهدفات المحاور الأخرى، وما سوف يحدث هو تكرار سيناريو عام 2020 عندما أعلنت الحكومة إحتمال عجزها عن تحقيق أي شيء، شاملاً دفع الرواتب والأجور، وانفجر نزاع معلن بين وزيري المالية والنفط حينها حول أحقية أياً من الوزارتين بـ 7 مليار دينار كويتي تأخر قطاع النفط عن سدادها للخزينة العامة.
في أي دولة من دول عالم اليوم، لا يطرح ضمن الخطة أو البرنامج مجموعة من الأهداف المتناقضة ما لم تكن محسوبة ضمن مصفوفات تبادلية تقدر تكلفة تحقيق تلك الأهداف وإمكانيات تلبيتها، ثم ترتب أولوية كل هدف وفق أهميته، أي تحقيق الممكن من كل هدف بدلاً من ضياع الكل، ومعه ضياع مستقبل أكثر من نصف المواطنين.
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه البلد هو كيفية تغيير نهج اقتسام موارد البلد وتحويله إلى نهج ثابت لبنائها وضمان استقرار كل أجيالها، ذلك ما كان يفترض أن يكون صلب برنامج الحكومة.
ولا زلنا ننتظر وعداً بتقديم رؤية تضمن الاستقرار المالي والاقتصادي، ولن نتأخر عن دعمها إن أخذت في الإعتبار تلك المآخذ، أما إن أثبتت أن تلك المآخذ التي ذكرناها غير صحيحة، حينها وجب علينا الاعتذار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى