اقتصاد دولي

مخاوف من فاتورة اقتصادية باهظة حال توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران

ينذر الرد الإسرائيلي المحتمل على الهجوم المباشر الذي نفذته إيران بصواريخ باليستية وطائرات من دون طيار، بتبعات اقتصادية باهظة الكلفة، حال تجاوزه النطاق إلى ضربة أوسع وأكثر تأثيراً وإيلاماً لإيران، فيما تظل موجة الرد والرد المضاد ماثلة اليوم أمام أغلب المراقبين، وسط مخاوف من انتقال التبعات إلى نطاق أوسع يشمل مضيق هرمز وإمدادات النفط وإغلاق المجال الجوي لدول المنطقة.

وأجرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “موديز” تقييماً للتصعيد الأخير في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية الهجوم الصاروخي المباشر الذي نفذته إيران ضد إسرائيل في 13 أبريل (نيسان) الجاري، رداً على استهداف الأخيرة للقنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري، وأدى إلى سقوط 11 قتيلاً من بينهم القائد في “فيلق القدس”، الذراع الخارجية للحرس الثوري، محمد رضا زاهدي، وستة مستشارين عسكريين آخرين.

وفي تقرير للوكالة التي سبق أن خفضت التصنيف السيادي لتل أبيب عند A2، أشارت إلى تآكل القوة الاقتصادية لإسرائيل وتقويض ثقة المستثمرين نظراً لطبيعة العمليات الأخيرة، ومع تعرض مشاريع حقول الغاز بشكل خاص لخطر الأضرار المادية التي تلحق بأصولها وبنيتها التحتية، موضحاً أن التصعيد قوض القدرة المؤسسة والمالية العامة للبلاد، متوقعاً تأثر شركات التأمين والبنوك الإسرائيلية بشكل أكبر بالأزمة حال اتخاذها شكل الرد والرد المضاد بين إيران وإسرائيل.

مضاعفة ديون إسرائيل

وكانت وزارة المالية الإسرائيلية، قالت أول من أمس، إن الحرب على حركة “حماس” أدت إلى زيادة ديون إسرائيل إلى المثلين في العام الماضي، وأضاف تقريرها المالي أن البلاد سجلت ديوناً بلغت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) في عام 2023، من بينها 81 مليار شيكل (21.62 مليار دولار) منذ اندلاع الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتنظر “موديز” بكثير من القلق حيال خطر سوء التقدير، الذي قد يؤدي إلى صراع عسكري يلحق خسائر بشرية كبيرة وكلفة اقتصادية باهظة، لكن تستدرك بأن البنوك وشركات التأمين في البلاد أثبتت حتى الآن مرونة في مواجهة الأحداث الأخيرة، وهو ما يجعل التصنيفات السيادية لإسرائيل في مواجهة ضغوط هبوطية حال استمرار تلك المرونة.

حقول الغاز الإسرائيلية

ويؤشر تقرير الوكالة إلى قطاع الطاقة في إسرائيل، ويرى أن حقول إنتاج الغاز البحرية “ليفياثان” و”كاريش” و”تمار” ظلت في مأمن من الهجمات الإيرانية، فيما يواصل حقل “تمار” إمداد مرفق الكهرباء الرئيس في البلاد بالغاز، إضافة إلى الأسواق المالية التي ظل تأثرها محدوداً للغاية.

وفي فبراير الماضي، حصلت إسرائيل على أول تخفيض لتصنيفها السيادي على الإطلاق، إذ خفضت وكالة “موديز” تصنيفها الائتماني، بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، في حين أبقت الوكالة على توقعاتها الائتمانية عند سلبية مما يعني إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى.

وذكرت الوكالة في تقريرها، أن تأثير الصراع يثير أخطاراً سياسية، ويضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية في إسرائيل وقوتها المالية في المستقبل المنظور.

ضربة انتقامية متوقعة

وتتوقع “موديز” في تقريرها الأخير، أن ترد إسرائيل بضربة انتقامية مضادة على الضربات الأخيرة التي شنتها إيران، لكن من غير الواضح في هذه المرحلة الشكل الذي سيتخذه هذا الرد أو موعده، في وقت تواصل واشنطن تزويد إسرائيل بما تحتاج من مساعدات عسكرية ومالية، وإبداء التزامها علناً بالدفاع عنها.

وترجح الوكالة دخول الصراع دوامة الرد المتبادل بين الطرفين، لكن مع تجنب حدوث أضرار كبيرة، علاوة على أن البلدين لا يتوقع انجرارهما إلى صراع أوسع، نظراً للكلفة البشرية والاقتصادية التي ستترتب عليه.

وبحسب التقرير، قد يأخذ الصراع بين إيران وإسرائيل بعداً آخر، فمن الممكن أن يشمل هجمات محتملة على البنية التحتية الحيوية للطاقة، ومحاولة إغلاق طرق النقل الحيوية مثل مضيق هرمز، أو إغلاق مستمر للمجال الجوي في الشرق الأوسط، والإضرار بمشاعر المستثمرين وزيادة التقلبات في الأسواق المالية، بالتالي تشديد الأوضاع المالية في جميع أنحاء المنطقة.

وفي هذا السيناريو الأكثر تطرفاً وسلبية، من المتوقع أن تكون التأثيرات الائتمانية محسوسة في جميع أنحاء المنطقة من خلال ثلاثة عوامل رئيسة هي المخاوف الأمنية المتزايدة، واضطرابات الطاقة وسلسلة التوريد، إضافة إلى ضعف الوضع المالي الكلي.

وفي مثل هذا السيناريو أيضاً، فإن الآثار المترتبة على الاقتصاد العالمي ستعتمد في المقام الأول على انقطاع إمدادات الطاقة، وارتفاع كبير في أسعار النفط، نظراً لارتفاع حصة صادرات النفط الخام العالمية الآتية من الشرق الأوسط، ومع ذلك، من المرجح أن يتطلب الأمر زيادة حادة ومستمرة في أسعار النفط لدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود.

تداعيات اقتصادية مكلفة

وفي فبراير (شباط) الماضي، قالت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد أند بورز” إنها قد تخفض تصنيف إسرائيل إذا اتسعت الحرب مع “حماس” لتشمل جبهات أخرى، لكن من المتوقع أن تكون إسرائيل قادرة على تحمل التداعيات الاقتصادية للحرب، إذا لم تتوسع من خلال إجراء التعديلات اللازمة في الموازنة لتعويض ارتفاع الإنفاق.

وبحسب أحدث تقارير وزارة المالية الإسرائيلية، فإن إجمالي الدين بلغ 62.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي في 2023، ارتفاعاً من 60.5 في المئة في 2022 بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي، إذ اقترضت الحكومة الإسرائيلية في عام 2023 نحو 116 مليار شيكل (30.96 مليار دولار)، أو 72 في المئة من إجمالي الدين، محلياً و25 في المئة من الخارج والباقي في شكل ديون محلية غير قابلة للتداول، ومن المتوقع أن يصل إجمالي الدين الإسرائيلي إلى 67 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.

وأعطى نواب البرلمان الإسرائيلي في مارس (آذار) الماضي، موافقتهم النهائية على الموازنة المعدلة لعام 2024 التي أضافت عشرات المليارات من الشيكلات لتمويل الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر مع “حماس”، مع إنفاق إضافي على الدفاع وتعويضات للأسر والشركات المتضررة من الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى