اقتصاد كويتي

أسعار النفط «بوصلة» استثمارات الأجانب في «بورصة الكويت»

تتحكم أسعار النفط باتجاهات الاستثمارات الأجنبية في البورصة الكويتية، حيث ترتفع هذه الاستثمارات أو تنخفض حسب تحركات النفط، وقد شهد مايو الماضي تراجعات قوية بنسبة 6% لمؤشر السوق الأول، حيث تتواجد الأسهم القيادية التي تتركز فيها الاستثمارات الأجنبية.

بينما تراجعت أسعار النفط العالمية بنهاية تداولات شهر مايو الماضي لمتوسط سعر 76.6 دولارا للبرميل بنحو 8%، مقارنة بمتوسط السعر خلال شهر أبريل السابق الذي بلغ قرابة 83 دولارا للبرميل.

وتكشف هذه البيانات عن علاقة طردية تربط صافي الاستثمار الأجنبي في الأسهم الكويتية (إجمالي قيمة الشراء – إجمالي قيمة البيع)، والذي تفصح عنه البورصة الكويتية شهريا، والتغيرات التي تشهدها سوق النفط العالمية وتؤثر على الأسعار وتوقعاتها المستقبلية.

ويزداد تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الأسهم الكويتية كلما ارتفعت أسعار النفط وتحسنت آفاق توقعاتها المستقبلية نحو مواصلة الصعود، والعكس عندما تتراجع الأسعار فتتباطأ وتيرة تلك التدفقات.

وينقسم الاستثمار الأجنبي في الأسهم الكويتية إلى نوعين، الأول يتدفق إلى الأسهم متبعا أوزان نسبية لمؤشرات عالمية يتم تحديثها كل فترة زمنية محددة (ستة أشهر على الأغلب)، مثل مؤشرات فوتسي وستاندرد آند بورز وراسل.

بينما يتدفق نوع آخر من الاستثمارات حسب قرار المستثمر دون الارتباط بتلك المؤشرات وأوزانها النسبية، وإن كان يتأثر بها بدرجة معينة.

وقد سجلت تدفقات الاستثمارات الأجنبية مستويات قياسية في العام 2022 بصافي استثمار بلغ 792 مليون دينار (ما يزيد على 2.5 مليار دولار)، وتزامن ذلك مع قفزة أسعار النفط لمستويات لم تشهدها منذ سنوات حول 120 دولارا، حيث بدأت الارتفاعات مع الغزو الروسي لأوكرانيا في مارس من نفس العام، وزادت التوقعات بعدها بنقص كبير في المعروض في ظل العقوبات التي فرضها الغرب على إمدادات الطاقة الروسية.

وقد سجل صافي الاستثمارات الأجنبية على أثر ذلك أعلى صافي تدفقات خلال شهري مارس وأبريل من العام الماضي متخطية مستويات 100 مليون دولار شهريا.

وزادت تلك التدفقات إلى الأسهم الكويتية العام الماضي بنحو 500% عن التدفقات في عام 2021 حين بلغ إجمالي صافي الاستثمارات الأجنبية طوال العام نحو 150 مليون دينار (495 مليون دولار)، وكانت أسعار النفط قد تداولات حول مستويات 60 -70 دولارا للبرميل خلال العام 2021.

وعلى المستوى الشهري، يرتبط حجم التدفقات وزيادتها بالمقارنة على أساس شهري بتغيرات أسعار النفط أيضا ما يؤكد مراقبة المستثمرين لتغيرات الأسعار وتوقعاتها.

ويمثل ذلك الارتباط أمرا طبيعيا تعكسه المؤشرات الاقتصادية، حيث يهيمن النفط على النشاط الاقتصادي في الكويت. وتظهر بيانات الميزانية العامة للدولة مساهمة الإيرادات النفطية بأكثر من 89% من إجمالي الإيرادات الحكومية.

ويؤثر ارتفاع وانخفاض أسعار النفط على حجم الإنفاق الاستثماري الحكومي الذي يحتاج إلى وفورات مالية كبيرة في ظل هيمنة الإنفاق الجاري (المصروفات الحكومية على الرواتب والدعوم) على أكثر من 90% من الإنفاق الإجمالي.

بينما يستحوذ الإنفاق الاستثماري على 9.5%، وفقا للموازنة التقديرية للعام المالي 2023/2024، والتي تعد أكبر ميزانيات الكويت تاريخيا من حيث الإنفاق وتم وضعها وسط بيئة متفائلة بارتفاع أسعار النفط.

وفي حالة تراجع أسعار النفط، تتجه الدولة تاريخيا إلى الحد من الإنفاق الاستثماري وبالتالي تتباطأ وتيرة ترسية المشروعات التي وصفتها أبحاث بنك الكويت الوطني بأنها المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في البلاد وتؤثر بشكل مباشر على كل القطاعات الاقتصادية وأداء الشركات وحجم الائتمان وبالتالي أداء القطاع المصرفي.

ولذلك يبقى أداء الشركات الكويتية المدرجة في البورصة على صعيد الأرباح والتوزيعات النقدية والمشروعات والخطط المستقبلية التي تمثل ركائز أساسية لقرار المستثمر في شراء أو بيع الأسهم مرتبطا في الأساس بأسعار النفط التي تحدد توجهات الدولة في الإنفاق وانعكاسات ذلك على البيئة التشغيلية لكل المؤسسات المالية والشركات التشغيلية.

ولكنه من المتوقع أن تشهد أسعار النفط انتعاشة كبيرة خلال العام الحالي والمقبل، وذلك بدعم من تخفيضات تحالف أوپيك+ لإنتاج النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا بداية من يناير 2024، بالاضافة الى الخفض الطوعية الذي التزمت به كل الدول بقيادة المملكة العربية السعودية، والتي أعلنت عن خفض طوعي إضافي يبلغ مليون برميل خلال شهري يوليو المقبل، قابلة للتمديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى