اقتصاد دولي

كيف يؤثر دمج «كريدي سويس» المنهار في وضع «يو بي أس»؟

أعلن بنك «يو بي أس»، أكبر البنوك السويسرية، أنه تمكن من جذب 28 مليار دولار إلى وحدة إدارة الثروات في الربع الأول من هذا العام، مشيراً في إفصاحه المالي، الثلاثاء، إلى ما يفيد بأن ذلك يعود في جزء منه إلى الاستفادة من دمج بنك «كريدي سويس» معه بغرض إنقاذه الشهر الماضي.
وكان البنك المتعثر قد أعلن في إفصاح المالي، أمس الإثنين، عن هرب أموال تقارب 69 مليار دولار، خصوصاً من وحدة إدارة الثروات فيه. ويبدو أن معظم المستثمرين من الأثرياء الذين سحبوا أموالهم من «كريدي سويس» أودعوها في «يو بي أس»، خصوصاً في وحدات إدارة الثروات وإدارة الأصول.
وجاء في بيان إفصاح «يو بي أس» أن ما يصل إلى سبعة مليارات دولار دخلت في وحدة الثروات في البنك بعد صفقة إنقاذ «كريدي سويس» التي فرضتها السلطات السويسرية لإنقاذ الأخير من الانهيار، كما أن وحدة إدارة الأصول استطاعت جذب ما يصل إلى 14 مليار دولار في الربع الأول، بينما أضافت الأصول الأخرى ذات العائد نحو ثمانية مليارات دولار من الرسوم والأتعاب.
مع ذلك، أعلن «يو بي أس» عن أرباح ربع سنوية في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام بمقدار واحد مليار دولار، وهي أقل من توقعات السوق والمحللين، وذلك بسبب التأثير السلبي لصفقة دمج «كريدي سويس» فيه بالأساس. وتقل أرباح البنك عن نظيرتها قبل عام بأكثر من النصف «أقل بنسبة 52 في المئة عن أرباح الربع الأول من العام الماضي».
الإفصاح الأخير
في آخر إفصاح له كبنك مستقل بعد 167 عاماً، هي عمر المصرف السويسري، أعلن بنك «كريدي سويس»، أمس الإثنين، أن إجمالي خروج رأس المال منه في الربع الأول من هذا العام بلغ 61.2 مليار فرنك سويسري (68.6 مليار دولار)، مشيراً إلى أن عمليات سحب العملاء لأموالهم زادت وتيرتها بشدة في النصف الثاني من شهر مارس (آذار) الماضي، قبل تدخل السلطات السويسرية لإنقاذ المصرف من الانهيار بدمجه مع بنك «يو بي أس» في صفقة بقيمة ثلاثة مليارات فرنك سويسري (3.25 مليار دولار).
وأعلن البنك في إفصاحه المالي ربع السنوي الأخير عن خسائر ما قبل الضرائب للربع الأول عند 1.3 مليار فرنك سويسري (1.5 مليار دولار)، وعن عائدات بقيمة 12.4 مليار فرنك سويسري (14 مليار دولار)، لكن تلك العائدات في معظمها نتيجة إلغاء السلطات المالية السويسرية سندات دين البنك من الفئة الأولى بقيمة 15 مليار فرنك سويسري (17 مليار دولار) ضمن صفقة الاندماج نهاية الشهر الماضي. ورفع المستثمرون الحاملون لتلك السندات قضايا على هيئة تنظيم عمل البنوك السويسرية (فينما)، خصوصاً في الولايات المتحدة، ويتوقع المحللون ألا تكون هذه الدعوى القضائية الوحيدة ضد البنك السويسري والسلطات المالية السويسرية، وأن تتبعها دعاوى أخرى، بحسب ما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز»، أمس الإثنين.
مشكلة الدمج
تشكل الدعاوى القضائية الحالية والمتوقعة والخسائر المعلن عنها ضغطاً على بنك «يو بي أس» الذي دمج البنك المنهار معه، ومن المتوقع أن تكتمل الصفقة التي تواجه صعوبات إجرائية وقانونية، في غضون عام، أما استيعاب «يو بي أس» لكل علميات بنك «كريدي سويس» بما في ذلك أصوله والتزاماته وعملياته، فقد يستغرق بضع سنوات.
وكانت السطات السويسرية قد سارعت بترتيب عملية الدمج القسري في أعقاب موجة انهيارات البنوك في الولايات المتحدة، خصوصاً «بنك وادي السيليكون» خشية امتداد عدوى الانهيارات في القطاع المصرفي إلى أوروبا
ضربة جديدة لوادي السيليكون بعد مقتل أحد أهم قياديي التكنولوجيا
وتمثل الأموال المسحوبة من البنك السويسري نحو خمسة في المئة من إجمالي الثروات التي يديرها طبقاً لأرقام نهاية العام الماضي، وشكلت رؤوس الأموال التي تم سحبها نسبة 57 في المئة من أصول وحدة إدارة الثروات في البنك خلال الربع الأول من هذا العام.
ويقول المحلل في «مورنينغ ستار إكويتي» جوان شولتز في مذكرة للعملاء، الإثنين، إن «هرب الأموال في الربع الأول من هذا العام يعد أفضل ما حدث في الربع الرابع والأخير من عام 2022، حين بلغ إجمالي السحب من البنك 111 مليار فرنك سويسري (125 مليار دولار)» وأضاف شولتز في مذكرته أن «سحب العملاء في وحدة إدارة الثروات تسعة في المئة من الأصول، بينما سحب العملاء من فروع التجزئة بنسبة واحد في المئة والسحب من وحدة إدارة الأصول بنسبة ثلاثة في المئة لم يشر إليها بوضوح (في الإفصاح المالي للبنك)، وإجمالاً انخفضت إيداعات العملاء بنسبة 29 في المئة في الربع الأول من هذا العام».
الدمج سيزيد الضغط
وبما أن الخسائر الأكبر كانت لوحدة إدارة الثروات في البنك، فإن الدمج سيزيد الضغط على بنك «يو بي أس» الذي يمكن أن يخسر بعضاً من عملائه الأثرياء أيضاً.
وتنقل الـ»فايننشال تايمز» عن المحلل المالي في «كييف وبرويت وودز» توماس هاليت قوله «مدى ونطاق الخسائر وهرب الأموال يثير الانزعاج»، متوقعاً أن تشهد مزيداً ببساطة، حتى لو تمكن «يو بي أس» من تحمل ثمانية مليارات فرنك سويسري (تسعة مليارات دولار) من كلفة صفقة الدمج بحلول عام 2027، مشيراً إلى أن «تقديرات العائدات المتوقعة تضررت بالفعل بالقدر الذي يجعلها مصدر خطر على (يو بي أس) ما لم تتم عملية إعادة هيكلة واسعة».
ويعزز ذلك الرأي ما جاء في البيان المصاحب للإفصاح المالي لبنك «كريدي سويس»، أمس الإثنين، إذ ذكر أنه «في ضوء الإعلان عن صفقة الدمج والتأثير السلبي في العائدات من انكشاف المجموعة وخروجها من العمليات غير الأساسية وكلفة إعادة الهيكلة وكلفة التمويل والاقتراض، فإن «كريدي سويس» يتوقع أن يسجل البنك الاستثماري والمجموعة ككل خسائر كبيرة قبل الضرائب في الربع الثاني من هذا العام».
وتنتظر الأسواق إعلان بنك «يو بي أس» عن بياناته المالية للربع الأول، الثلاثاء، إذ سيظهر التأثير الأولي لصفقة دمج «كريدي سويس» المتعثر فيه نهاية الشهر الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى