مختارات اقتصادية

ما مقومات الاقتصادات القوية؟

– يسهل تقييم الدول القومية من حيث “قوتها” الاقتصادية.

 

– كان الكاتب الاقتصادي الشهير “ديفيد سكيلينغ” David Skilling قد طور نهجاً يحاكي المؤشرات لقياس قوة البلدان  الاقتصادية.

 

– يوضح نهج “سكيلنغ” العوامل التي يجب أن تُركز عليها الدولة حتى تكون قوية، بمعنى أنها لا تقع عادة ضحية لانحسار وتدفق الاقتصاد العالمي وضغوط الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية.

 

– لا تعني القوة في هذا السياق بالضرورة القوة العسكرية أو الناتج المحلي الإجمالي الكبير، لكنها بالأحرى تعني من بين القيم الأخرى القدرة على تحفيز التنمية البشرية، والصمود أمام الصدمات الاقتصادية، وإقامة مجتمع مستقر.

 

– يمتد أيضًا مفهوم قوة البلد عن مجرد كونه مجموعة من السياسات؛ بل يتضمن العقلية أو الثقافة السياسية الواضحة كالتي تمثلها بلدان مثل سنغافورة وسويسرا، والتي تدرك تمامًا التأثير المحتمل الذي يمكن أن تحدثه القوى الخارجية على مجتمعاتها كالهجرة والتقلبات في أسعار العملات والتجارة العالمية.

– أظهرت بعض المشاريع البحثية التي شارك فيها عدد من الدول الصغيرة المتقدمة نتيجة هامة، وهي أن البلدان التي تُسجل نتائج جيدة على مقياس قوة البلد تحكمها أيضًا العولمة.

 

– واللافت للنظر أن تلك الدول الصغيرة المتقدمة تسجل أيضًا نتائج جيدة في العديد من المعايير الأخرى مثل “البلاد الأكثر ابتكارًا” أو “البلاد الأكثر ازدهارًا”.

 

– معظم البلدان التي تتصدر هذه التصنيفات هي اقتصادات ديناميكية صغيرة (سنغافورة ونيوزيلندا والسويد وسويسرا وفنلندا والنرويج، وذلك على سبيل المثال لا الحصر)، بالإضافة إلى البلدان المتقدمة الأكبر مثل هولندا، وأحيانًا الولايات المتحدة.

 

– تتشارك تلك الدول في دوافعها مثل التعليم وسيادة القانون ونشر التعليم- وهي البنية التحتية غير المادية.

 

– تكثر النواحي التي تتضح خلالها أهمية البنية التحتية غير المادية في رسم مستقبل البلدان مقارنةً بنظيرتها المادية.

 

– البنية التحتية المادية هي البضائع الرأسمالية غير المتداولة التي تساهم بشكل أساسي في إنتاج بضائع وخدمات البنى التحتية المطلوبة لتلبية المتطلبات الاجتماعية الأساسية للوكلاء الاقتصاديين.

 

– أما البنية التحية غير المادية هي الخدمات والمؤسسات التي تحتاجها الدولة لتوفر الاحتياجات الاقتصادية، والصحية، والاجتماعية للسكان.

 

– يمكن أن تكون هذه العوامل سياسية أو قانونية أو اجتماعية واقتصادية.

 

– تشمل العوامل السياسية درجة الاستقرار السياسي أو قوة الإطار المؤسسي.

 

– بينما تحمل العوامل القانونية سيادة القانون والسياسات الضريبية وحماية حقوق الملكية الفكرية والمادية.

 

– تتضمن الأمثلة على العوامل الاجتماعية والاقتصادية قدرات البحث والتطوير أو العمليات التجارية أو تدريب الموظفين وتعليمهم.

 

– هناك خمس ركائز محددة للبنية التحتية غير المادية: التعليم والرعاية الصحية والتمويل والخدمات التجارية والتكنولوجيا.

 

– هذا الإطار هو العامل الأساسي للصمود في عالم مضطرب، حيث تُعد الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي أهم هدفين سياسيين.

 

 

– ما يُحير السياسيين هو أن بناء البنية التحتية غير المادية يستغرق وقتًا طويلاً (لا يمكنهم تحقيق مكاسب قصيرة الأجل)، وهذا بدوره يعلق أهمية قصوى على وجود مؤسسات ذات كفاءة عالية وخدمة مدنية يمكنها إطالة أمد تنفيذ خطط التنمية الوطنية.

 

– لهذا السبب، نجحت بعض الدول غير أو جزئية الديمقراطية في تطوير “قوة البلد” (مثل كوريا الجنوبية في الثمانينيات والتسعينيات).

 

– هناك أيضًا علاقة جيدة طويلة الأجل بين نمو وجودة البنية التحتية غير المادية لبلد ما، والتغيرات الحادة في “قوة البلد” بما لها من تبعات على الأداء الاقتصادي.

 

– تركيا هي المثال الواضح لبلد جرى داخلها تبديد للتحسينات الهيكلية في المؤسسات، حيث ترسخ الفساد العميق وتم إبعاد العديد من الأفراد من مؤسسات هذا النظام (المعلمين والقضاة وضباط الجيش).

 

– من المهم أيضًا قياس تحرك دولة مثل المملكة المتحدة، والتي تُظهر أداءً مؤسسيًا واقتصاديًا ضعيفًا على عدة أصعدة.

 

– والدليل على ذلك ما أظهره مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية مطلع العام الجاري، حيث هبط تصنيف المملكة المتحدة هبوطًا حادًا، إلى أدنى مستوى له منذ عام 2012.

 

– بالنظر إلى إضعاف المؤسسات، وتقويض موظفي الخدمة المدنية، والانخفاض الكبير في الإنفاق على البنية التحتية الاجتماعية، ينكشف المنحنى الخطير الذي تسير فيه المملكة المتحدة.

 

المصدر: فوربس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى