مختارات اقتصادية

من خطر نقص المعروض لمخاوف التخمة .. كيف تغير الوضع في سوق النفط؟

يمر سوق النفط العالمي في الفترة الأخيرة بحالة من عدم اليقين، مع تصاعد القلق بشأن وضع الاقتصاد العالمي وآفاق السياسة النقدية.

 

ورغم حالة التفاؤل التي سادت أوساط المتعاملين في سوق النفط في بداية شهر يونيو بعد قرار مجموعة “أوبك بلس” بتمديد اتفاق خفض الإنتاج، فإن عوامل على جانب الطلب فرضت ضغوطاً هبوطية جديدة على السوق.

 

وتنتظر الأسواق وضوح الرؤية بشأن خطط البنوك المركزية الكبرى في معركتها ضد التضخم لتحديد اتجاه الاقتصاد العالمي ومستقبل الطلب على النفط.

 

خفض جديد للإنتاج

 

أعلنت مجموعة “أوبك بلس” في الرابع من شهر يونيو تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط حتى نهاية عام 2024.

 

المجموعة التي تضم أعضاء في “أوبك” ومنتجين من خارجها تنفذ بالفعل خفضًا في إنتاج الخام بنحو 3.66 مليون برميل يومياً منذ شهر أبريل الماضي.

 

“أوبك بلس” حددت في اجتماعها الأخير مستهدفاً لإنتاج النفط في عام 2024 عند 40.46 مليون برميل يومياً، ما يمثل هبوطاً بحوالي 1.4 مليون برميل يوميا عن المستهدف الحالي.

 

السعودية من جانبها، أعلنت خفضًا طوعياً إضافياً لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً في شهر يوليو، لدعم استقرار سوق الخام.

 

زيادات من دول أخرى

 

اصطدمت حالة التفاؤل بشأن قرارات “أوبك بلس” ببيانات أظهرت ارتفاع إمدادات النفط من جانب دول أخرى.

 

استمرت قوة الصادرات الروسية من النفط في الأشهر الأخيرة، رغم تعهدات موسكو بخفض إنتاج الخام 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري.

 

بلغت الصادرات الروسية من النفط متوسط 7.8 مليون برميل يومياً في شهر مايو الماضي، وهو نفس المستوى تقريباً المسجل قبل عام، وبعد أن وصلت إلى 8.3 مليون برميل في أبريل.

 

كما تواصل إيران زيادة صادراتها من النفط الخام، حيث تجاوزت 1.5 مليون برميل يومياً في مايو، وهو أعلى مستوى منذ عام 2018.

 

توقع بنك “جولدمان ساكس” زيادة إمدادات النفط بمقدار 800 ألف برميل يومياً من جانب روسيا وإيران وفنزويلا مجتمعين.

 

 

مخاوف على جانب الطلب

 

بالرغم من الصورة التي تميل نحو الإيجابية على جانب العرض في سوق النفط، فإن المخاوف تصاعدت فيما يتعلق بالطلب على الخام.

 

أعلنت الصين بيانات مخيبة للآمال تتعلق بالإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في شهر مايو الماضي، ما أثار القلق بشأن بطء تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم من تداعيات وباء “كورونا”.

 

خفض عدد من البنوك الكبرى التوقعات لنمو اقتصاد الصين في العام الحالي بعد البيانات الضعيفة.

 

قلص بنك الاستثمار الياباني “نومورا”  توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين إلى 5.1% هذا العام من 5.5% سابقًا.

 

كما خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تقديراتها لنمو اقتصاد الصين من 5.5% إلى 5.2% هذا العام، وقلص “جولدمان ساكس” توقعاته إلى 5.4% من 6% سابقًا.

 

وساهم استمرار السياسة النقدية المتشددة من جانب البنوك المركزية الكبرى حول العالم، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في زيادة القلق حيال آفاق الاقتصاد العالمي.

 

ورفع بنك إنجلترا معدلات الفائدة بأكثر من التوقعات في اجتماعه الأخير، بينما أشار الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي إلى استمرار رفع الفائدة هذا العام للسيطرة على التضخم.

 

يهدد التشديد النقدي للبنوك المركزية بوضع ضغوط هبوطية على النشاط الاقتصادي، ما يؤثر بالتبعية على الطلب على النفط.

 

 

تقلبات وخسائر

 

سجل خام برنت القياسي في يونيو أول مكاسب شهرية هذا العام، بينما حقق نايمكس الأمريكي ثاني مكاسبه الشهرية في 2023.

 

لكن على الصعيد الفصلي، تعرض خام برنت لرابع هبوط فصلي على التوالي، في أطول موجة هبوط منذ بدء رصد السجلات في عام 1988، بعد أن تراجع 5.6% في الربع الثاني.

 

ومنذ بداية العام الحالي، فقد خام برنت نحو 12.2% من قيمته، كما انخفض الخام الأمريكي بحوالي 12% في نفس الفترة.

 

يشير هيكل العقود الآجلة لخام برنت إلى مخاوف بشأن تخمة المعروض من النفط مع القلق بشأن الركود الاقتصادي العالمي.

 

وشهد الأسبوع الأخير من يونيو تجاوز سعر برنت في العقود المستقبلية في الستة أشهر المقبلة لعقد تسليم الشهر التالي للمرة الأولى منذ ديسمبر، في ظاهرة تعرف باسم “الكونتانجو”.

 

 

توقعات متباينة للأسعار

 

تباينت توقعات شركات الأبحاث العالمية بشأن أسعار النفط في الفترة المقبلة، مع تصاعد القلق بشأن آفاق الطلب ورغم خفض الإمدادات من جانب “أوبك بلس”.

 

رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لسعر خام برنت في العامين الجاري والمقبل بنحو 1.1% و12.1% على الترتيب مقارنة بتقديراتها السابقة.

 

بينما خفض “جيه بي مورجان” توقعاته لسعر برنت هذا العام ليصل إلى 81 دولارًا من التقديرات السابقة البالغة 90 دولارًا.

 

كما قلص “جولدمان ساكس” توقعاته لسعر الخام القياسي بنحو 10% عند 86 دولارًا بحلول نهاية العام الحالي من 95 دولارًا سابقًا.

 

وخفض “بنك أوف أمريكا” تقديراته لسعر خام برنت إلى 80 دولارًا في 2023، بهبوط 9% عن توقعاته السابقة.

 

المصادر: أرقام – أوبك – وكالة الطاقة الدولية – رويترز – أويل برايس – كبلر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى